الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايات من التراث قصة شهامة

حكايات من التراث قصة شهامة
14 سبتمبر 2007 23:33
روي أنه لما علم النعمان بن المنذر بغضب كسرى عليه خشي بأسه، فأوصى هانئ بن مسعود وينتهي نسبه الى بكر بن وائل، أنه إذا حدث له شيء أن يجير أبناءه، كما أودعه ماله وخيله وإبله· ثم قتل كسرى النعمان بن المنذر وبعث لعامله إياس بن قُبيصة أن يبعث له بولد النعمان وماله وخيله وإبله، فبعث إياس الى هانئ بن مسعود يعلمه بأمر كسرى، فأبى أن يسلم أي شيء خاص بالنعمان! فكتب إياس بذلك الى كسرى· فانتوى كسرى أن يستأصل بكر بن وائل فلا يبقي منهم أحداً· وكتب الى إياس يأمره بالمسير بمحاربتهم بمن معه من طيء وإياد وغيرهم، كما كتب الى قيس بن مسعود الشيباني المعروف بذي الجدين، وكان عاملاً على سَفَوان، أن يمنع العرب من دخول أطراف السواد ويأمره أن يسير ومن معه لمعونة إياس على حرب بكر بن وائل، ثم عقد كسرى لأحد قواده يسمى الهامرز لواء بجيش قوامه اثنا عشر ألف مقاتل من أبطال أساورته ووجهه لإياس لمعاونته، ثم عقد للقائد هُرْمُز جرابزين، وكان أعظم مرازبته على جيش كجيش الهارمز أو يزيد وأمره أن يوافي إياس بن قبيصة، فسارت الجيوش الى بكر بن وائل وكانوا بمكان يسمى ذا قار، فأحاطت ببكر بن وائل، واجتمع عظماء ابن بكر بن وائل الى هانئ بن مسعود المزدلف وقالوا: إن هذه الجيوش أحدقت بنا من كل ناحية، فماذا ترى؟ قال أرى أن تجعلوا حصونكم سيوفكم ورماحكم، وتوطنوا أنفسكم على الموت! قالوا: نعم، والله لنفعلن· وفي الليل أقبل قيس بن مسعود متسللاً حتى لقي هانئ بن مسعود وقال له: يابن عم، إنه قد حل بكم من الأمر ما ترى· ففرق خيل النعمان وسلاحه في أشداء قومك ليقووا بذلك على القتال فهي مأخوذة لا محالة إن قتلوا، وإن سلموا أمرتهم فردوا عليك، وإياك ثم إياك أن تُخفر ذمتك في تركة النعمان حتى تُقتل ويقتل معك جميع قومك! قال هانئ: أوصيت يابن عم محافظاً فوصلتك رحم وأرجو ألا ترى منا تقصيراً ولا فتوراً· فخرج قيس ذو الجدين مهموماً حزيناً باكياً خائفاً من هلاك قومه حتى أتى إياساً وأخبره أنه مُجمع على قتال قومه حتى لا يجد عليه كسرى فيقتله· فلما أصبح هانئ دعا بخيل وسيوف النعمان ففرقها على أبطال وأشداء قومه· وكانت ستمائة فرس وستمائة درع· وكان ذلك في عام هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة· ومن العجيب أن بكر بن وائل اتفقت على أن تجعل شعارها باسم رسول الله ''محمد يا منصور'' رغم أنهم لم يكونوا قد أسلموا· وعمد رجل من أشراف بني عجل هو حنظلة بن سيار فقطع حُزُم رحالات النساء كلها، وقد أراد بذلك أن يمنع قومه من الهرب إن هُزموا· وبعث إياس بن قبيصة الى بكر بن وائل يخيرهم بين ثلاث: إما أن يسلموا تركة النعمان، وإما أن يسيروا ليلاً في البراري، فيعتل على كسرى أنهم هربوا، فإن رفضوا هذا وذاك فليخرجوا للحرب· فأبوا إلا القتال مهما كانت نتائجه· ووجهوا خمسمائة فارس من أبطالهم بقيادة يزيد بن حارثة اليشكري وأمروهم أن يكمنوا للعجم، ثم زحف الفريقان بعضهم الى بعض ثم تقدم الهامرز ونادى بالفارسية: مَرْدَى آمردى·· فقال يزيد بن حارثة ماذا يقول؟ قالوا يدعو للمبارزة رحلاً لرجل قال: وأبيكم لقد أنصف! ثم خرج فضربه بالسيف على منكبه، فقدّ السيف درعه ووصل الى كتفه فاستأصلها وسقط الهامرز قتيلاً! فألقى الله الرعب في قلوب الفرس واضطربوا، وانتهز العرب ذلك فأعملوا سيوفهم فولى الفرس فرارا ولحق حنظلة بن سيار العجلي بهرمز جرابزين قائد العجم فطعنه فأرداه، ودفع هانئ بن مسعود فرسه فطلب إياس بن قبيصة لولا أن منعه قيس وحال دون قتله· واتبع العجم خمسمائة فارس من بني شيبان يقتلون كل من وجدوه منهم حتى أظلم الليل وكانوا قد قتلوا منهم مقتلة عظيمة· وبلغت هزيمة الفرس كسرى وهو بالمدائن، وبلغ الأمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ''هذا أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم وبي نُصروا''، أي باسمه· أما كسرى فقد أسقط في يده وعانى أشد مراتب الغيظ والقهر ووقعت الولولة والعويل على القتلى في المدائن، فندب كسرى الجنود ووزع عليهم السلاح وأمرهم بمعاودة القتال، وكان في ذلك الوقت قد خرج البطارقة على قيصر الروم فقتلوه، فانشغلت فارس بهذا الأمر ولم يجد كسرى استجابة من قواد الجيش، فتوقف عن حرب بكر بن وائل· وبتلك التضحية الرهيبة استطاع المزدلف أن يفي بالأمانة!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©