نوادر العرب

مر أشعب يوماً برجل يصنع أطباقاً من الخوص ويبيعها، فوقف عليه وقال له: كبر هذا الطبق قدر المستطاع، فاستبشر الرجل وقال له: أتريد شراءه؟ قال: كلا· قال: إذاً ما لك وله وما شأنك بكبره وصغره؟ قال: لعل أحداً يشتريه منك فيهدي إليّ هدية فيه! وسأله سالم بن عبدالله بن عمر رضي الله عنهم قال: يا أشعب، ماذا بلغ من طمعك؟ قال: ما رأيت اثنين يتسارّان، إلا ظننت أنهما يتشاوران في هدية يبعثان بها إليّ! وما نظرت إلى اثنين في جنازة يتحدثان همساً إلا ظننت أنهما يتفقان على أن يجعلا لي شيئاً من تركة ذلك المتوفى! وما زفت عروس إلا كنست بيتي ونظفته وجلست أنتظر عسى أن يغلطوا فيدخلوا بها عندي! وقيل له هل هناك من أهو أشد منك طمعاً؟ قال: نعم· شاة كانت عندي وكانت على سطح المنزل فرأت قوس قزح فظنته حبل علف فحاولت الوصول إليه، فسقطت ودق عنقها! تام الآلات قيل إن عمرو بن معدي كرب كان في مجلسه يحدث الناس، فقال لهم ضمن ما قال: لقيت - في الجاهلية- خالد بن الصقعب فضربته وقتلته وتبين أن خالداً يجلس مع الناس في الحلقة وهو حي يرزق، فقال له أحد الجالسين: إن خالداً موجود معنا! فقال له عمرو: اسكت يا سيئ الأدب! إنما أنت مُحَدَّث، فإما أن تحسن الاستماع وإما أن تُجمل القيام! ومضى في حديثه لم يقطعه·· فقال له الرجل: والله إنك شجاع في الحرب والكذب معاً، قال: كذلك أنا تام الآلات! حكمة قال رجل للأحنف بن قيس وهو في مجلسه: بأي شيء سدت قومك بني تميم، ولست بأكثرهم جوداً، ولا أغناهم مالاً، ولا أشجعهم إقداماً، ولا أجملهم منظرا؟ فهمّ الموجودون به ولكن الأحنف منعهم وأقبل على الرجل وقال له: سدتهم يا أخي بخلاف ما أنت فيه، قال وما هو؟ قال بتركي من أمور الناس ما لا يعنيني، كما عناك من أمري ما لا يعنيك·