الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسراف والتبذير.. يأكلان الموارد والحسنات!

الإسراف والتبذير.. يأكلان الموارد والحسنات!
14 سبتمبر 2007 01:10
الإسراف والتبذير من الآفات الاجتماعية التي ابتليت بها المجتمعات الإسلامية المعاصرة، فقد نجحت الآلة الإعلامية في تشكيل وجدان الناس وتحويلهم الى أداة لا هم لها الا الانفاق والسعي وراء الاستهلاك الترفي واهدار الاموال والثروات بشكل يحمل مخاطر تهدد استقرار الفرد والمجتمع، وتبتعد عن مبادئ الاسلام ومنهجه القويم في ذم الاسراف والتبذير والحض على الاعتدال والوسطية في السلوك، فلا شك أن الإسراف والتبذير·· يأكلان المواردَ والحسناتِ! وعن مظاهر الإسراف والتبذير يقول الدكتور يوسف ابراهيم -استاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الازهر-: هناك تصرفات وسلوكيات تتزايد في مجتمعاتنا تعبر عن الاتجاه الى سيطرة المادية رغم ان هذا يتعارض مع اسلامنا، ويبدو هذا في استشراء سلوكيات الاسراف والتبذير في الاستهلاك المظهري والامور الترفيهية مثل الحفلات والافراح واقتناء السيارات والملابس والجري وراء الموضات وإهدار الاموال في اقامة الولائم حباً للظهور والتفاخر وجرياً وراء الشهرة ولفت الانظار، وهناك استغراق الأسر في شراء المأكل والمشرب بما يفوق الحاجة ولا يراعي الامكانات الاقتصادية· ويشير د· يوسف ابراهيم الى أن عامل التقليد والرغبة في مسايرة الآخر خاصة الاثرياء والمشهورين يتحكم في تصرفات قطاع كبير من المجتمعات العربية والاسلامية، الامر الذي يدفع للانفاق بلا ضابط وبما يفوق الطاقة اعتماداً على الاقتراض والاستدانة ومد اليد للمؤسسات المالية المتخصصة في التسليف· السلوك الرشيد وأكد أن المسلم مطالب بانتهاج السلوك الاقتصادي الرشيد الذي يضمن له الاستقرار والتقدم الاسري والاجتماعي، ومطالب بالتعرف على حقيقة دخله وما يكسبه بدقة وتحديد احتياجاته والتزاماته وتكلفتها، ويكون الامر في الحدود الطبيعية والمقبولة مع الادخار والتحسب للظروف والمستجدات وزيادة الاعباء الناتجة عن زيادة احتياجات الابناء التعليمية، والمسلم مطالب بانفاق ماله في الطاعة، لانه سوف يسأل عن هذا المال، وعليه ان يتجنب اهداره على المعصية والمحرمات التي تبعده عن منهج الاسلام وتضره مادياً وصحياً وتؤدي الى تعطيل المال والثروات عن اداء وظيفتها والانتفاع بقيمتها في النهوض الذاتي والمجتمعي· وقال الدكتور محمد شوقي الفنجري -المفكر الإسلامي المعروف-: إن الاسلام جاء بمنهج كامل للحياة ويهتم بالجانبين المادي والمعيشي في حياة البشر بقدر ما يُعنى بالجانبين الروحي والعَقَدِي· واهتم الاسلام بقضية الثروة واكتساب المال وانفاقه ووضع الضوابط الواقعية والاخلاقية العادلة التي تحمي الفرد والمجتمع من ويلات المادية والاسراف وتحكُّم الاهواء والشهوات· وأكد الاسلام في آيات القرآن الكريم أن المال مال الله، وأن الخلق جميعاً مستخلفون فيه أي في انفاقه وفق الضوابط الشرعية، وذلك مثل قوله سبحانه: وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ''الحديد ،''7 ومفهوم الاستخلاف يعني ما يشبه الوكالة عن الله منزل الرزق المالك الاصلي للمال، وواجب الوكيل ان يلتزم أمر موكله، وفي آيات القرآن مجموعة الاحكام التي يجب التزامها في التعامل مع المال، وهي تمثل اطاراً اخلاقياً يضع المال في وضعه الصحيح باعتباره خادماً للانسان لا سيداً له· ويستكمل رأيه قائلاً: المال في الاسلام ليس غاية، وإنما وسيلة لراحة الانسان وسعادته ليكون خليفة الله في أرضه، وقد رأينا كيف أنه في المجتمعات الحديثة حين جعلت الرخاء الاقتصادي هدفها الاساسي- إن لم يكن مطلبها الوحيد- انزلقت الى المادية أو طغت عليها الماديات، واستتبع ذلك نشوء علاقات سياسية واخلاقية مادية أشقت الانسان، واصبحت تهدد الوجود البشري، والاسلام يأمر بضرورة التوازن في الانفاق بين الاسراف والتبذير، وقال تعالى: وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين{ الأعراف الآية ·31 أزمات حادة وعن موقف الشرع من الاسراف والتبذير يقول الدكتور حسين شحاتة -الاستاذ بجامعة الازهر والخبير الاقتصادي المعروف-: إن المنهج الاسلامي يرفض الإسراف والمسرفين، فالإسراف هو مجاوزة الحد، والاسراف في الانفاق يحمل معنى التبذير، والانسان المسلم يتعب ويكد ليكسب المال من حلال، ثم ينفق هذا المال بطريقة تتفق مع شرع الله تعالى، ويتعامل معه وفق المنهج الاسلامي، فلا يسرف، لأن هذا منهي عنه حتى لا يثير ذلك حسد الحاسدين وحقد الحاقدين من الفقراء والمحرومين، ويدخل المجتمع في مشكلات اجتماعية تهدد أمنه واستقراره، والمولى سبحانه يقول: وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً وكنا نحن الوارثين{ ''القصص ·''58 ويقول الدكتور محمد كمال إمام -استاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الاسكندرية-: الانسان المسلم مطالب بعدم الانسياق وراء الانفاق الاستهلاكي الترفي، لأن هذا مذموم شرعاً، ويتعارض مع منهج الاسلام الذي يأمر بالاعتدال والوسطية في كل شيء، فلا يجوز للمسلم أن يهدر ماله وثرواته على الماديات غير الضرورية او التي لا يتوقف عليها معاشه وحياته· ولا يجوز أن يجري وراء المظاهر او المستحدثات وما تعرضه الاعلانات من منتجات قد تفوق طاقته وترهق ميزانيته وتدخله في دوامة تغرقه في صعوبات ومشكلات تلهيه عن اداء رسالته والقيام بمسؤولياته نحو ضوابط التوازن بين دخل الانسان وكسبه وما ينفقه يجنبه مشكلاتٍ كثيرةً تبدد طاقته وتشغله عن تنمية ذاته وتطوير قدراته وتجعله يستغرق في علاج الآثار السلبية الناتجة عن الاختلال الذي صنعه بالتبذير والاسراف، وينبغي الابتعاد عن الترف والانفاق المظهري· حدد القرآن الكريم الضوابط التي استخلصها الفقهاء، وهي كفيلة بحماية الفرد والمجتمع وهي: الإنفاق بالحلال، والاعتدال في الانفاق، والالتزام بالأولويات الإسلامية، فالضروريات، ثم الحاجيات، ثم التحسينيات، والادخار واخراج الزكاة، وغير ذلك من اعمال الخير والطاعات·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©