اللهم أعز الإسلام

كنت أمس في ''المول'' أنا وابنتي الصغيرة ذات الأعوام الثلاثة وقد وضعتها في عربة التسوق التي أدفعها أمامي نتسوق لشهر رمضان، عندما اقتربت مني سيدة كبيرة في عمر جدتي، قالت متنهدة: إيه ذهب الإسلام، وصرنا نتشبه بكونداليزا رايس، الإسلام بدأ غريبا وعاد غريبا· وصرت أجاريها، وأتنهد مثلها، مؤمناً على كلامها، وأهز رأسي إشفاقا على الإسلام وضياعه في زمن أميركا والعولمة·· وقلت اللهم: أعز الإسلام· غير أنني اكتشفت أن كل ذلك بسبب لباس طفلتي الصغيرة، إنها تؤنبني وتلومني على لباس ابنتي الذي أظهر كتفيها الصغيرين· وتنبهت وكأن أحداً لطمني صفعة قوية على وجهي، وقلت إنها صغيرة يا خالتي، قالت: العلم في الصغر كالنقش على الحجر· والواقع أنني انسحبت سريعا من المكان الى أن تمكنت من الهرب بعد أن تواريت عن أنظار العجوز، تاركاً العربة بما حملت وذهبت الى أبعد فروع الجمعية التعاونية لأكمل التبضع، متلفتاً يمنة ويسرة كي لا تراني السيدة العجوز وتقرعني مرة أخرى· واشتريت لابنتي حجابا ولباسا يستر كتفيها خشية أن يهاجمني أحد مرة أخرى·· ثم فكرت أنه من الأفضل ألا اصطحبها معي الى ''السوبر ماركت'' مرة أخرى وأكتفي باصطحابها الى منطقة الألعاب· لن أعلق كثيراً على ما قالته السيدة العجوز خشية أن يهاجمني كثيرون، غير أنني ربما -وأقول ربما، تحسباً لمن لا يعجبه قولي فليعتبر كأنه لم يكن- أقول: اتقوا الله يا عباد الله، فالدين الحنيف دين السماحة واليسر، وأمة الإسلام اليوم -وفي عصر العولمة وعصر أميركا- قادرة على العيش والتعايش في بحر متلاطم بالثقافات المتعددة والمتنوعة والتأقلم مع الظروف المحيطة دون أن يؤثر ذلك على روحها وعلى جذورها الراسخة، بل إنها قادرة على التأثير في ثقافات الآخرين، وهذا واضح بالدليل القاطع، فانظروا حولكم لتروا تأثير ثقافة الصيام على غير المسلمين من المقيمين بيننا، إننا لا نعيش منعزلين، إننا نعيش في عالم متغير، والتغير سنة كونية·· وسبحان من لا يتغير·· ويبدو أنني انجرفت الى بحر التنظير فاعذروني، اللهم إني صائم·