الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

يــومٌ من أيــّام

14 سبتمبر 2007 00:50
استيقظُ فجراً، أفتح باب الدار على مصراعيه في شوق حميميٍّ إلى ضوئي النهار والشمس لأجعلهما أول ضيوفي في كل صباح· منذ صباي تعوَّدت أن أغرف بعض ماء لأرشُّه عند عتبة الدار، هكذا كانت أمي تفعل وعمتي رحمها الله أيضاً في صباح كل نهار، وتراني أفعل ذلك استحضاراً لعادات الأهل واستذكاراً لحضورهم الدائم· فرح باسم يغمرني عندما أرى الماء يندِّي إسفلت عتبة الدار، فيشتاق جسمي لماء، فأدخل حمامي الصباحي لأُناكد به بقايا نعاسي· بعدها أجد طنجرة غلي الماء بانتظاري لأعدّ فطوري، لكن زملائي في الجريدة؛ كالعجوز الناعم عدنان عضيمة، والجزائري الرشيق خالد بن ققة، يكسران نظام فطوري المعتاد لنلتقي مع فطور نجتمع عليه برفقة الخبز الأفغاني الذي يذكِّر بن ققة بأرغفة خبز أمه والزعتر الفلسطيني وزيت الزيتون السوري والجبن الفرنسي الذي يعشقه ابن عضيمة أيما عشق متحدياً بها كل نظريات الكلسترول· لكن الفطور مع الزملاء، وعلى الرغم من إلفته النادرة، لا يكون يومياً، إنما حسب متطلَّبات صباحات الأيام· قبل الخروج من المنزل إلى العمل، أتابع ما وردني من مكالمات ورسائل في هاتفي الجوال، إنها أيقونات يومية تلك التي تصل إليَّ من أصدقاء وبعض الأهل عندما أخلد إلى نومي بعد العاشرة من مساء كل يوم· وقبل الخروج إلى العمل أيضاً أحمل معي ورقتي اليومية التي أُدوِّن بها بعض المتطلَّبات والأفكار والتصوُّرات التي احتاجها إما في حياتي اليومية أو في بحوثي· قراءة صحيفة الاتحاد، ومن ثم البيان، فالخليج والإمارات اليوم، أتابع ملفات العراق ولبنان وفلسطين والسودان وأفغانستان في الصحافة الورقية، لكن الصحافة الإلكترونية تزودني بمعلومات إضافية· وبالتالي عليَّ متابعة الرسائل الإلكترونية التي ترد إليَّ من كتّاب ومراسلي الجريدة لصفحة ''فكر'' وصفحة ''أدب الرحلة''· يستغرق ذلك مني ساعات عدَّة لتهيئة المقالات للنشر، ومن ثمَّ الاستغراق في البحث عن الصور الأفضل التي تناسب الموضوعات· خمسون دقيقة متواترة أقضيها مع زميلنا خفيف الظل جميل الاستقبال سعيد البادي وحديث عن مجريات العمل في الصفحتين، ''فكر'' و''أدب الرحلة''، ومقترحات عن صفحات جديدة، وأحاديث عن الجاد والجديد في عالم الصحافة· 100 دقيقة من البحث في عوالم الفكر والثقافة والفلسفة في مواقع إلكترونية معنية بهذين الحقلين، تتخللها إجابات عن مكالمات تتوالى عليَّ من أصدقاء المهنة أو من مراسلينا وكتابنا في الاتحاد· بعد الظهر، وبينما تشتد حرارة الصيف اللاهب، أعود أدراجي إلى منزلي لأعدّ طعام الغداء، إنها رحلة مضنية مع الطبيخ، يتبعها تناول الشاي، ومتابعة أربع نشرات أخبار في القنوات: ''العراقية''، و''العربية، و''الجزيرة''، و''الشرقية''· وابتداءً من السابعة مساء أنصرف إلى كتابة البحوث التي هي خلاصي الوحيد للهروب من وحدة العيش المنفرد· تتخللها رنّات هاتفي الجوال وأحاديث مع أصدقاء أو مع الأهل في بغداد أو مع أصدقاء مبدعين في الإمارات وخارجها· في العاشرة ليلاً، يمتص التعب قواي، لكنني انتشي كثيراً بما حققتهُ في نهاري من عمل، والأجمل في ذلك هو ما كتبته خلال نهار كامل، لأبدأ في الصباح التالي نهاري الجديد· rasmad8@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©