الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البراجيل .. «تكنولوجيا» الماضي للتغلب على قسوة البيئة المحلية

البراجيل .. «تكنولوجيا» الماضي للتغلب على قسوة البيئة المحلية
15 فبراير 2014 01:03
خولة علي (دبي) - البراجيل أيقونة تراثية معمارية شيدت بمفردات البيئة المحلية، لتلبي بذلك واقع الحياة وظروفها، التي جعلت منها عنصراً معمارياً مهماً في تفصيل البناء التقليدي المحلي، حيث تتجلى تلك الصروح لتعانق السماء في مشهد يصور مدى سعي الفرد قديماً في ابتكار وسائل للتغلب على قسوة البيئة المحلية، وجعل المساكن أكثر راحة وجمالاً. ففي لوحة تنتصب تلك القطعة البديعة التي تحمل تاج الزخارف والنقوش في زاوية المنازل، لنقف عندها مبهورين بقيمة ووظيفة هذه القطعة في تلطيف الفراغات الداخلية في المنزل، لتكون كوسيلة تبريد آنذاك، فهذه التكنولوجيا البسيطة، تعد مقياساً لتطور الشعوب وتحضرها، ووساماً في صدر التاريخ، ووجه الماضي الذي يتجلى سحراً وجمالاً في المناطق القديمة التي أضحت في قائمة السياحة المحلية. الفراغات الرئيسة وحول هذا العنصر المعماري الذي تتميز به المناطق التراثية القديمة، قال المهندس خالد محمد أحمد يوسف، رئيس قسم تصميم مشاريع التراث العمراني في إدارة التراث ببلدية دبي: إن البراجيل في العمارة التقليدية، تشكل عنصراً معمارياً رئيساً في طابع العمارة، إلى جانب ارتباطها من ناحية التصميم بالفراغات الرئيسة التي بدورها أخذت مواقع مختلفة، مما أدى إلى التنوع في شكل الكتلة المعمارية، وقد لعبت دوراً مهماً في تشكيل الطابع المعماري العام واستخدمت بكفاءة لتوجيه الرياح اللطيفة إلى داخل الفراغات الانتفاعية للمبنى، وشكلت السمة الغالبة لخط السماء بالمدينة القديمة، واستخدمت ملاقف الهواء في الواجهات الخارجية لتجنب عمل فتحات كبيرة فيها، مع ضمان توفير تهوية جيدة داخل الفراغات. وتعد البراجيل عنصراً معمارياً مقتبساً من الحضارات المعمارية المجاورة، وهي وسيلة تقنية تعكس التجاوب بين الإنسان والمحيط ذي الطبيعة الخاصة (الحرارة، الرطوبة..)، وقد استخدمت مع كثافة الهجرة بين سواحل الخليج، ونجح استخدامها على مدى حقب زمنية متعاقبة، وهي كما يقول خالد محمد: تأخذ البراجيل الشكل المنتظم «المربع» كبرج متعامد القطرين، مفتوح من الجهات الأربع، وموقعها عادة أعلى الغرف الرئيسة والمجالس، وتعد مكوناتها المعمارية والجمالية استكمالاً لشكل واجهات المبنى، بل أصبحت تشكل رمزاً للطابع، وعلامة مميزة لخط السماء التقليدي في العمارة التقليدية، وقد وجدت على نوعين حسب طبيعة المبنى، النوع الثابت المبني «المسكن التقليدي»، والمؤقت الخفيف «العريش». التقسيمات الأساسية أما عن عملية وصف مراحل التشييد يوضح يوسف «يتم بناء البراجيل كمرحلة أخيرة من عملية بناء المنزل، كان يبتدئ بناؤها من فوق فتحة في الغرفة، بوضع قطع من الخشب على شكل (X)، والتي تعتبر التقسيمات الأساسية للباراجيل، ومن ثم توضع الأحجار التي تسمى السلافة، وميزتها أنها مرجانية عازلة للحرارة، وبسمك ثلاث بوصات فوق بعضها بعضاً، مع دعم هذه الحوائط كل متر ونصف المتر بأخشاب أفقية. وبعد ارتفاع مترين من قاعدة البراجيل كانت توضع أسياخ لمنع دخول الطيور من الفتحات، وفي النهاية يتم تشطيب البراجيل بالجبس أو الكلس ثم يوضع السقف الذي يعمل على تماسك البراجيل، بالإضافة إلى منع نزول المطر بشكل مباشر إلى الغرفة. وعادة ما تشيد البراجيل في ركن المنزل، حيث يسهل عملها. ثم تأتي مرحلة النقوش والزخارف التي كانت دائما تعبر عن غنى وثراء أهل البيت. ومن حيث الارتفاع عادة ما يصل إلى 15 متراً إذا كان المنزل من طابقين، وإذا كان طابقاً واحداً فيصل الارتفاع إلى 8 أمتار. وقاعدة البراجيل ترتفع عن أرضية الغرفة مترين كأقصى حد. هوية المبنى ووفقاً ما ذكره رئيس قسم تصميم مشاريع التراث العمراني في إدارة التراث ببلدية دبي، فللبراجيل مجموعة من الخصائص والسمات البديعة التي تتميز بها، من خلال إضفاء الإيقاع على الواجهات، ومن ثم تشكيل جمالي يتميز بخصوصية الاختلاف وثراء التشكيل، ويصبح المبنى ذا هوية، بالإضافة إلى عناصره التي تكمل إيقاع الواجهات، أما من حيث المقياس الاجتماعي فهو تعد وسيلة تعبير عن الخلفية الاجتماعية للقاطنين في المسكن، وتتناسب مع عدد البراجيل في المسكن الواحد، ففي بعض المساكن نجد برجيلاً أو أكثر وبتشكيلات مختلفة».وعن كيفية عمل البراجيل، قال: إن الهواء البارد يمر على مستويات عالية فوق المباني من دون النزول إلى المستوى الأرضي، وبالتالي فمهمة البراجيل تغيير مسار الرياح عمودياً للداخل،مما يحقق التوازن المناخي للبيئة الداخلية والخارجية للمسكن بإيجاد حلول لمشكلات البيئة الطبيعية والطقس،وآلية حركة الهواء خلالها، كما تستعمل بعض المواد للتحكم فيها كغلقه شتاءً بوضع القماش الرطب الذي يساعد على تلطيف درجة الحرارة عندما تتخلله نسمات الهواء، كذلك البياض الكلسي المغطى به الحوائط القطرية وإمكاناته في تنقية الهواء من الرطوبة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©