الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المدافع

المدافع
15 ابريل 2009 23:18
بعد احتلال الألمان في العهد النازي لمساحة شاسعة من أوروبا، كان من ضمن تلك المناطق ''بيلا روسيا''؛ وكما روِج كثيرا حول المجازر الألمانية تجاه اليهود تحديدا·· يمعن الجيش الألماني في القتل والتنكيل الجماعي باليهود الروس (الأطفال، النساء، الرجال والشيوخ) قتل بلا أدنى لحظة تردد· هذا شيء مما يسرده فيلم ''Defiance'' الذي يعرض حاليا في دور العرض السينمائي المحلية، ويمكن تصنيف هذا الفيلم ضمن الأفلام الموجهة التي تطرح فكرة اليهودي المسكين المضطهد والمقموع على الدوام·· اليهودي الضحية المستلب حقه في الحياة وأنه كبش الفداء في مسيرة التاريخ، وتبرر في الوقت نفسه العنف اليهودي· لكن هذه الفكرة التي تتحقق من خلال أسرة روسية يهودية، تصطدم بموقفين لشقيقين هما بطلا الفيلم؛ الأول يتبنى منطق القتال، أي الحركة نحو العدو وقتله، بهدف الانتقام عما أحدثه هذا العدو من تصفيه لعائلته والشعب اليهودي· والثاني يتبنى منطق الاستمرار في الوجود ضمن ''الجماعة'' ويأتي على لسانه في سيرة أحداث الفيلم ''بقائنا على قيد الحياة هو انتقامنا'' أي أن استمرارهم في العيش هو التحدي الأكبر أمام العدو وهو الانتقام، مما يدل كذلك عن موقف ينحو نحو السلام· وفي ذلك كله يتبلور الفيلم في دفاع تلك الشخصيتين عن وجودهما ووجود جماعتهما بالتصدي للعدو من خلال الحركة والصمود· لكن موقف المدافع هنا بالرغم من محاولة الفيلم جعله مبررا إلا أنه يسقط أيضا في مستنقع الوحشية بقتله لأبرياء وأناس عزل من السلاح· ففي أحد المشاهد الصارخة عبر التصاعد الدرامي للفيلم وهو إلقاء جماعة مبدأ النضال عن طريق الحفاظ على الوجود، القبض على جندي ألماني، وبعد تجريده من سلاحه تندفع نحوه أطياف ''الجماعة'' اليهودية التي تعيش في معسكرات متنقلة في الغابة، لتحاكمه كفرد يمثل الجيش الألماني كله، فتتهمه امرأة ''أنك قتلت طفلي'' وأخرى ''قتلت أبي'' وآخر ''قتلت أمي'' وما إلى ذلك من اتهامات، ثم ينتهي المشهد ـ المحاكمة ـ والكاميرا تصور من الأعلى انقضاض المجموعة على هذا الجندي بالعصي وأعقاب البنادق منفذة فيه حكم الإعدام، فيما كانت الكاميرا تقول شيئاً آخر· أن هذا المدافع الذي مازال يستعطف العالم بتاريخ من الاضطهاد المشكوك في تقديراته، يداه غير بريئة·· أن هذا المدافع لم يعد يدافع عن بقاء مهدد، بل هو يدافع عن شراسته·· أنه يدافع عن البطش·· ولقد تقمص الدور بإمتياز· وهاهو يستمر في ذلك· هناك أعراق وديانات في التاريخ كانت في موقع المدافع، لكنها انتصرت على جراحها وآلامها وتمكنت من هدم جدار الحماية، وانسجمت داخل واقع جديد، ترسم حياة جديدة يسودها السلام· لكن المدافع في فيلمنا لم يستطع إلى اليوم أن يتصالح مع نفسه، حتى نأمل منه التصالح مع الآخرين· Saad.alhabshi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©