محمد عريقات (عمان)
«منديل أزرق جميل» ليسَ فقط مدخلاً أو مفتاحاً لنصوص المجموعة القصصية الصادرة مؤخراً للكاتب والمفكر الأردني إبراهيم غرايبة، بل هو مقولة المجموعة الرئيسية وكأنه اختزلها في ثلاث كلمات، وليسَ فقط في القصة التي تحملُ العنوان ذاته والتي يبتدئُ بها غرايبة مجموعته إنما في سائرِ القصص وأحداثها يبحث القارئ عن هذا المنديلِ الأزرق.
ينتقلَ هذا البحث إلى حياة كلّ منا الشخصية لمعاينة أزمة الذات في علاقتها بالمجتمع والسلطة، فما أنْ تنتهي من قراءة الكتاب حتى تبدأ بالتساؤلِ والبحث عن منديلك الخاص في مشوار حياتك، عن الأمل الذي يقودك إلى الأمام والدافع وراء استيقاظك صباحاً ومواصلة الطريق الذي لا محالة من بلوغه رغم ما فيه من متاعب، الأمل الذي يخلقه الإنسان أو يتوهمه وليس بالضرورة أن يكون منديلاً، فأشكاله متعددة، إنما بالضرورة لونه أزرق كالصباحات، ومن هنا يبدأ معاينة نفور ذاته أو انسجامها مع البيئة المحيطة.
تضم المجموعة، الصادرة عن دار الألفية ودار سيرين في العاصمة الأردنية عمّان، عدداً من القصص المتداخلة التي كما يوضح المؤلف غرايبة في تصريح خاص لـ «الاتحاد»، تعكس أزمة الفرد العربي في علاقته بذاته وبالمجتمع والسلطة، خاصة فئة من اللامنتمين والمختلفين الذين يلاحظون الوهن والخلل في المنظومة المحيطة بهم، لكن المجموع لا يراها كذلك، فيمضون حياتهم في مواجهة مع الذات.
ويستشهد غرايبة بأحد أبطال قصته التي جاءت بعنوان «سبيل الحوريات»: «لا تعود قادراً أن تكون أنت ولا أن تكون غير أنت، وتكتشف بعد فوات الأوان أنك مخطئ في اختلافك عن الآخرين ومعهم، ولكنه اكتشاف متأخر لا يمكن إصلاحه، فعندما تحاول أن تنتمي إلى المجموع لا تجد لك مكاناً، فلا أنت مستمتع بما أنت عليه ولا أنت قادر على ألا تكون غير ذلك».
ومن الجدير ذكره، أن إبراهيم غرايبة باحث وكاتب صحفي، صدر له عدد من الكتب والدراسات في مجالات الفكر الإسلامي، والعمل الاجتماعي، والتنمية والإصلاح، وفي الأدب أصدر رواية «السراب»، و«الصوت»، و«جزيرة العنقاء» رواية للناشئة.
عدد اليوم
