في المراكز عجائب

إذا أردت أن تجلب الكآبة لنفسك فما عليك إلا التوجه إلى المراكز التجارية الكبرى في نهاية الأسبوع، ستشعر بشعورين متناقضين، ستضحك من كل قلبك وستتألم كثيراً لما ستراه وتشاهده من مناظر لشبابنا· إن تكلمنا عن التسريحات فحدث ولا حرج، فمن الطبيعي أن تشاهد أحدهم قد رسم جزيرة النخلة على رأسه، ومن الطبيعي جدا مشاهدة آخر لا يمكن الاقتراب منه بسبب الأشواك الخارجة من رأسه بفعل تسريحته الشوكية، وربما تمشي بجانب شخص لا يمكن تحديد جنسه إلا من خلال صوته، وطبيعي أن تشاهد فتى أقرب للأنوثة بسبب شعره الذي يصل حتى أسفل ظهره· ومن المألوف أن تشاهد مجموعة شباب ستكتشف بعدها أنهم لا يعرفون إلى أي جنس ينتمون، وليس بغريب إن كانوا في النهاية محسوبين على جنس الإناث، وستشاهد شبابا من الجنسين يصرخون ويتحدثون بصوت عال مثل المجانين، ومن غير المستغرب أن تشاهد أخاك الذي كنت تعتقد أنه قد تربى أحسن تربية يتسكع مع شلة فاسدة لتكتشف بعدها أنه زعيم شلة البنطلونات المرتخية· وفي غمرة هذا الإحساس الفظيع المثير للغثيان قد تستعيد توازنك برؤية قلة من شباب الدولة يشد بهم الظهر·· يلبسون أفضل الملابس ولم يتخل عن الدشداشة والغترة والعقال، وستسعد أكثر بالأولاد الصغار الذين لا ينقصهم إلا البنادق وإلا كانوا قد قلبوا المركز ساحة لليولة· لكن فجأة ينتابك شعوران متناقضان، شعور بالغضب وشعور بالضحك عندما يمر بجانبك شخص يرتدي دشداشة كوكتيل، من الأمام لون ومن الخلف لون آخر، لتشك بأنه هارب من مستشفى الأمل، في هذه اللحظة أمامك حلان لا ثالث لهما، إما أن تهز رأسك من العجب مما رأيت، وتوهم نفسك بأنك لم تر شيئاً، أو تخرج من مركز التسوق قبل أن يصيبك القولون العصبي من حيث لا تدري· المزوحي