السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا وتوفير السلع العالمية

11 سبتمبر 2007 00:46
يتحدث الناس كثيرا في واشنطن هذه الأيام حول انهيار الإجماع الحزبي الذي كان قائما إبان الحرب الباردة بخصوص السياسة الخارجية، غير أنه بغض النظر عن حدة خلافاتِ اليوم حول موضوع العراق وخوض ما يسمى بالحرب على الإرهاب، فإن ثمة فرضية قوية بخصوص السياسة الخارجية تحظى بإجماع الحزبين الرئيسيين، ومؤداها أن الولايات المتحدة ستظل القوة العظمى الوحيدة، وضامنة الأمن والتجارة العالميين في المستقبل المنظور· بعبارة أخرى، فإن القرن الحادي والعشرين، وعلى غرار القرن العشرين، سيكون قرنا أميركيا، وذلك بغض النظر عما قد يتغير خلال العقود المقبلة· تستند هذه الفرضية إلى فكرتين متداخلتين: تتمثل الأولى، في أنه لا يوجد بلد أو تحالف دولي يبدي رغبة حقيقية في تحدي تفوق الولايات المتحدة؛ ويجادل القائلون بهذا الرأي، بأن مصالح الصين إقليميةٌ في معظمها، وبأن الاتحاد الأوروبي منقسم على نفسه، ومتردد جدا أو ضعيف جدا حتى يعيد بناء آلته العسكرية التي كانت هائلة في الماضي· تتمثل الفكرة الثانية، بأن العالم يحتاج إلى الولايات المتحدة ويقدِّر الدور الذي تلعبه، حيث يقال إنه إذا لم تكن ثمة تحديات حقيقية للهيمنة الأميركية حتى الآن، فلأن الولايات المتحدة توفر ما يُطلق عليه بعضُ محللي السياسة الخارجية اسم ''السلعَ العالمية'' على اعتبار أنها تحافظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي في العالم، وتضمن نظاما عالميا رأسماليا ديمقراطيا؛ وبحكم قوتها العسكرية التي لا نظير لها، فإنها تتصرف كشرطي العالم كخيار أخير· وبغض النظر عن إيجابيات هذه الأمور وسلبياتها، فإنه من المهم الإشارة إلى أن هذه الأفكار كثيرا ما ترد على ألسنة المحللين السياسيين والمسؤولين· غير أن الملاحَظ هو أن الإمبراطوريات، من الرومانية إلى الأميركية مرورا بالبريطانية، كانت دائما تبرر قوتها بالتشديد على أنها لا تخدم مصالحها الخاصة فحسب، وإنما المصلحة العامة كذلك· والحال أن ما يُظهره التاريخ هو أن الإمبراطوريات تندثر وأن الهيمنة لا تدوم· كما أن التحديات الاقتصادية التي تواجه الولايات المتحدة توحي على الأقل بأن زمن الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة قد يكون أقصر من ذلك· لقد أظهرت الحرب في العراق حدود القوة العسكرية الأميركية التي يتم التباهي بها، والتي تعد المجال الوحيد الذي من المرجح أن تظل الولايات المتحدة متفوقة فيه لعدة عقود مقبلة· ولأننا نعيش زمنا يتميز بالتهديدات الإرهابية، فإن القوة العسكرية التقليدية تتحول اليوم بسرعة إلى معيار لم يعد صالحا لقياس قوة بلد ما، لا نقصد بذلك القول إن الولايات المتحدة لن تبقى واحدة من أهم القوى الدولية، بل نقصد أن أيامها في الإملاء على الدول باتت معدودة في زمن أصبحت فيه دولةً مثقلة بالديون· مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة تعد القوة العظمى الوحيدة في الوقت الراهن، غير أنه بدلا من خداع أنفسنا والادعاء بأننا سنستمر على هذه الطريق إلى ما لا نهاية، إذ يجدر بالولايات المتحدة أن تنتهج سياسة خارجية ذكية تراعي المصالح الذاتية، تجعلنا نبذل كل ما في وسعنا لصياغة القوانين الدولية، وفق ترتيب أولوياتنا، والتي ستحكم العلاقات بين الدول بعد مرور اللحظة الأميركية· الحال أن الاختيار الحقيقي الذي يواجهنا ليس بين قرن أميركي ثان والفوضى، وإنما بين عالمٍ متعدد القطبية نلعب فيه دورا مهما، وقرن مناوئ للولايات المتحدة· كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©