الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نجوى النحاس: أرسم الواقــع كمـا أراه

نجوى النحاس: أرسم الواقــع كمـا أراه
10 سبتمبر 2007 22:15
الفنانة نجوى النحاس، مربية كبيرة، أمضت عقوداً في تعليم الأطفال ومعايشتهم، ومحاكاة أحلامهم ورؤاهم الجميلة، وهي خريجة (دار المعلمات) في دمشق حيث تأثرت بفنانين كبيرين كانا يدرّسان في الدار، وهما نصير شورى العلم الفني المعروف، وممدوح قشلان· وقد تفرغت فنانتنا للرسم والإنتاج الفني، وأصدرت مخطوطين للأطفال، واستلهمت منهما استخدام مادة الصلصال في تشكيل بعض عناصر اللوحة الفنية· أمضت الفنانة التشكيلية جزءاً كبيراً من عمرها في السعودية، تعمل في التدريس، وحين عادت إلى دمشق كان باكورة نشاطها، معرض حَفِلَ بأربعين عملاً فنياً تألقت بها قاعة العروض في المركز الثقافي العربي، وعلى هامش هذا المعرض تحدثت نجوى بحب وحرارة عن تجربتها في الفن والحياة ومع الأطفال· الطبيعة الأم بتواضع أجابت عن سؤالنا الأول، فقالت: أنا معلمة أهوى الرسم والحياة والأطفال، لذا فإن معرضي يتحدث عن الحياة بكل تفاصيلها الطبيعية· وعن سر تأخرها في إقامة هذا المعرض، أوضحت أن العمل التربوي كان يستأثر بكل وقتها، وعندما عادت إلى دمشق تفرغت للرسم، وبدأت تمارس هذه الهواية المحببة بشكل يومي· وأضافت: قبل ذلك لم أكن أفكر بإقامة معرض، لكن عندما أصبح لدي عدد كبير من اللوحات، وصار أبناء إخوتي يلحون علي كثيراً كي أعرضها، استجبت لهم، وكان هذا المعرض بعد فترة إعداد استغرقت عاماً كاملاً· ولعل ما يميز أعمال نجوى النحاس أنها تستخدم مادة الصلصال في تجسيد بعض عناصر اللوحة كجذوع الأشجار وفروعها والطيور، فتتحول إلى عناصر بارزة، تجعل اللوحة أكثر واقعية وتعبيراً عن الطبيعة· وهذا هو سر تعلق الأطفال بأعمالها الفنية، تقول: إنني أستخدم الصلصال في كثير من اللوحات، وهي المادة التي يستخدمها الأطفال، لذا فإنهم يدهشون من أنني أصنع لوحة بالصلصال، وهو ما يؤثر فيهم جداً، ويلهمهم حماسة نحو الرسم· اختارت نجوى النحاس لمعرضها الأول في دمشق عنوان (الحياة)، لأنها تشعر أن لوحاتها جميعاً تشبه الطبيعة والحياة، وهي تركز بشكل خاص على الشجرة، لأنها تعبر بصدق عن الحياة وتحولاتها في الفصول الأربعة، وهي تتعامل مع الطبيعة بعفوية وإحساس كبير، لأن الطبيعة هي الأم، وأصل الحياة· تقول: أنا أشعر بفرح عندما أرسم منظراً طبيعياً جميلاً، فكأنني أصوغه من روحي، وأفرغ فيه كل طاقتي وإحساسي بالحياة· الجمال والبهجة هناك رسالة تحملها لوحاتها إلى المتلقين، وهي أن علينا أن نلتفت إلى جمال الطبيعة، التي ابتعدنا عنها بحياتنا في الزحام وداخل المدن، ونحن نستطيع أن نصنع الجمال، ونستطيع أن نغير الواقع، ونستبدل القبح بالجمال، ونجمّل العالم من حولنا· ولهذا فإن نجوى لا ترسم الطبيعة بشكل تسجيلي، وإنما تمنحها لمسات خاصة، كي تعبر بخصوصية عن الحزن أو الفرح، وهي تبدع اللوحة، كي تشعر بالبهجة، وبأنها صنعت شيئاً جميلاً· وتتأثر الألوان في أعمالها بحسب المزاج الذي تعيشه، فهي عادة تستخدم الألوان الزيتية الفرحة، وأحياناً تستخدم ألواناً أخرى مغايرة تماماً، وهي تنصرف إلى الرسم أحياناً كي تنسى همومها، فالرسم علاج روحي حقيقي، كما تقول· وعندما تستغرق في اللوحة تفرغ كل أحاسيسها ومشاعرها، وطاقة الحزن المكبوتة في داخلها، لا لتبكي، بل لتصنع الفرح، ولتستبدل القتامة بالألوان المفرحة· يصنف النقاد أسلوب نجوى بأنه انطباعي أقرب إلى الواقعية، ولكنها ترفض حصرها في مدرسة فنية معينة، وتقول: أنا لا أكترث للتصنيفات المدرسية، لأنني أرسم على سجيتي، ولا ألتفت كثيراً لما يقوله النقاد، فهم يعتبرونني انطباعية، وأنا أعتبر أن لي أسلوبي الخاص الذي أبتكره، والذي يعتمد على التجسيد باستخدام الصلصال، وهو أسلوب أحبه، ولن أتخلى عنه· ولا تميل نجوى للتجريد، فهي تعتبره غامضاً ومعقداً، وتعتقد أن المنظر الطبيعي متعة للبصر والنفس، خاصة وأن الجمهور تشده الطبيعة أكثر من التجريد· وهو لا يحب المعقد، الذي يحتاج إلى تفسير لفك رموزه· بل يرغب دائماً بالجميل والمريح والممتع· الواقع كما أراه تعتبر نجوى نفسها هاوية، فهي معلمة تهوى الرسم، لأن الهواية عندها تعبير حقيقي عن الموهبة، فهي ترسم على سجيتها، لا تصور الواقع كما يجب أن يكون، وليس كما هو كائن، بل كما تراه· نجوى تبدو حزينة، وهي ترسم كلما شعرت بالحزن، وتحب من الألوان الأبيض، وكذلك الأزرق والأخضر، وتريد أن تبعث الفرح بين الناس، وفي عيون الأطفال، الذين تعتبرهم أنصارها، فهي تخفي في داخلها أماً حنوناً، تشعر بالسعادة عندما ترى ابتسامة على وجه طفل· وهو ما يمنحها الدافع للاستمرار والإبداع· ولهذا فقد أهدت معرضها الأول إلى الأطفال الذين تعلمهم حب الجمال وتذوق الفن، وتتعلم منهم العطاء والحب والبذل·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©