السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

القرية التراثية تفتح كنوز الماضي لزوار «سلطان بن زايد التراثي»

القرية التراثية تفتح كنوز الماضي لزوار «سلطان بن زايد التراثي»
6 فبراير 2015 22:43
أشرف جمعة (أبوظبي) حظيت القرية التراثية باهتمام وافر من زوار «مهرجان سلطان بن زايد التراثي 2015» المقام حالياً بميدان سباقات الهجن بمدينة سويحان، وينظمه نادي تراث الإمارات، ومركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام، والذي ينتهي أسبوعه الأول، اليوم، وسط إشادة خليجية وعربية ودولية، ورغم أن القرية شكلت حيزاً كبيراً في آخر خيمة المهرجان، فإنها بما تحفل به من مقومات تراثية تعد ذاكرة حية تسافر بالزوار إلى زمن البدايات، حيث عبرت عن شكل الحياة في الماضي، واللافت أن مفرداتها تروي الكثير من طبيعة المجتمع الإماراتي في فصوله الأربعة وحياة أفراده في أحضان الألفة والعلاقات الاجتماعية المتشابكة. وحتى تكتمل المشاهدات اليومية وتمتلئ العين بفيض مقتنيات الماضي القريب، اصطفت مجموعة من السيارات الكلاسيكية التي تترك في النفس ذلك الأثر الجذاب، فيشعر الزائر بعبق الماضي ومن ثم يختبر قدرته على استيعاب شلالات الجمال المتدفق من الزمن الماضي بسياراته العتيقة ونسيج القرية التراثية الذي يجسد القيم الوطنية للموروث الشعبي بكل مفرداته. برنامج القرية أيام «مهرجان سلطان بن زايد التراثي 2015» عرس شعبي يحيي قيم الماضي ومحطة عميقة للذكريات بحسب ما يقول رئيس لجنة القرية التراثية والأنشطة المصاحبة للمهرجان أحمد الحوسني، ويضيف: «إن القرية استقطبت عدداً كبيراً من الزوار في الأسبوع الأول، فضلاً عن أن الضيافة الإماراتية بكرمها المعهود كانت جزءاً رئيسياً من برنامج القرية، إذ إنه على مدار اليوم تقدم الأكلات الشعبية للزوار، واللافت أن الزائر ينتظر حتى يأخذ وجبته الطازجة، خصوصاً أن الماهرات في هذا اللون من الطبخ يصنعن الأطعمة الشعبية بصورة مباشرة أمام الجمهور، وهو ما يؤكد أن المأكولات التي تحمل طابع الموروث الأصيل لا تزال تحتفظ بنكهتها الخاصة لدى الناس». محطة مهمة ويلفت إلى أن القرية التراثية شكلت محطة مهمة لدى الجميع نظراً لأنها تحتوي على مجسمات تشبه مثيلتها في الماضي، وهو ما أسهم في جذب الزوار إليها، علاوة على الكثير من الحرفيات اللاتي يمارسن طوال الوقت عمليات صناعة الملابس التراثية والمشغولات اليدوية والصناعات المختلفة التي تتشكل من الخوص، مشيراً إلى أن الحياة البحرية بزخمها المعروف عنها كانت حاضرة بقوة في جنبات القرية التراثية، حيث المراكب التراثية القديمة وعمليات صناعة شباك الصيد والديين والأدوات التي كانت تستخدم في الصيد قديماً، ومؤكداً أن معروضات البيئة البحرية كان لها أثر جذاب لدى رواد القرية الذين حرصوا على التقاط الصور وهم بجانب موروثات الماضي العريق، بالإضافة إلى صناعة الأواني الفخارية أمام الناس عن طريق بعض الحرفيين الذين يشكلون من الصلصال الأواني والأكواب الكثير من الأشكال الفخارية. الحياة البحرية في واجهة القرية التراثية تراخت شباك الصيد وتدلت الأدوات البحرية من سقف بيت مصنوع من جريد النخيل، وفي داخل هذا البيت القديم كان يجلس يوسف آل علي يصنع الحبال المتينة على النسق القديم، ويقول: «منذ سنوات طوال والحرف البحرية هي بالنسبة لي الماضي والحاضر، وأحرص على صناعتها وإتقانها كونها سجلاً تاريخياً يعبر عن حياة البحر التي كانت ولا تزال بؤرة اهتمام أهل الإمارات». ويضيف أن الحبال التي يعمل على صناعتها بشكل حرفي تسهم في تسهيل عمل الغواصين، إذ كانت تستخدم في الماضي كطريقة تقليدية متعارف عليها بين البحارة، ويرى أن الاستمرار في صناعة الديين الذي يجمع فيه المحار يؤكد أن التراث البحري لا يزال يحتفظ بالأسلوب القديم، ويعبر عن الطرق البسيطة التي كان البحارة يركنون إليها كل يوم في عمليات الصيد والغوص، ويلفت إلى أنه يشعر بالسعادة البالغة لكونه من المشاركين في «مهرجان سلطان بن زايد التراثي» هذا العام. قهوة عربية وبجوار ركن البيئة البحرية في القرية التراثية، كانت جلسات القهوة العربية تجمع الزوار، خاصة من الرجال على مذاقها الأصيل، وتسترجع ذكريات الماضي الأثير، حيث مع ارتشاف القهوة كانت الأحاديث العطرية يتبادلها محبو هذا المشروب الذي يجد له مكاناً واسعاً في قلوب أهل الإمارات. ومن ضمن الذين ضمتهم هذه الجلسة الممتعة في أحضان أكواب القهوة العربية أحمد الحمادي وأحمد الحوسني وسالم المنهالي وسيف الشامسي وجاسم الحمادي، ويبين أحمد الحمادي أن هذه الجلسة اعتاد عليها منذ بداية المهرجان، حيث تعيده مع أصحابه إلى الشكل الحقيقي الذي كان ينتهجه الآباء والأجداد في مجالسهم على الرمال، ومن خلفهم يحيط بهم سياج بسيط مصنوع من جريد النخيل، ومن أمامهم موقد النار الذي يحفر له في الرمال، ومن ثم توضع الدلة التي بداخلها القهوة المطحونة فيحتسي الجميع القهوة على مهل للاستمتاع بتذوقها. بيت العريش وفي بيت العريش كانت عائشة سعيد النعيمي تصنع الفقاعات التي يطلق عليها بعض الزوار «لقيمات»، وتذكر النعيمي أنها تتكون من الطحين والسكر والملح والزعفران، فتكتسب مذاقاً شعبياً أصيلاً، لافتة إلى أن الناس يأتون إليها ليحصلوا على هذا النوع من الطعام الشعبي وينتظرون دورهم واحداً تلو الآخر، مؤكدة أنها تشعر بسعادة بالغة من هذا الإقبال، خصوصاً أنها أفنت سنوات طوال من عمرها في تقديم هذا النوع من الطعام في الكثير من المهرجانات. أدوات الخوص وفي الخيمة المجاورة لبيت العريش والمصنوعة من جريد النخيل، كانت تجلس رابية عتيق 70 عاماً تصنع السرود والمجبة وأدوات عتاد المطية من الخوص، وقد برعت في تقديم أشكال مختلفة، وتلفت إلى أنها ورثت هذه المهنة من أسرتها، خصوصاً أن أعمال الخوص كانت حرفة مهمة في الماضي، إذ إن الأدوات التي كانت تصنع من الخوص على حد قولها استعملت بكثرة في جميع البيوت، إذ إنها متميزة وتحتفظ دائماً بتجددها ونضارتها، فهي كانت ملائمة للبيئة القديمة والحياة البسطة في الماضي. صناعة الفخار صناعة الفخار كان لها حضور مميز في مهرجان «سلطان بن زايد التراثي 2015»، ويرى المستشار التراثي عبدالله القمزي أن الفخار لا يزال يستخدم في هذه الأيام رغم التطور الحضاري الذي غير طبيعة الزمان والمكان، لافتاً إلى أن ركن صناعة الفخار جذب الجمهور، إذ إنه يشاهد بشكل حي كيف يتم تشكيل القطع الفخارية التي تصنع من الصلصال، ويرى بنفسه كيف تأخذ كل قطعة شكلها النهائي عندما تخرج من بين يدي الصانع مثل المزهريات والمداخن والخرس والحب والأكواب والأواني الفخارية الأخرى. سيارات كلاسيكية اصطفت بعض السيارات الكلاسيكية خارج خيمة المهرجان، واستطاعت بأشكالها اللافتة أن تجذب الزوار الذين كانوا يستثمرون وجود هذه السيارات في محاولة اكتشاف أنواعها ومستوى صلاحيتها، ومن ثم التقاط بعض الصور التذكارية ومن ضمن الذين يحبون مشاهدتها عبدالله الجنيبي الذي عبر عن انبهاره بهذه السيارات التي كان يقتنيها في الماضي أصحاب الثروة، مؤكداً أن السباق الذي يقام لها سنوياً في «مهرجان سلطان بن زايد التراثي» يسهم في الحفاظ عليها ويشجع أصحابها على العناية بها. المقهى الشعبي احتفظ المقهى الشعبي بأسلوبه القديم في تقديم طعام النخي لزواره، ويورد المستشار التراثي فلاح بن بشر أنه تم تصميم المقهى بصورة مطابقة للشكل المتعارف عليه في الماضي، حيث صنع المجسم من سعف النخيل وضم مقاعد خشبية وطاولة في المنتصف، وكان يجاور المقهى المطبخ، حيث كانت تمتلئ الأواني النحاسية بالنخي بالإضافة إلى تقديم المشروبات الدافئة التي يستسيغها الناس ويشير إلى أنه لا يمكن إهمال هذا المقهى الذي يعد شاهداً على الماضي والحياة البسيطة التي تجمع الناس تحت مظلة الألفة والمحبة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©