الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أي حرب نووية «محدودة»؟!

5 مارس 2017 23:19
عُلم الشهر الماضي أن لجنة استشارية تابعة للبنتاجون أنجزت تقريراً يدعو الولايات المتحدة إلى الاستثمار في أسلحة نووية جديدة ودراسة إمكانية استئناف الاختبارات النووية. لا بل إن تقرير اللجنة ذهب إلى حد اقتراح إجراء بحوث في أسلحة نووية ذات قوة أقل يمكن استعمالها من دون اللجوء إلى حرب نووية كاملة. وهذا أمر مرعب حقاً ويستحق رداً سريعاً وقوياً. التقرير صدر عن مجلس علوم الدفاع، وهو لجنة مؤلفة من خبراء مدنيين؛ وأوصى بـ«مشروعٍ نووي أكثر مرونة يمكن أن يُنتج، إن اقتضى الأمر، خياراً نووياً سريعاً ومناسباً من أجل استعمال محدود». لكن دعوني أكون واضحة: إنه لا وجود لشيء اسمه أسلحة نووية ذات «استعمال محدود»، وإن ترويج لجنة استشارية تابعة للبنتاجون لنشرها أمر غير مقبول كليا، ويثير إشكالية حقيقية بالنظر إلى تصريحات الرئيس ترامب المؤيدة لسباق تسلح نووي. ومثلما قال نائب وزير الدفاع روبرت وورك في شهادته أمام الكونجرس في 2015، فإن «أي شخص يعتقد أنه يستطيع التحكم في التصعيد عبر استعمال أسلحة نووية إنما يلعب بالنار حرفياً (وليس مجازيا)، وذلك لأن الاستعمال النووي يمثل أكبر تصعيد». إن الأسلحة النووية تضعنا أمام مفارقة كبرى. ذلك أننا ننفق مليارات الدولارات على صناعتها وصيانتها على أمل ألا نضطر أبداً لاستعمالها؛ لأن الهدف الوحيد للأسلحة النووية يجب أن يكون الردع، ردع الآخرين عن استعمالها. والحال أن تصميم أسلحة نووية جديدة ذات قوة أقل من أجل ضربات محدودة يخفض عتبة استعمالها على نحو خطير. ومثل هذه التوصية تُضعف الاستقرار الذي يخلقه الردع، مما يزيد احتمال إشعال حرب نووية لا يمكن لأحد الفوز بها. والواقع أنه سبق للكونجرس أن أوقف هذه الجهود المتهورة في الماضي. فخلال إدارة بوش الابن، أُوقفت محاولات صنع سلاح نووي «خارق للتحصينات» بفضل الزعامة التي أبان عنها النائب السابق ديفيد هوبسون (الجمهوري عن ولاية أوهايو). واليوم، يزعم مؤيدو تطوير أسلحة نووية ذات قوة تفجيرية أقل أن ترسانتنا النووية غير كافية لمواجهة التهديدات المتزايدة عبر العالم. لكن هذا بكل بساطة غير صحيح. فأولا، نحن نمتلك أسلحة ذات قوة تفجيرية محدودة: ومن هذه الأسلحة قنبلة الجاذبية «بي61» التي يتم تحديثها حالياً بتكلفة تصل 10 مليارات دولار. وثانياً، إن ترسانتنا الحالية من الأسلحة الاستراتيجية كافية لردع اعتداءات علينا وعلى حلفائنا. إن ترسانتنا النووية تضم مخزوناً يتألف من قرابة 4 آلاف رأس حربية، أي ما يكفي لتدمير العالم عدة مرات. وهو ما يعادل نفس عدد الرؤوس النووية التي تمتلكها روسيا تقريباً، وأكثر بأربع مرات من كل البلدان النووية الأخرى مجتمعة. ولدينا حالياً رأسان حربيان احتياطيان مقابل كل رأس حربية منشورة، أي «احتياط» 2 مقابل 1. وبينما نعمل على تحديث مخزوننا، يجدر بنا السعي لتقليص كل من الرؤوس الحربية المنشورة والاحتياطية. وفي هذا الإطار، أشار تقرير لوزارة الدفاع في 2013 إلى أنه يمكن تقليص ترسانتنا المنشورة بالثلث من دون أن يؤثر ذلك على وظيفتها الردعية. وإلى ذلك، اقترح مجلس علوم الدفاع أيضاً دراسة إمكانية استئناف التجارب النووية من أجل تعزيز الثقة في رادعنا النووي. لكن هذا أيضاً موقف خاطئ. فوزارة الطاقة تسهر على أمن وسلامة وموثوقية المخزون النووي منذ عقود دون أن تجري أي اختبارات نووية. وقد علّمنا عمل الوزارة أشياء أكثر عن مخزوننا مما كان يمكن أن نتعلمه من الاعتماد على الاختبارات التفجيرية. وإلى ذلك، فإن الإدارة الوطنية للأمن النووي تفيد بأن البلاد توجد اليوم في وضع أفضل في ما يتعلق بصيانة الترسانة النووية مما كانت عليه قبل أن يدخل حظر الاختبارات النووية حيز التنفيذ قبل أكثر من 20 عاماً. ثم إن استئناف الاختبارات النووية لن يؤدي إلا إلى تشجيع دول أخرى على أن تحذو حذونا. والحال أن العالم سيصبح أقل أمناً بكثير إذا شرعت دول أخرى في إجراء اختبارات نووية وواصلت سعيها لتطوير أسلحة وقدرات نووية جديدة. وكخطوة أولى، يمكننا أن نتزعم هذه الجهود عبر التعاون والعمل مع روسيا على تطوير حظر عالمي على صواريخ كروز المحملة برؤوس نووية. *عضو «ديمقراطية» في مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©