الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خالي الدسم

5 مارس 2017 23:15
كثيرة هي الأشياء والأمور التي لا تثير اهتمامي لذا أتخطاها بجرة قلم أو أحياناً بكلمة واحدة تسكن أحد أروقة نصوصي وقصائدي أو أضعها في سلة مهملات الذاكرة لغاية لا تدركها سوى الذاكرة ذاتها، «فيسبوك» أحدها فأنا أعتبره عالماً افتراضياً خالياً من دسم الحقيقة فهو عبارة عن آلة تجارية صنعت لغايات معينة وما أن ينتهي العمل بها ستصبح في طي النسيان وستظهر آلة تجارية أخرى تحل محلها ولغايات أخرى هكذا أرى عالم مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يحلو لي أن أسميها مواقع الفوضى الاجتماعية فما يحدث على «فيسبوك» لا يتعدى الهرج والمرج، وإن اختلفت سياقات العمل فيها لكنها تلتقي في حلبة الخيال والأحلام. لا أنكر أنني لا أتعامل مع «فيسبوك» فمهنتي كشاعر وكاتب تقتضي أن أتعامل معه لا لكي أتواصل مع بني البشر، ولا لكي أحظى بالمزيد من الصداقات المزيفة ولا لكوني من محبي التصعلك بين أروقته أنا استعمله لغاية معينة وهدف معين ألا وهو أن أشارك على صفحاته ما ينشر لي من قصائد وقصص قصيرة ومقالات على صفحات المواقع والصحف العراقية والعربية، الورقية والإلكترونية هنا الهدف واضح ألا وهو الشهرة، وهذا جائز في سياق العملية الإبداعية، يحق لي أن أنشر ما ينشر لي من إبداعات على صفحاته. وهذا أيضاً ضمن السياق المعمول عليه من قبل الشعراء والكتاب على مر الزمن، فكلهم كافحوا من أجل الشهرة والوصول إلى أفق المجد، لذا أتعامل مع «فيسبوك» بهذه الطريقة التي أعتبره خط الهجوم الثاني لإبراز إبداعاتي، لكن ما يضحكني ما يدور على الحسابين اللذين أملكهما على «فيسبوك» اللذين يتعرضان إلى عمليات قرصنة بصورة شبه يومية وما أكثرها عمليات القرصنة التي كادت أن تجهز على كلا الحسابين لكنها باءت بالفشل الذريع لذا حاولت أن أضع حدوداً بين كلا الحسابين فأحدهما مدرع ويخلو من الفضائيين والفضوليين والمزعجين والمعجبين أي أنه خال تماماً من أي رواسب وشوائب فهناك حزام أمني يحرسه ولا يدخله سوى الأصدقاء المقربين مني ونخبة من الشعراء والكتّاب والأقارب، بينما حسابي الآخر فلقد جعلته مفتوحاً أي يمكن لأي شخص أن يرسل طلب صداقة لي وأيضاً طلب مراسلة والذي أقفل تماماً بعد أن أكمل التعبئة بخمسة آلاف صديق منهم الفضائي والمزعج والفضولي والمعجب والحائر والمتعب والسعيد والمكتئب والانفعالي والهادئ وووووووووو وما خفي كان أعظم ورسائلهم تعلن عن حضورها من أن دخلت هذا الحساب فترى أحدهم يقول مرحباً والآخر السلام عليكم والآخر هلا والله والأخرى كيفك شو الأخبار وهذه كتبت بالإنجليزي وتلك بالفرنسي مع الصور والرموز التعبيرية كالأزهار والقلوب أي باختصار أن حسابي هذا ما هو إلا فسحة لي للضحك والتفكير وقراءة الوجوه والأفكار وما خلف السطور لذا لا أرد على رسائلهم بل أكتفي بالنظر إليها وتحديدها كمقروء لأنني على قناعة تامة بأن هذا العالم مليء بالأشرار وأكثرهم يسكن في أروقة «فيسبوك» بين باحث عن المال والفضائح والمشاكل واستغلال الآخرين لغايات وأهداف معينة لذا أتعامل مع هذا الحساب بحذر وذكاء شديدين. لذا بعد أن أنتهي من عملي وبعد أن أكمل خربشاتي فوق الورق الأبيض برفقة القلم من شعر وقصة قصيرة ومقالة وبعد أن آخذ حاجتي الفكرية من صفحات كتاب ما مركون على أحد رفوف مكتبتي يأبى الانتهاء لا لأنني لا أنهيه بل لأنني أعيد قراءته مرة ومرتين وثلاثاً كونه أعجبني وأثار اهتمامي أقوم بإهدار ما تبقى من وقت مع «فيسبوك»، لأنه كائن جامد لا مشاعر وأحاسيس لا قيمة للوقت عنده وخارج عن قواعد الحضارة والإنسانية فهو هضبة قاحلة لا تصلح للعيش عليها وكهف مظلم مليء بالأفاعي البشرية التي تحاول أن تلدغ الصالحين فيه الذين يستخدمونه كوسيلة ثانوية للترويج عن إبداعاتهم أو منتجاتهم أو أفكارهم أو أعمالهم. لذا يحلو لي أن اسمي الأول حساب المثقفين والثاني حساب الثعابين. إيفان زيباري
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©