قصص عن زيف العواطف والعلاقات الاجتماعية

صدر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان مجموعة قصصية جديدة للكاتبة الكويتية هبة بوخمسين بعنوان ''شغف''، وهي المجموعة الثالثة للكاتبة بعد مجموعتيها ''في قعر أمنية'' (2003) و''ذات سكرة'' (2006)، إضافة إلى روايتها ''قليلا وشهقة!'' (2008)· وجاءت المجموعة الجديدة في مائة صفحة من القطع الوسط· قسمت القاصة مجموعتها إلى ثلاثة أقسام ينطوي كل قسم على عدد من القصص تختلف في مضمونها عن قصص القسمين الآخرين، والأقسام الثلاثة هي: حقول الشغف، بعيدا عن الشغف، وشغف سريع· في القسم الأول هناك قصص تتناول الجوانب العاطفية للعلاقة بين الرجل والمرأة، حيث نجد العلاقات تتخذ صورا وأشكالا وتمثيلات مختلفة، بدءا من التغرير بالفتاة التي تمثل بطلة قصة ''عزة'' من قبل رجل غامض تراه وتتعلق به هذه الفتاة ويجهد ليطور معها علاقة تبدو لها على قدر عال من العاطفة الصادقة، علاقة تمتلئ بالشغف والانتظار، حيث الفتاة تتميز بقدر من الرومانسية في علاقتها مع العالم كله، وليس فقط مع الرجل الذي تحبه· فرؤيتها وعلاقتها تقومان على ارتعاشات فطرية بسيطة وطفولية وعميقة، حيث ''البنات الغافيــــــات على الحلم باليافع من شباب المدينة''· وبعد رحلة من الحلم والانتظار يقود الرجل الفتاة إلى فندق ليأخذ حاجته ويتركها نائمة ويترك لها ''حفنة جنيهات''· بعد هذه الهزيمة الأولى للفتاة ''عزة'' تتوالى هزائم الفتيات والنساء في قصص هذا القسم، من آلام المرأة وعذاباتها والمصائر المأساوية التي تنتهي إليها الكثير من العلاقات التي يريدها الرجل واقعية روتينية وتريدها المرأة مليئة بالشغف والوله وهي تنتظر ''نزق عينيه'' أو ''مرور طيف الوله على مخيلتي''، رافضة حتى الشغف الغبي الذي يحاول البعض التظاهر به· وتقفز الكاتبة إلى علاقة الشذوذ بين امرأتين في ظل غياب الرجل لترى ما توفر لهما من دفء· في القسم الثاني ''بعيدا عن الشغف'' تفتتح الكاتبة هذا القسم بمقولة جبران خليل جبران: ''لا يزال على هاتين اليدين بعض العمل قبل أن تخرجا من هنا''، ثم تتناول في قصصه قضايا وهموما ذات طابع اجتماعي وإنساني عام، تمنحها خصوصيتها من خلال شخوص وعلاقات ذات طبيعة ترتكز على الجوهر الإنساني، سواء في علاقة ''المختار'' بأهل الحي، أو بعلاقة الموظف برب العمل وقيام الموظف بالسرقة، أو في اختفاء ''منذر'' الذي يعاني طويلا من علاقته بزوجة أبيه، واختفائه ثم اكتشافه وقد اغتصبته عصابة من الأوغاد، ليصمت بعدها إلى الأبد· القسم الثالث ''شغف سريع'' تفتتحه الكاتبة بعبارة سارتر: ''لم تكن راغبة في أن توجد غير أنها لم تستطع الامتناع عن ذلك، هذا كل ما في الأمر''· وهو عبارة عن مجموعة من النصوص القصيرة التي تقارب القصة القصيرة جدا دون التزام بمعاييرها ومواصفاتها، فهي تحمل أفكارا عن تحرر المرأة وأوهامها، فالنص الذي يحمل عنوان ''طائر'' ليس سوى هاتين الجملتين ''قال لها: من الأفضل أن ننفصل·· أهدته جناحي طائر''، وكذلك الأمر في ما يتعلق بنص ''عاصفة'' حيث الحب العاصف من الرجل يقتلع المرأة من أمانها، وهكذا···