واقعية حاتم علي

رغم حداثة عهدها مقارنة بالمصرية، نجحت المسلسلات السورية في إثبات نفسها على الشاشة الفضية، بل لقد قدم بعضها رؤية جديدة وشكلا مميزا للمسلسل العربي هو أقرب للحقيقة والواقع الذي نعيشه يوميا بدون مبالغة·· وأذكر أن هذا الشكل المختلف بدأ منذ عرض المسلسل السوري الرائع ذي الأجزاء ''الفصول الأربعة'' الذي كان يتناوب على كتابة حلقاته، التي يحمل كل منها قصة وحكاية مختلفة، مجموعة كتاب·· ومنذ نجاح تلك التجربة لمسنا تغيرا محببا على مستوى المسلسل السوري الذي يتألق على الشاشة عاما بعد عام· وإذا كنا نعترف بالخطوات السريعة الواثقة التي خطتها المسلسلات السورية عموما نحو النجاح والتألق لتنافس أضخم وأجمل المسلسلات المصرية، إلا أن ما قدمه المخرج والممثل السوري حاتم علي يستحق التوقف عنده ولو لبرهة قصيرة، فقد قدم علي في مسلسلاته وأعماله الاجتماعية واقع الحياة العادية التي يعيشها الناس في بلده معتنيا بأدق التفاصيل الصغيرة النابضة في قلب المدينة، بأسلوب بسيط بعيدا عن التكلف والابتذال، وبلمسة شاعرية ''حنونة'' قدم أجمل المشاعر الإنسانية وقصص الحب التي تحيط بنا أينما توجهنا، ليضفي على مسلسلاته صبغة خاصة بحيث تعرفها وتميزها حتى ولو حضرت المسلسل من نصفه· فواقعية حاتم علي ليست فجة، وليست تصويرية أو وثائقية·· هي بمعنى ما الواقعية الإبداعية، التي تجعل المشاهد ''يتفرج'' على نفسه، فلا ينفر منها، ولا يشعر بغربة معها·· وتجعله ينتبه إلى اللمحات غير العادية في تفاصيل حياته العادية· وفي الوقت الذي تجد أن حضور بعض المسلسلات يشعرك بالاكتئاب والسوداوية ويدفعك لتغيير المحطة أو إغلاق التلفزيون، إلا أن أعمال حاتم علي أضاءت الجانب المنطفئ فينا بدفئها وشاعريتها وصدق أداء ممثليها، وهي الصورة التي نحتاج أن نراها ونتابعها على شاشاتنا، عوضا عن مسلسلات العويل والصراخ وصراع الأخوة على الميراث الذي مللنا مشاهدته كل عام، لاسيما في شهر رمضان الذي أصبح على الأبواب، وكل عام وأنتم بخير· f_tahajo@hotmail.com