الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأقلية الأفريكانية: البحث عن نفوذ في جنوب أفريقيا

الأقلية الأفريكانية: البحث عن نفوذ في جنوب أفريقيا
14 ابريل 2009 22:47
قس أبيض يتحدث عن ''الأذى الكبير''، الذي يشعر به بنو جلدته ''الأفريكان'' في جنوب أفريقيا المحكومة من قبل السود؛ ورجل يشتكي من أن نظام ''الكوتا'' العرقي مسؤول عن إقصاء أطفال البيض من المشاركة ضمن الفرق الرياضية المدرسية؛ وآخر يشتكي من تراجع التعليم باللغة الأفريكانية الغربية، (تستخدم في جنوب أفريقيا وناميبيا، كما يوجد عدد أقل من المتحدثين في كل من بوتسوانا، وليسوتو، وسوازيلاند، وزيمبابوي، وزامبيا)· أمام مثل هذه الانتقادات والملاحظات والتظلمات، وقف ضيف الشرف في تجمع المنظمات ''الأفريكانية'' الشهر الماضي، المقاوم السابق لنظام الأبارتهايد ''جاكوب زوما''، وابتسم· اعتذر عن لغته الأفريكانية ''المتكسرة'' التي تعلمها حين كان سجيناً سياسياً لمدة عشر سنوات، ثم ألقى رسالته: مثلما أنني أستمتع وأنعم بكوني من ''الزولو''، يفترض أن تستمتعوا وتنعموا بكونكم من الأفريكان· وقال ''زوما''، زعيم الحزب الحاكم في البلاد الذي من المتوقع أن يحقق انتصاراً كاسحاً في انتخابات الأسبوع المقبل التي من المرتقب أن توصله إلى الرئاسة: ''كنتُ دائماً أقول إننا بلد فريد من نوعه: فلدينا قبيلة بيضاء أفريقية من كل الجوانب''· ثم تلا ذلك تصفيق حار من قبل الجمهور · بعد خمس عشرة سنة من نجاح نيلسون مانديلا في سحب السلطة من الحكومة الأفريكانية البيضاء التي حكمت البلاد زهاء نصف قرن بواسطة مجموعة من القوانين العنصرية، تكافح الأقلية ''الأفريكانية'' في جنوب أفريقيا الآن من أجل الحصول على قوة سياسية· وإذا كان القليلون فقط يُتوقع أن يصوتوا لحزبه، فإن البعض يرى بارقة أمل في ''زوما'' الذي يقوم حزبه، ''المؤتمر الوطني الأفريقـــي''، بمغازلـــــة الأفريكــــان -وهم أبناء وحفدة المستوطنين الهولنديين والفرنسيين على الخصوص الذين يعود وجودهم في البلاد إلى القرن السابع عشر- وأقليات أخرى· والجدير بالذكر هنا أن ''الأفريكان'' يشكلون أقل من 6 في المئة من مجموع السكان، الذين تبلــــغ نسبـــة البيض فيهــــم 9 في المئة· ويرى محللون أن هذه الجهود تأتي في جزء منها رداً على ازدياد قوة حزب معارضة جديد بات يشكل تهديداً لهيمنة المؤتمر الوطني الأفريقي من خلال إلهاب ''حماس'' الناخبين البيض المحبَطين وإذكاء مشاعر الفخر الإثني· لكن آخرين يرون أنها تعكس أيضاً قلقاً حقيقياً داخل ''المؤتمر الوطني الأفريقي''، الذي يقول إنه يمثل كل مواطني جنوب أفريقيا من أن الحزب تطور في عهد الرئيس السابق ''تابو مبيكي'' إلى منظمة ينظر إليها على أنها للسود فقط، حيث يشير استطلاع للرأي أجري حديثاً إلى أن السود يشكلون نحو 96 في المئة من أنصار الحزب· وفي هذا السياق، يقول ''كيلي كريل''، الرئيس التنفيذي لـ''أفري-فورم''، وهي منظمة تدافع عن مصالح ''الأفريكان'':''إن أعضاءها مازالوا متشككين إزاء محاولات المؤتمر الوطني الديمقراطي التقرب منهم··· وإن الناس يشعرون في الحقيقة بأن الحكومة لا تخدمنا أو تحكم لصالحنا، بل تحكم ضدنا''· في هذه الأثناء، قام ''زوما''، الشعبوي البسيط، بزيارة حي هامشي للأفريكان العام الماضي· والشهر الماضي، أرسل مبعوثاً إلى المثال الأكثر تطرفاً للقومية الأفريكانية: مدينة أورانيا الصحراوية حيث شكل الأفريكان مدينة لهم كل سكانها من البيض، يأملون إنشاء دولة مستقلة فيها تحافظ على ثقافةٍ يخشون اندثارها· ويقول ''فرانسوا دي فو''، وهو مزارع في الثالثة والستين من عمره ويعيش في أورانيا، التي من المتوقع أن يزورها زوما قريباً: ''لقد اعترف زوما بأن ثمة مكانا للأفريكان··· إنه يؤمن حقاً بثقافة خاصة ومتميزة جدا للزولو، وعندما نتحدث عن ثقافة الأفريكان، فإنه يفهم الأمر''· غير أنه في الوقت الذي تتجه فيه جنوب أفريقيا نحو رابع انتخابات عامة ديمقراطية في تاريخها، فإنه لم يعد من الواضح من هم الأفريكان؛ ذلك أن هويةً ثقافية قوية تشكلت من قبل دولة الأبارتهايد، التي أجبرت السود على تعلم اللغة ''الأفريكانية'' والعيش في بلدات مكتظة ومعزولة، غير أنه بينما يقول المدافعون إن معظم الأفريكان قبلوا بالانقلاب المفاجئ للوضع السياسي في ،1994 فإن البعض يؤكدون أن الدولة المتغيرة تسببت في ضعف هويتهم وتآكلها· وتُحمِّل بعض المنظمات الأفريكانية مسؤولية ذلك لحكومة المؤتمر الوطني الديمقراطي، التي أغلقت 90 في المئة من مدارس اللغة الأفريكانية التي كانت موجودة في 1990 أو جعلتها ثنائية اللغة، مثلما تقول ''فري-فورم''؛ كما غيرت أسماء الشوارع والبلدات التي تكرم شخصيات أفريكانية· وتضيف المنظمة قائلة إن قوانين التمييز الإيجابي تسببت في طرد عدد من الأفريكان من وظائفهم· بل حتى أن التميمة التي تمثل شعار فريق ''الركبي''، وهي رياضة يعشقها الأفريكان لم تَسلم من الهجوم باعتبارها رمزا من رموز عهد الأبارتهايد· والواقع أن بعض ''الأفريكان'' تواروا وعاشوا في عزلة في الضواحي· ويقول محللون سياسيون إن الكثيرين منهم لا يصوتون؛ أما الذين يشاركون في الانتخابات، فإن أغلبهم يصوتون لـ''التحالف الديمقراطي''، وهو حزب المعارضة الرئيسي، الذي يستمد جل دعمه من البيض· هذا في حين اختار آخرون كثيرون الهجرة إلى الخارج، إذ تشير بعض الأبحاث إلى أن مليون أبيض غادروا جنوب أفريقيا منذ ،1995 عدد مجهول منهم ينتمون إلى ''الأفريكان''· وعودة إلى تجمع المنظمات ''الأفريكانية''، فقد بدا الجمهور مسحوراً بزوما، وإن كان غير مقتنع بالتصويت للمؤتمر الوطني الأفريقي؛ حيث يقول ''كريل'' إن الأفريكان متحمسون ومحفزون للتصويت في هذه الانتخابات أكثر من سابقاتها، وذلك لأن حزب المعارضة الجديد -الذي يقوده سياسي أسود سابق من المؤتمر الوطني الأفريقي يتحدث ''الأفيركانية'' بطلاقة- جعلهم يشعرون بأن أصواتهم مهمة ويمكن أن تحدِث تغييرا· ومن بين الناخبين البيض الجدد ''إيلا''، وهي صاحبة مزرعة تعيش غير بعيد عن ''أورانيا''، تقول إنها تعتزم التصويت ''لأول مرة منذ حلول جنوب أفريقيا الجديدة''، لـ''التحالف الديمقراطي'' ربما، مضيفةً أن المؤتمر الوطني الأفريقي لم يمثلها في يوم من الأيام، ولكنها غير مستاءة منه رغم ذلك· وتضيف ''إيلا''، التي لم توافق على نشر اسمها العائلي، لأن زوجها يعمل في وظيفة حكومية قائلةً: ''هناك الأفريكان الذين لا يرون أي أمل لجنوب أفريقيا؛ ولكننا يجب أن نتكيف مع الوضع!''· كارن بروليارد - جنوب أفريقيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©