السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بنجلاديش الصغيرة والأحياء الإثنية في أميركا

بنجلاديش الصغيرة والأحياء الإثنية في أميركا
14 ابريل 2009 22:46
كم تساوي إثنيتك نقداً، بالدولارات والسنتات؟ كم من المال يمكنك أن تحصل عليه مقابلها؟ الحقيقة أننا عندما نتحدث عن العرق في أميركا، فإننا غالبا ما نتحدث عنه بعلاقته بالسلطة والكفاح· وعندما نثير موضوع الإثنية، فإننا نركز على المدح والإطراء، الفخر والشعور بالانتماء التي تخلقها الهويات الثقافية القوية - ولنتذكر هنا كل تلك القصص الجذابة التي تذاع على إذاعة ''ناشيونال بابليك راديو''، والتي تقول إن التنوع جيد ورائع · لكن المهاجرين هنا في الولايات المتحدة تعلَّموا أيضاً كيف يسوِّقون هوياتهم الإثنية، ولعل القضية التي أثارت الجدل في لوس أنجلوس هذا الشهر على خلفية مقترح لإنشاء ''بنجلاديش صغيرة'' (الحي البنجالي) في وسط ''كوريا تاون'' (أو الحي الكوري) خير وأحدث دليل على ذلك· فعندما تقدمت مجموعة من رجال الأعمال البنجاليين بطلب إلى سلطات المدينة لتسمية المنطقة الممتدة بين الشارع الثالث و''ويلشر''، و''فيرمونت'' و''ويسترن'' تكريما لبلدهم الأصلي، سعى نشطاء كوريون إلى إحباط المقترح· وبدا الكوريون متعصبين نوعا ما وفخورين بوطنهم حيث قال رئيس ''الفيدرالية الكورية- الأميركية'' في لوس أنجلوس لأحد الصحافيين: ''إننا لا نريد الظهور بمظهر من يتنمر على الآخرين، ولكن المنطقة هي منطقة ''كوريتاون'' ؟ والحق أنهم أيضا كانوا يتصرفون على نحو عقلاني دفاعا عن مصالحم· لماذا؟ لأن تخصيص الأحياء لإثنية ما أمر يتعلق بالتسويق و''العلامة التجارية''، ويتعلق بإخبار العالم بالأماكن حيث يمكن شراء ''السوشي'' أو ''الكيمشي''، بقدر ما يتعلق بالمكان الذي يعيش فيه الناس، أو بمحل إقامتهم في ''العالم الجديد''، أو حتى بالفخر الإثني· صحيح أن كلا من النشطاء الكوريين والبنجاليين سيحاولون أن يقنعوك بأن كل شخص يحتاج إلى مكان يكون فخورا به في أميركا، و··· و··· غير أنك حين تلح عليهم، سيعترفون بأن الأمر له أيضا علاقة بالمال· وفي هذا الإطار قال لي الصحفي ومعلم اليوجا قاضي هودا، 53 عاما، أثناء احتسائنا الشاي: ''إن الأمور مترابطة ومتداخلة··· إذا قمتُ بجر أذنك، فإن رأسك سيأتي معها''· ويعتقد هودا وأصدقاؤه أن من شأن بعض تلك اللوحات الزرقاء التي تنصب على جانب الطريق لتدل السائقين على أحياء المدينة، أن تساهم في جذب الزائرين من خارج المدينة والمناطق المجاورة لها إلى المتاجر والمطاعم الموجودة في حيهم إذا ما كُتب على بعضها ''بنجلاديش الصغيرة ''· انظروا جيداً وستجدون أن العديد من ''الأحياء'' الإثنية هي في الواقع أحياء تجارية للتسوق أكثر منها مناطق سكنية· صحيح أنه قد يكون ثمة تركز، لنقل، للتايلانديين مثلا الذين يعيشون في أحد أجزاء المدينة، أو كانوا يعيشون فيه يوماً ما، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن الحي يستحق أن يُكتب اسمه على واحدة من تلك اللوحات الزرقاء؛ ذلك أن 2 في المئة فقط من سكان ''تاي تاون'' (الحي التايلاندي) هم تايلانديون، في حين لا تتعدى نسبة الإثيوبيين الذين يقطنون في ''إثيوبيا الصغيرة'' (الحي الإثيوبي) 1 في المئة من مجموع سكان الحي· أما الهنود، فيشكلون أقل من 5 في المئة من الجزء المعروف بـ''الهند الصغيرة'' من مدينة آرتيسيا، وإن لم يكن لها أبدا اسم رسمي أو لوحة تحمل هذا الاسم· ثم كم من اليونانيين يعيشون حقاً في الحي البيزنطي-اللاتيني برأيك؟ وحين سعى رجـــال أعمـــال كوريون عـــام 1980 إلى إقناع سلطات المدينة بضرورة تخصيص لوحة إرشادية على الطريق السريـــع تــــدل السائقين على ''كوريا تاون''، كان 7 في المئة فقـــط من سكان المنطقة كوريين· واليـــوم، مــا زال الكوريون لا يشكلون أغلبية السكان في المنطقة الممتدة ما بين ''ميلروز'' و''بيكو''، و''هوفر'' و''كرينشو''· وإذا كانت الأحياء الصينية المعروفة بـ''تشاينا تاونز'' في الساحل الغربي للولايات المتحدة، أو ''إيطاليا الصغيرة'' و''المدينة اليونانية'' في نيويورك وشيكاغو أقدم الأحياء الإثنية، فإن ''كوريا تاون'' تمثل اليوم نسخة أكثر رسوخا بالنسبة لـ ''بنجلاديش الصغيرة''· صحيح أنها قد تكون لعبت (ومازالت، بالنسبة لبعض المهاجرين) دور منطقة إطلاق حيث يحصل القادمون الجدد على موطئ قدم في بلدهم الجديد، غير أن الكثير من المهاجرين الكوريين يقفزون عليها ولا يأتون إليها إطلاقاً، حيث باتت ''كوريا تاون'' بشكل متزايد ذا أهمية رمزية ليس إلا، مكاناً لا يعتبره الكوريون وطنهم، ولكنهم قد يقصدونه خلال إجازة نهاية الأسبوع من أجل الأكل أو اللغة او الأحداث الثقافية التي تنظم فيه· ولكن، ماذا عن ذلك الاسم الرسمي؟ إنه للدعاية والإعلان· وهذا ما يريده البنغاليون في الحقيقة، طريقة يقولون بها للوس أنجلوس ومواطنيهم والعالم أجمع: ''اسمعوا، إذا كنتم تريدون أكلا بنجاليا، تعالوا إلى الشارع الثالث بين ''ويسترن'' و''فيرمونت''! ثم إنها صفقة علاقات عامة بالنسبة للمدينة أيضاً؛ ولنتأمل هنا شيكاجو وشعارها السياحي: ''سافروا إلى العالم في شيكاجو!''· أنا لا أقصد أننا ينبغي ألا نمنح هذه الأحياء تسميات إثنية، وإنما أدعو فقط إلى رؤيتها كما هي وعلى حقيقتها· في وقت ما هذا الأسبوع، سيعلن الكوريون والبنجاليون، على الأرجح، عن اتفاق يمكن لكلا الجانبين التعايش معه؛ وقد ينتهي الأمر بـ''بنجلاديش لصغيرة'' ربما إلى الشرق مما نعتبره وسط ''كوريا تاون''· وفي هذا الإطار، يعتقد صاحب متجر الهدايا أنيسور رحمان أن ذلك سيشكل اتفاقا الجميع فيه رابح إذ يقول: ''إذا جنينا مالا، فإن ضرائبنا ستذهب إلى لوس أنجلوس، وإلى ولاية كاليفورنيا، وإلى الولايات المتحدة''· جريجوري رودريجيز محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©