الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأفعى السامة

الأفعى السامة
8 سبتمبر 2007 23:31
داومت على قراءة القصص الشيقة التي تنشرينها في هذا الباب وأحببت أن أحكي لك قصتي· بالطبع فإنني لم أتوقع أن تكون لي قصة مؤلمة مثل التي أتابعها في ''البيوت أسرار''··· إنه شيء لم يخطر ببالي مطلقا· ؟؟؟ ما دفعني إلى الكتابة إليك اليوم هو وصولي إلى قمة الإحباط واليأس· بصراحة، أنا أفكر جديا بالطلاق· أكتب لك هذه الكلمات ودموعي على خدي· ولكنها ليست للنشر· أرجوك··· أنا أريد أن أفضفض لك، أريد منك النصيحة··· وسأكتفي بالفضفضة لأنني فعلا على وشك الانهيار· حياتي كلها تحولت بسبب تلك الأفعى السامة· إنها من المخلوقات الضارة الخالية من الإحساس، الخالية من الضمير، أنانية، لا يهمها إلا الاستمتاع بمباهج الحياة وليذهب الآخرون إلى الموت· لا يهم تلك الأفعى، ولا يعنيها أن تدمر عائلة سعيدة وتحطم كيانها· لا يهمها إلا نفسها فقط··· وتلك هي الأنانية المطلقة· البداية السعيدة تزوجته بعد قصة حب رائعة· إنسان مثالي بكل معنى الكلمة· طيب متسامح، حلو المعشر، متدين باعتدال، يخاف ربه كثيرا، مجامل ولو على حساب نفسه، لا يحب التحدث عن الآخرين بسوء حتى لو أساءوا إليه· ماذا أقول؟ بصراحة هذا الإنسان الذي عاشرته تسع سنوات كان مثالا للأخلاق النبيلة· كنت أنا والأولاد شاغله الأول والأخير· عندما يعود من عمله يتفرغ لنا تفرغا كاملا، وأنا كنت أحبه بجنون، أغار عليه من نسمة الهواء التي تحيط به· منذ حوالي سنة كان موعدي مع الجحيم، مع الشيطان الذي أبى أن يتركنا في حالنا نعيش بسعادة· الشيطان اللعين الذي لا هم له سوى التفريق بين المرء وزوجه، وصرف الإنسان عن طاعة ربه، وهذا الشيطان له جنود من الأنس والجن، يعملون جاهدين لتحقيق هدفه· بشكل مفاجئ تغيرت أحوال زوجي، انقلب رأسا على عقب بكل معنى الكلمة· أصبح يهرب منّي، من بيتنا، من أولاده، من عمله، من كل شيء مقدس في حياته· يعود مع آذان الفجر فينام ساعات قلائل ثم ينهض وهو متعب ليصل متأخرا إلى عمله· تغير تعامله معي كما تغير شعوره نحوي· كل أخلاقه تبدلت، أصبح شرسا وعصبيا مع الكثير من اللامبالاة والتطنيش لي وللأولاد· دارت برأسي علامات الاستفهام والتعجب، ما هذا الذي يحدث؟ لماذا تغير زوجي بهذه الطريقة؟ ماذا جرى له؟ في البداية أقنعت نفسي بأنه ربما يتعرض لضغوطات في العمل· قررت الصبر وعملت المستحيل كي أساعده على تجاوز أزماته، ولكن ما اكتشفته كان بمثابة صدمة حقيقية زلزلت كياني كله· اكتشفت بأن زوجي، شريك حياتي، والد أطفالي على علاقة بامرأة مطلقة لديها ابن، وأنني آخر من يعلم بتلك العلاقة المشينة· رد الفعل الأول دارت الدنيا برأسي وفقدت توازني· فقدت شعوري بالأمان وأصبحت كمن يسير على حبل معلق في الهواء· ماذا أفعل؟ كيف أتصرف؟ بمن أستنجد؟ والله لا أدري· في البداية جن جنوني، صعدت الدماء إلى رأسي فار دمي وانطلقت شياطيني كلها لتدمرني شيئا فشيئا· حاولت استعادته بهستيرية· كنت انتظره حتى عودته في ساعات الصباح الأولى كي استجوبه، أصرخ··· اعبر عما بداخلي، ولكن للأسف ··· كان قد أصبح إنساناً ميتاً، لا يحس ولا يشعر بشيء· كان يتجاهلني··· لا يرد علي··· لا يبرر ولا يقول إلا جملة واحدة: لا··· لست على علاقة بأحد، ولكن الأفضل أن ننفصل··· أنت لا تناسبيني ··· الخ· مرّ على هذا الحال شهر كامل· لغة الحوار الوحيدة بيننا هي دموعي وصراخي· كنت أتمزق من الألم والشعور بالمهانة والظلم وأنا أرى كيف كنت ملكة في مملكتي وفجأة انهار كل شيء وأصبحت لا أساوي عنده شيئا· بعدها يئست من قدرتي على حل المشكلة واستعادة زوجي، فقررت إشراك أهله لعلهم يستطيعون التأثير عليه· لم يقصروا وبذلوا جهودا كبيرة لمحاولة التفاهم معه ولكنهم لم يفلحوا· عاد لهم وطلب منهم عدم التدخل، ثم أمرني بعدم التحدث إليهم· بعد شهر من المعاناة والتعب، جاء شهر رمضان الكريم فشعرت ببعض السكينة وقررت اللجوء إلى ربّي عسى أن يهديه و يصلحه· دعوت وتوسلت لربّي ليعيده لي ولأولاده· كنت أنتظر ساعة الإفطار بلهفة عسى أن يعود إلى بيته فيشاركنا أنا والأولاد الإفطار كما كان يفعل في السنين الماضية، ولكن للأسف كنت انتظر وانتظر دون جدوى· لم أكن أشتهي الطعام ولا آكل إلا الشيء القليل مما أدى إلى فقداني لوزني وشعوري بالتعب والإرهاق ثم تدهورت صحتي بالتدريج· كنت أتمزق وأنا اعلم بأنه يتركني في رمضان وحيدة ويذهب ليفطر معها، ثم يأتي لصلاة التراويح في المسجد ثم يعود للاختفاء حتى ساعات الفجر الأولى· بقي هكذا حتى نهاية الشهر الفضيل، لا يردعه صومه ولا تنهاه صلاته عما هو غارق فيه· كنت أستغرب وأتعجب كيف يستطيع مواجهة ربه وهو يصّر على المعصية والإثم، وهو يظلم أهل بيته بهذا الشكل المريع! انتهى شهر رمضان وانتهت معه آمالي بانصلاح زوجي وعودته لرشده، ثم جاء عيد الفطر··· فتفاءلت· قلت في نفسي: هل سيتركني في مثل هذه الأيام التي هي أيام فرح لكل المسلمين؟ مستحيل أن يصل الى هذه الدرجة· ولكن للأسف· في أول يوم من أيام العيد اختفى منذ الصباح ولم أعرف إلى أين ذهب· تركنا أنا وأولاده لوحدنا بلا فرحة ولا بهجة ولو ليوم واحد· كم تغير هذا الإنسان··· كيف استطاع أن ينسى أسرته بهذا الشكل؟ إنه أمر أكبر من قدرتي على الفهم والاستيعاب· تكررت الحكاية طوال أيام العيد··· يخرج صباحا ولا يعود إلا عند فجر اليوم التالي· عرفت بأنه يأخذ المرأة الأخرى لحضور الحفلات الغنائية التي تستمر حتى الصباح وفي النهار فإن برنامجهما حافل بالمشاوير الممتعة، فماذا يعنيه من أمري أنا وأولاده، حتى لو كان يعلم بأننا نجلس في المنزل تلفنا التعاسة بعيدا عن البهجة· البصيرة العمياء أصبحت نفسيتي في حالة سيئة للغاية، وأصبح البيت جحيما مستعرا لا يطاق· فبعد تسع سنوات من العشرة الطيبة والزواج السعيد لم يعد بيننا أي حوار سوى المشاكل· صار ينتقدني بشدة··· يجرحني في كل حين، يعيب على ذوقي، على ملابسي، على طريقة إعدادي الطعام· بمعنى آخر··· أصبح يراني بأبشع الصور· تلك الأفعى أعمت بصيرته عنّي وعن أولاده وعن أهله· أصبح عصبيا طوال الوقت··· لا يأكل جيدا ولا ينام براحة، نزل وزنه وشحب وجهه· تخلخل وضعه المادي بشكل كبير· أهمل عمله وترك أصدقاءه وصار مصدر همس الآخرين من حولنا، وأنا كنت صابرة··· أحاول أقناع نفسي بأنها نزوة وستزول· مضت ثلاثة أشهر أخرى، لم يعد يذكر موضوع الطلاق· ولكنه كان مستمرا في علاقته بها، وبقي حالنا على ما هو عليه، لا كلام بيننا، لا يتصل بي أبدا، ولا يخرج معي أبدا· ولكنه تحسن قليلا مع الأولاد، أصبح يأخذهم معه في نزهات ليتعرفوا عليها وليعتادوا وجودها· كانت تلك الأفعى تبذل جهودا لنشر سمومها في بيتي وعلى لسان أولادي، وترسل لهم الهدايا إلى المنزل، هذا عدا الهدايا التي كانت تهديها لزوجي والتي كان يأتي بها إلى البيت دون مراعاة لمشاعري· أذكر في إحدى المرات أنني عدت من العمل فإذا بطفلي الصغير يخبرني بأن فلانة اتصلت تطلب بابا· صعقت··· كيف تتجرأ على فعل ذلك؟ أخبرتني الخادمة بأن الأفعى اتصلت بموبايل زوجي وكان هو يصلي في المسجد فرد طفلي على المكالمة· كنت أعتقد بأن علاقتهما لم تتجاوز الخط الأحمر لعدة أسباب، أولها أنه يخاف ربه كثيرا كثيرا ويخاف على أولاده، فهو دائما يردد بأن أي معصية يرتكبها الإنسان، فأن الله قد يعاقبه عليها في أعز ما يملك وهو أولاده· كما أنه بالرغم من كل المشاكل فإنه لم يقصر في حقوقي الشرعية، مما زاد في يقيني أنه لم يرتكب الفاحشة مع تلك الإنسانة· ولكنني بالصدفة وجدت في جيبه فاتورة من أحد المتاجر لنوع من أنواع موانع الحمل التي يستخدمها الرجال، فقلت في نفسي: ربما هو متزوج منها··· فلا يعقل أن يرتكب الحرام وهو إنسان متق· ترجيت أهله ليخبروني إن كان قد تزوج فعلا فأكدوا لي بأنه لم يفعل، عندها جن جنوني· هل أصبح زوجي إنسانا منافقا مع ربه؟ يرتكب أبشع المحرمات ويذهب ليصلي في المسجد؟ يومها أنا طلبت منه أن يطلقني، ولكنه أصر على الإنكار ورفض الطلاق· معلومات جديدة عرفت بأن إحدى صديقاتي تعرف تلك الأفعى···عرفت منها مكان عملها ومنزلها· في أحد الأيام تأخر زوجي عن العودة إلى المنزل فقررت التأكد بنفسي من مكان وجوده، فذهبت إلى بيتها فوجدت سيارته هناك· واجهته عند عودته ولكنه بقي كالحائط لا يتكلم ولا يدافع عن نفسه· لم أعد أتذكر ترتيب الأحداث في مسلسل الوجع والألم· ولكن قبل شهرين أو ثلاثة كنت أجلس بجانب هاتفه فإذا بها تتصل، فوجدت بأن اسمها محفوظ تحت أسم: فلانه حياتي· يومها تشاجرنا وطلبت من أهلي أن ينهوا الموضوع معه··· فتحدثوا معه واتفقوا على أن يطلقني، ولكنه تحدث معي وقال بأنه مستعد أن يحلف على القرآن الكريم بأنه لن يتزوجها وسينهي العلاقة معها· ثم صار يتحدث بوضوح ولأول مرة، وقال بأنه قد تورط معها بهذه العلاقة، لأنها امرأة ذكية تعرف كيف تصطاد الرجال وترسم لهم حياة غير عادية مليئة بالدهشة ومفعمة بالمشاعر، وقال بأنه كان مبهورا بها، وقد طالبته بالزواج ووافق على ذلك، ولكن بعد فترة شعر بأنه قد تسرع وأن مثل هذه المرأة لا تناسبه لأنها تعيش بطريقة متفتحة أكثر من اللازم· كما أنها لا تصلح للأمومة، فولدها الوحيد تتركه بين أيدي الخادمات بلا أية رقابة، وكل همها هو السعي وراء متعتها وملذاتها· صدقته وقلت في نفسي: مادام قد أدرك حقيقتها فلا بد أنه سيتركها· ولكن للأسف··· بعد فترة عرفت بأنه قد خرج معها· بالصدفة تعرفت على فتاة تعرفها، ولم تكن تدري بأني أنا زوجة ذلك الرجل الذي تعشقه الأفعى· قالت لي بأنها تتشاجر معه دائما من أجل موضوع الزواج، ودائما تذكر زوجته بالسوء وتحاول أن تشككه بأخلاقها· ثم قالت: تصوري بأنها عندما تعلم بأنه يريد إيصال زوجته إلى عملها تتشاجر معه وتطلب منه أن لا يجلسها في المقعد الأمامي وأن يجلسها في المقعد الخلفي كالخادمة· وقد حاول أن يقطع علاقته بها ولكنها حاولت الانتحار لأنها تحبه بجنون· شقاء مستمر من جديد عدت للتوتر والتعب النفسي· فالأفعى وبشتى الطرق تحاول أن تعرفني بوجودها· فهي تترك ربطات الشعر في سيارته، ومساحيق التجميل على ثيابه· ذات يوم تلقيت اتصالا من إحدى زميلات زوجي في العمل، وهي تستفسر عن وضع زوجي الغريب، ولماذا يبدو مرهقا ومتعبا وكأنه قد كبر عشر سنوات في أشهر قليلة، هذا بالإضافة لإهماله المستمر لعمله وتمضيته ساعات الدوام بالحديث على الهاتف النقال··· وقالت إنه عصبي يرفض أن يتحدث معه أحد· عندها بدأت أشعر بأن زوجي قد وصل إلى حافة الانهيار الكامل في حياته كلها· أردت أن أعطيه الفرصة الأخيرة، تحدثنا وعاتبته على هذه العلاقة التي ستدمره وتدمرنا كلنا، فتحدث كثيرا ثم قال بأن الخطأ لا يستمر وأنه لا يصح إلا الصحيح، ثم دعاني إلى العشاء وكدت أطير من الفرح وأنا أجده قد عاد حنونا معي، يهتم بي ويتصل بي ويأخذني إلى العمل، فاعتقدت بأنها انتهت من حياته· للأسف فإن ظني كان في غير محله، فقد خرج ليلة البارحة وتأخر، وكان شعوري يدلني على أنه معها· وبالفعل فقد عاد وآثار مساحيق التجميل على ثيابه· جننت وتشاجرنا وعدنا إلى نقطة الصفر مرة أخرى· أفكر جديا بالطلاق لأنني لم أعد أحتمل، لماذا أقبل بهذه الحياة السخيفة؟ أنا متعلمة وجميلة وصغيرة··· والأهم من ذلك إنني أملك الأخلاق والشرف، فلماذا أساوي نفسي بها؟ وأرضى بها شريكة لحياة زوجي؟ قبل أن أصل إلى قراري الأخير قررت أن أرسل لكي حكايتي طالبة منك النصيحة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©