الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المنتجات البنكية الإسلامية تعاني من ارتفاع التكاليف

المنتجات البنكية الإسلامية تعاني من ارتفاع التكاليف
8 سبتمبر 2007 21:00
يتعرض مجموعة من خبراء الخدمات البنكية في سلسلة من التقارير التحليلية التي تصدر اليوم في مجلة (ميد)، لواقع المنتجات البنكية الإسلامية والمشاكل والإحباطات التي تعيشها البنوك والمؤسسات المالية التي تتبناها· ويقول أحد هذه التقارير إن أي إنسان يبحث عن الاستثمار في إنتاج مواد أو أجهزة أو خدمات جديدة، إن كانت شاشات تلفزيونية مسطحة أو مشغلات أقراص الـ(دي في دي) أو أحدث نسخة من (آي بود)، فلا بدّ له أن يعلم قبل كل شيء أن الذي يريد أن يكون (الأول) في تقديم منتج ما إلى الأسواق، عليه أن يتحمل أعباء وتكاليف أكثر· وهذا المبدأ ذاته ينطبق تمام الانطباق على أولئك الذين قرروا الاستثمار في المنتجات المالية المستوحاة من تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء· ومن المعروف تماماً أن المنتجات التي تبتدعها الشركات أو المؤسسات وتطرحها في الأسواق للمرة الأولى، تكون مرتفعة التكلفة وغالية الثمن· ولكن، ومع تطور تكنولوجيات وأساليب إنتاجها وتوحيد هذه الطرق والأساليب بين المنتجين، فإن هذه التكاليف تنخفض بحدّة بعد ذلك· إلا أن المنتجات المالية الإسلامية لم تعد جديدة في الواقع، وبالرغم من هذا فإن معاييرها وأساليب إنتاجها وطرحها في الأسواق مازالت متباينة ومختلفة من مؤسسة إلى أخرى· وكل واحد من البنوك الإسلامية مازال يقدّم منتجاته المالية على نحو مستقلّ وبناء على رؤاه الذاتية المنعزلة عن تلك التي يتبنّاها غيره من البنوك· وهكذا بقي المبدأ المذكور قائماً، وظلّت تكاليف إنتاج الخدمات المالية الإسلامية مرتفعة في وقت يحتدم فيه الجدل حول ما إذا كان من المنتظر أن تهبط هذه التكاليف إلى المستوى الذي تتقارب فيه مع تكاليف الخدمات البنكية التقليدية· وينقل أحد تقارير (ميد) عن طه الطيب أحمد، نائب رئيس قسم بدر الإسلام ورئيس المنتجات في بنك المشرق، قوله إن مشكلة التكاليف المرتفعة لـ(الاستهلال) في تقديم الخدمات المالية الإسلامية، لا يمكن التغلب عليها بسبب التعقيدات التي تميز هذه الخدمات· وبالنسبة لمعظم المستثمرين في المنتجات المالية الإسلامية، لا يكون القرار باعتماد طريقة الاستثمار وفقاً لأخلاقيات الشريعة الإسلامية خياراً شخصياً، بل هو فرض وواجب· ويقول أحد المديرين التنفيذيين لأحد البنوك الإسلامية في الشرق الأوسط، فضّل عدم ذكر اسمه: (دأب معظم مستهلكي خدماتنا على الاحتجاج لدينا لأنهم وجدوا أن في وسعهم استهلاك الخدمات ذاتها من البنوك التقليدية بتكاليف أقل، إلا أنهم أعربوا عن استعدادهم لدفع تكاليف إضافية لمجرّد تصميمهم على أن تتم معاملاتهم المالية وفقاً لتعاليم الشريعة الإسلامية)· ويروي راجيف سينج، من شركة إيرنست آند يونج للمحاسبة في سلطنة عمان، قصة حول هذا التوجّه القوي لزبائن البنوك الإسلامية فيقول: (لاحظت ذات مرّة كيف أن اثنين من الزبائن اختارا استثمار أموالهما في البنوك الإسلامية بالرغم من أن الزبون يدفع رسوما مالية أكثر بما بين 3 و4 بالمئة عن التي يدفعها في البنوك التقليدية· وهو يرضى بذلك لسبب وحيد يكمن في أنه يرغب أن تكون معاملاته المالية خاضعة لتعاليم الشريعة)· وتعتقد بعض المرجعيات الخبيرة التي تعمل في بنوك أخرى أن هذه الحال لم تعد قائمة· ويقول آفاق خان، الرئيس التنفيذي لقسم (صادق) للخدمات الإسلامية في بنك ستاندرد تشارترد: (يمكنني أن أجزم أن الرسوم الاستهلالية للمنتجات البنكية انخفضت بالفعل· ونحن مجبرون على ابتداع منتجات جديدة مبنية على أسس الشريعة الإسلامية بشرط أن تكون أسعارها منافسة لتلك التي تطرحها البنوك التقليدية· ولو فرضنا على الزبون رسوماً إضافية بمقدار 2 بالمئة، فسوف يرفض دفعها)· ويتذكر خان أنه قبل عقد مضى، كانت معظم المنتجات الإسلامية مسعّرة بطريقة مضلّلة بسبب غياب التنافس الحقيقي في الأسواق· وكان للجاذبية الاستثمارية للتمويل الإسلامي بالنسبة للبنوك، واحتدام التنافس في الأسواق، أن يخفّف من هذه الظاهرة· كما أن التطورات السريعة التي شهدتها الأسواق مكّنت بعض البنوك من تحقيق عوائد أكبر وتقديم منتجات جديدة بأسعار أقل· وتتركز الاستراتيجية الرئيسية التي يتبعها قسم (صادق) في بنك المشرق، وفقاً لما يقوله خان، على إعادة النظر في تكاليف تطوير منتجاتها حتى تكون السبّاقة إلى الأسواق· ثم يمضي قائلاً: (لو استطعنا أن نكون الأوائل في الوصول إلى الأسواق، فسوف يكون في وسعنا أن نقتنص حصة كبيرة منها؛ وعندئذ سيتحتم علينا أن نواصل العمل في هذا الاتجاه· وبهذا نكون قد تأكدنا من أننا قادرون على تغطية تكاليف المنتج الجديد الذي نطرحه في الأسواق)· ويبدو بوضوح أن هذا الأمر مازال ملتبساً بالنسبة لبعض المشاركين في السوق· ويقول طه الطيب أحمد، رئيس المنتجات في بنك المشرق إن من الممكن تنظيم البنوك الإسلامية على النحو الذي تصبح معه تكاليف المنتجات البنكية شبيهة بتلك التي تنتجها البنوك التقليدية، إلا أن العديد من هذه المنتجات لابد أن تنطوي على درجة التعقيد التي تضطر المستهلكين للدفع أكثر إن كانت من النوع الفردي أو المؤسساتي· ويقول التقرير إن الصعوبات التي يشهدها قطاع المنتجات البنكية الإسلامية تتضح أكثر عندما تحتاج البنوك للاقتراض من بعضها البعض أو من الأسواق المالية· ويقول أحد خبراء الخدمات البنكية في منطقة الخليج: (يعدّ الاقتراض بين البنوك أكثر تكلفة بالنسبة للبنوك الإسلامية، لأنها تميل لاستخدام أدوات أكثر تعقيداً من شأنها أن تشعل حمى المضاربة وترفع بالتالي من حجم التكاليف الأساسية للقرض· ولا مفرّ بعد ذلك من شعور المستهلكين بضغوط التكلفة الإضافية)· ويشير التقرير أيضاً إلى أن البنوك الإسلامية تفتقد للأسس التي تتطلبها خدمات قروض الآجال القصيرة· ولهذا فإن أقصر أجل للاقتراض يمكنها التعامل معه هو أسبوع واحد· وعادة ما تلجأ البنوك التقليدية لسحب القروض ذات الآجال القصيرة بناء على أسعار فائدة منخفضة نسبياً تحددها البنوك المركزية المحلية حتى تضمن تحقيق السيولة الكافية في الأسواق· وتكون من نتائج هذه الزيادة في التكاليف ونقص المرونة في التمويل ارتفاع أسعار الخدمات البنكية الإسلامية· وبالطبع، ليست هذه هي المشاكل الوحيدة التي يعاني منها قطاع الخدمات المالية الإسلامية· وبعيداً عن منطقة الشرق الأوسط، يكون للنظام القضائي تأثيره السلبي على المنتجات الإسلامية· ومن ذلك مثلاً اختلاف طريقة فرض الرسوم على الدخول المالية وبما يترك أثره المحبط على سوق المنتجات الإسلامية في تلك الدول· وفي تقرير آخر لـ (ميد)، تشير المحللة المالية فيكتوريا روبسون إلى أن وزارة الخزانة البريطانية قطعت خطوة أخرى على طريق طرح أول إصدار للصكوك في دولة غربية كبيرة· وفي أواخر أغسطس الماضي تم تنظيم سلسلة من جلسات التفاوض بين خبراء وزارة الخزانة وهيئة الخدمات المالية لمدينة لندن من جهة، وهيئة من المستشارين الماليين المتخصصين من جهة أخرى، تهدف إلى إطلاق دراسة جدوى لفكرة تبني العمل بالسندات الإسلامية في بريطانيا والعالم· ولن يتم إصدار هذه الصكوك إلا بعد التأكد من أنها تنطوي على الفوائد العالية بالنسبة للأسواق المالية البريطانية، وعقب التحرّي بكل دقة عن مستوى الطلب الفردي عليها، ومستوى تكلفتها، ودرجة المجازفة التي ينطوي عليها إطلاقها للتداول· وسوف يمثل هذا الحدث نقطة تحول بارزة في مجال تطوير خدمات التمويل الإسلامي وفقاً لما يشير إليه التقرير· إلا أن دول مجلس التعاون الخليجية، وليست أوروبا، هي مركز الاهتمام العالمي فيما يتعلق بخدمات الصكوك· فهذه المنطقة تستأثر بثلاثة أرباع مجمل الإصدارات العالمية منها· ووفقاً لما يقوله خبراء وكالة التصنيف العالمية (مودي إنفيستوز سيرفيس)، فإن إصدار الصكوك المؤسساتية والتي تمثل القسم الأكبر من السندات الإسلامية، ارتفع من أقل من مليار دولار في عام 2005 إلى أكثر من 10 مليارات دولار في عام ·2006 ومنذ بداية العام الجاري 2007 وحتى الآن، تم إصدار صكوك تزيد قيمتها عن 6,3 مليار دولار، مما سيرفع مجمل قيمة الإصدارات إلى رقم قياسي جديد في نهاية العام الجاري· وكل يوم تقريباً، تشهد الأسواق ظهور صيغ جديدة من الصكوك· فالصكوك القابلة للتحويل مثلاً، تسمح للمستثمر بتحويل رأسماله إلى أسهم في أصول الشركة المصدرة عند انتهاء مدة التسديد، وهي الطريقة التي أصبحت شائعة في دولة الإمارات منذ أصدرت شركة الموانئ والمناطق الحرة صكوكاً بمبلغ 3,5 مليار دولار تحت اسم (المشاركة) أوائل عام ·2006 وبالرغم من أن المنتجات الاستثمارية المالية الإسلامية أصبحت تتدفق على الأسواق من دون انقطاع، إلا أن التطور الذي تشهده أسواق الصكوك بقي محكوماً بمبدأ التجربة وإصلاح الأخطاء· وبدأ المهتمون بابتداع هذه المنتجات باختبار صيغ جديدة مثل (إجارة) و(مشاركة)· وينقل التقرير عن خان قوله: (لا يوجد ثمّة جواب موثق حول الطريقة التي تتم بموجبها صياغة الصكوك، وتبدو الإصدارات المؤسساتية من الصكوك وكأنها تعبّر عن مدى قوة الجهة التي أصدرتها· ثم إن نوعية الأصول للشركة المصدرة، وطرق الاستحواذ عليها، والهدف من إصدارها، تعد جميعاً من العوامل الأساسية للحكم على الصيغة الأفضل للإصدار ومدى انسجامه مع تعاليم الشريعة الإسلامية)· وتعرض فيكتوريا روبسون أيضاً لمشكلة نقص الخبراء المتخصصين في الخدمات البنكية الإسلامية فتقول إن من الأسئلة المستعصية التي لا يعرف أحد لها جواباً هو ذلك الذي يتعلق بالمكان المرشح لأن يظهر فيه الجيل الجديد من الخبراء المتخصصين بالخدمات المالية المبنية على الشريعة الإسلامية· وتأتي صعوبة الإجابة عن هذا السؤال من أن البركة التي ينبثق منها هؤلاء الخبراء صغيرة المساحة وتكاد تكون جافة· ولا شك أن السرعة الراهنة لتزايد عدد الخبراء في هذا الميدان، لن تتمكن من مسايرة التوسع المتسارع في هذا القطاع المالي الحساس·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©