الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الذاكرة إذ تقارع النسيان

الذاكرة إذ تقارع النسيان
6 ابريل 2016 20:50
إبراهيم الملا أن يجتمع وتحت سقف واحد 100 عمل فني أنتجه 15 فناناً من رواد الفن التشكيلي في الإمارات وهم في أوج الانشغال والبحث والتجريب داخل محترفهم الإبداعي، فإن هذا الاجتماع أو التراكم الممتد إلى أربعين عاما سيصبح بلا شك حدثا مهما، عطفا على الاتساع الزمني والشتات الأرشيفي لهكذا تجارب أسست لحضورها المبكّر وسط شرارة الدهشة ووهج البدايات الأولى لذاكرة الفن التشكيلي المحلي. يحمل هذا الحدث الفني والثقافي الملفت عنوان: «حول المعارض في الإمارات» ويحتضنه مبنى «الطبق الطائر» التاريخي بمنطقة دسمان بالشارقة بعد أن كان معمارا مهملا لفترة طويلة، رغم زخم حضوره كمبنى تجاري ذي تصميم هندسي غرائبي وفريد في أواسط السبعينات من القرن الماضي، ما يعكس التواشج والتناغم بين القيمة التوثيقية للمعرض وبين قيمة المكان، وهو هنا مبنى الطبق الطائر الشاهد على تحولات اقتصادية ملحوظة، وانعطافات اجتماعية فارقة خلال الأربعين سنة الماضية. أقيم معرض (حول المعارض في الإمارات) للمرة الأولى ضمن مشاركة الجناح الوطني لدولة الإمارات المتحدة في بينالي البندقية خلال المعرض 56 الدولي للفنون في مدينة البندقية في إيطاليا العام الماضي، بتفويض من مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، وبدعم من وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، وبإشراف ومتابعة القيّم على المعرض، الشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون. وانتقل المعرض مؤخرا وبكامل ثقله البصري والاستعادي إلى الشارقة ليقدم أعماله أمام الجمهور المحلي في الفترة من 13 فبراير وحتى 14 من شهر مايو القادم. حوار تفاعلي يستلهم (حول المعارض في الإمارات) فكرة المعارض التاريخية التي أقيمت في الإمارات خلال فترة الثمانينيات وما بعدها، كما تشير إلى ذلك الشيخة حور القاسمي القيمة على المعرض، مضيفة أن المعرض صمم بروح ابتكاريه تمثل موضوع وثيمة المعرض الذي يركّز على التجربة الجمالية ويبرز الصلة بين الأعمال الفنية، ما يخلق إحساسا بالتجوال عبر مجموعات متواشجة في حوار تفاعلي يضيء على الماضي، ويفتح نافذة للبحث في المستقبل. ويكشف المعرض عن قوس واسع ومتعدد من الأساليب والخامات والمواد والأنماط التعبيرية التي استخدمها وانتهجها كل فنان على حدة، اعتمادا على اللون واللوحة الكلاسيكية تارة، وعلى النحت والتجسيم والأشكال المفاهيمية المعاصرة تارة أخرى، ما شكل تحدّيا أمام منظمي المعرض في كيفية جمع هذه الأعمال المتمايزة في نسقها التعبيري داخل فضاء مشترك. وتجاوزت الشيخة حور القاسمي هذا الإشكال التنظيمي من خلال تطبيق «نظرية التقارب» وخلق مساحة للتواصل بين النهجين المفاهيمي والشكلي، وتوثيق الفترات الزمنية واستعادة الأرشيف الصحفي والمواد الإعلامية التي واكبت بدايات ظهور الحركة التشكيلية في الإمارات، وكيفية عرضها ومعالجتها نقديا لإرهاصات المكوّن الفني الوليد، بالتوازي مع استدعاء المراحل الأساسية لسيرة الفنانين، وأيضا سيرة المشهد الفني الجماعي في تلك الفترة. ويشتمل المعرض على أعمال متنوعة ومسكونة بهاجس البحث عن طرائق مستقلة ورؤى متفردة تضع كل فنان في مسار توليفي خاص سيكون هو منبع وبوصلة أسلوبه الفني في المراحل التالية، والفنانون المشاركون هم: عبدالقادر الريّس، حسن شريف، الدكتور محمد يوسف، الدكتورة نجاة مكي، عبدالرحيم سالم، أحمد الأنصاري، عبدالرحمن زينل، محمد القصاب، عبدالله السعدي، محمد بولحية، عبيد سرور، محمد كاظم، موسى الحليان، أحمد شريف، وسالم جوهر. أما الأعمال المشاركة فقد استقدمت من مؤسسات أو مجموعات خاصة، إضافة إلى الأعمال التي قُدّمت من قِبَل الفنانين أنفسهم، تجاوبا مع الأهمية التاريخية التي يختزنها المعرض، وتماهيا مع نوستالجيا الزمان والمكان في مدونات الأثر الفني والانطباعات الشخصية لجيل من المثقفين الذين عاصروا التغيرات الفكرية، وعاينوا نشأة الحراك الثقافي المتدفق والمختلف والجامح في تلك الحقبة. معمار الروح يتيح المعرض فرصة نادرة للمتفرج كي يتعرف على المراحل والمسارات والتغيرات التي طرأت على أساليب الفنانين المشاركين على مدار أربعة عقود، ومن خلال صيغ ثنائية، تبدو ظاهريا بأنها متعارضة ومتناثرة، لكن الطبيعية «التأريخية» للمعرض تتجاوز ما يمكن أن نسميه هنا «الانتقائية الصعبة» التي مزجت أضدادا من التفسيرات الفنية، وآلفت بين انزياحات معرفية مشاكسة، ولكنها وفي بعدها البانورامي بدت وكأنها ترصد التطور الطبيعي للتجربة الفنية الإماراتية بشكل عام، ولتطور الشكل والمحتوى في التجربة الفردية لكل فنان ضمن سيرورة البحث المتواصل عن القيمة المضافة، والنضج الأسلوبي للعمل الفني في مراحله اللاحقة. فنرى في أعمال الفنان الفطري محمد بولحية على سبيل المثال هذا المزج بين قسوة الخامة ورهافة الإيحاء المتشكل وسط فضاء أو معمار شاق ينزاح بلطف نحو العزلة والكثافة الروحية المتبوعة بطقس داخلي متحرر من الأطر الملزمة للفن. يتعامل بولحية مع خامات صلبة ومتنوعة مثل الحديد والألمنيوم والخشب والرخام والبازلت، ورغم ذلك فهي لم تكن خامات محايدة أو متمحورة على صلادتها واكتنازها فقط، ذلك أن النصب والإنشاءات النحتية التي يقدمها بولحية تنشغل بمواضيع وإسقاطات حياتية مرتبطة بالبيئة والمكان، وبالبشر والحيوان، وبكل الأطياف الشاردة التي يقتنصها بولحية ويضعها في نسق تهكمي لا يخلو من إدانة للزخرفة والقصد والتزيين. يستفيد الفنان هنا أيضا من اللحظة الطارئة أو العفوية لتطويع واستخدام خامة بعينها، وبالتالي استيحاء وتكوين الشكل المتخيل للمنحوتة وللشغل الذهني واليدوي المطلوب لإنتاجها. وكان ثمرة الاحتكاك بين القصد الموضوعي وبين الارتجال الفني لأغلب الأعمال النحتية في المعرض، هو وجود بناءات تجريدية ورمزية وذات بعد عمودي، بموازاة أعمال أخرى تحمل مضامين وأصداء بأبعاد أفقية تخاطب وعي الجمهور وذائقة المتلقي. جاءت بعض أعمال المعرض وكأنها تضخيمات متعمدة لكائنات مجهرية وسرية، تحولت بواسطة الكتل الصخرية المرفوعة على أعمدة رفيعة وكأنها جمهرة من الشخوص الغرائبيين المحاطين بهالة من الصمت والدهشة المتبخرة، وفي عمل آخر مبني من قضبان حديدية داكنة يشكل الفنان الحالة المثالية لجوقة من العازفين المسحورين بالموسيقا الخفية التي تنبع من أصابعهم ومن الآلات الموسيقية الملتصقة بأجسادهم، واستفادت المنحوتات المنفذة من مادة الخشب للفنان محمد يوسف من العلاقة التبادلية بين الكتلة والفراغ لتشييد فضاء وهمي يشعّ بأفكار خاصة حول علاقة الذات بالآخر، وحول علاقة الجسد بالوجود المحتدم والعاصف، وتوزعت في زوايا المعرض أنماط نحتية تقارب الأشكال الحيوانية لكائنات مروضة خارجيا، ولكنها في عمق اشتباكها مع العين الفاحصة تبدو وكأنها مشحونة بالنفور والغضب من الأقفاص الرمزية المحيطة بها. احتوى المعرض أيضا على انشغالات نحتية كما في أعمال عبدالله السعدي ونجاة مكي وعبدالرحيم سالم بدت وكأنها تقدم إشارات غابوية ووحشية، كما بدت بعض المنحوتات ككتل تعبيرية مكتنزة، وبورتريهات تتخطى الشكل الواقعي، وتنتصر للهاجس البدائي والطليق لبشر محتفلين وملتصقين بالطبيعة المحيطة بهم، اعتمادا على مقتنيات الطبيعة وجماليات الصدفة والاكتشاف أثناء التجوال الحرّ في الأمكنة المهجورة، والتي ترجمها مثلا الفنان عبدالله السعدي بوضوح ملتبس في توظيفه النحتي لمفهوم الخرافة الشعبية، من خلال التوليف المفعم بالخيال المتوجس والتي تعكسه هنا الهياكل العظمية، وجماجم الحيوانات النافقة. يعبّر المعرض أيضا عن الحمولات الرؤيوية التي يخزنها النحت كبناء فني وتفاعلي يضع المتفرج وسط مناخ من الرهبة والانجذاب معا، كما أنه يقحمه في حلقة من التجسيد والتنزيه الذين يلتقيان ويتفارقان على هوى الإغواء والتواصل بين نظرة المتلقي التأويلية وبين البعد الرابع، والصمت الطقوسي المفعم للمنحوتة. وتعبّر اللوحات الانطباعية لكل من أحمد الأنصاري وعبدالرحمن زينل وعبدالقادر الريّس وعبيد سرور عن نظرة واقعية وتسجيلية تسعى لتثبيت قصص وحالات إنسانية، مع الاعتناء بالتفاصيل المنبثقة من علاقة الضوء بالظل، والزمن بالحركة، والهامش بالمتن، واستثمار هذه العلاقة لخدمة الخطوط والأطر والملامح التي تمنح اللوحة شكلا ومضمونا يجمع بين الذاتي والمحايد في آن واحد. وتفصح التقسيمات اللونية المميزة في لوحات محمد القصاب وسالم جوهر عن تعبيرية غنائية تتصل بالجانب التراثي المتعلق بالملابس والبيئة الشعبية، ولكنها تنحو في الوقت ذاته باتجاه حميمي وانتقائي وحرّ فيما يتعلق بقوة الانفعال لدى الفنان ذاته، هذا الانفعال المطبوع برشاقة وسط الكتل التي تضع الشخصية المركزية في اللوحة داخل كادر شامل تذوب فيه الفوارق بين الذات والموضوع بحيث يتحول فضاء اللوحة بمجمله إلى فضاء حلمي مزدحم بالتجليات وبانمحاء الفوارق بين الشكل والمعنى، وبين الأبدي والفاني. وفي سياق بدا مستقلا نوعا ما عن مجمل أعمال المعرض، عبّرت أعمال كل من الفنانين حسن شريف ومحمد كاظم وموسى الحليان وأحمد شريف عن مناخات تجريدية وسوريالية ومفاهيمية تتغذّى من البحث المتواصل عن صيغ تتجاوز البديهي والمتسّق والوظيفي في الشكل الفني من خلال الهدم والبناء العشوائي، تمجيدا للحظة الإشراق التي يتخطفها الزمن، فلا يعود للتوثيق قيمة هنا، ولا أثر يمكن الاعتماد عليه، سوى ذلك الأثر المتلاشي في سديم الذكرى، وسوى تلك الصورة الذابلة في نسيان مكرر، وكأن الفن هنا يعيد إنتاج اليأس، لاستحالة العودة إلى الماضي، ففي كل عمل فني هناك كم هائل من العبث والخداع والمكر، الذي لن يستطيع أن يختبره سوى المتلقي ذاته، لحظة انتهاء الفنان من عمله، ولحظة موت «الجمال» المتحقق لمرة واحدة وأخيرة. سرديات الغياب وحول القيمة النوعية للمعرض ومشاركته الشخصية ضمن نخبة من الفنانين المؤسسين، وسرده لبعض الجوانب الغائبة عن ملامح وبدايات ظهور الحركة التشكيلية في الإمارات، يقول لنا الدكتور محمد يوسف: «لا شك أن مساهمة ثلاث جهات كبيرة في الدولة هي وزارة الثقافة وتنمية المعرفة ومؤسسة الشارقة للفنون ومؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، هي مساهمة قوية ومضيئة لاستعادة وبعث الأعمال المبكرة لرواد الفن التشكيلي في الدولة، انطلاقا من فترة الثمانينات، عندما كان الفنانون يتلمسون طريقهم ويحاولون إثبات مواهبهم سواء كانوا من الهواة والفنانين الفطريين، أو من الفنانين الأكاديميين الذين درسوا في الخارج، وحاولوا تطبيق معارفهم على أرض الواقع، من خلال أعمال عبرّت في تلك الفترة عن تجارب واعدة وسط حراك ثقافي محتدم شمل فنون القصة والشعر والسرد الأدبي والمسرح والدراما والموسيقا». وثمن يوسف دور الشيخة حور القاسمي القيّمة على المعرض والتي بحثت طويلا عن محتوى فني مناسب يمكن تقديمه للعالم في بينالي البندقية خلال دورته الأخيرة التي أقيمت السنة الماضية، فانتبهت إلى أن معظم أبناء وبنات الإمارات من الأجيال الناشئة وخاصة ممن لديهم اهتمامات فنية، لا يعرفون الشيء الكثير عن الفنانين المؤسسين وعن المخاضات الأولى للفنون التشكيلية في الدولة، ومن هنا أتت فكرة المعرض كما أشار يوسف كي تسد فراغا تاريخيا وأرشيفيا حول المعارض والتجمعات الفنية في المكان، مثل جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، والنادي الثقافي العربي، وإتحاد الكتاب، وأستوديو الفن في المريجة، ومركز إكسبو للمعارض، ومعهد الشارقة للفنون، وبينالي الشارقة وغيرها. ووصف يوسف الحراك الفني المحلي قبل أربعة عقود بأنه كان أشبه بالمغامرة الساعية لتحريك الساكن، وتأسيس ثقافة بصرية جديدة، ونشر رؤية جمالية لم تكن سائدة مع بداية قيام دولة الإتحاد، عندما كانت الثقافة الشفهية هي الطاغية، وعندما كانت مناهج التعليم محصورة في سياقات وتخصصات ضيقة. وأضاف يوسف: «كنا في بداية انخراطنا بعالم الفن نجمع بين الاشتغال المنهك على مشاريعنا الفنية، وبين العمل الإداري عند إنشاء جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، من خلال التواصل مع الفنانين والجهات الثقافية، وكان الحماس المتقّد والثقافة الذاتية والرغبة في تطوير المهارات الشخصية، هي سمات بارزة في تجربة الفنانين المحليين خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات خصوصا». وأوضح يوسف أنه كان سعيدا على النطاق الشخصي بالتجربة التشكيلية التي خاضها بالتزامن مع التجربة المسرحية، مشيرا إلى استفادة أعماله النحتية الأولى من السينوغرافيا والأداء المسرحي، كما أنه طبق رؤيته الفنية على عمله كمراقب للديكور في استوديوهات تلفزيون أبوظبي خلال فترة الثمانينات. وحول شغفه بالفن في تلك البدايات الغامضة والضحلة معرفيا، قال يوسف إن الحكاية بدأت مع مشاهدته للوحة «الشحّات» التي قدمها الفنان الإماراتي التلقائي أحمد الأنصاري في فترة السبعينات من القرن الماضي، وكانت عمليات البحث عن هذه اللوحة وتوثيقها وعرضها سببا في إنشاء جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في العام 1980 بدعم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لتكون الجمعية مقرا ومظلة وورشة إنتاج حقيقية ومتواصلة لمعظم الفنانين بالدولة. وعن الأسماء والمحاولات الفنية الأولى التي لم تكتب لها الاستمرارية ولا التوثيق الجدي لتجاربها المبكرة، أوضح يوسف أن هناك عدد من الفنانين الفطريين الذين ظهروا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، مستثمرين وعيهم الإبداعي وجهودهم الذاتية، ولكنهم انقطعوا ولظروف خاصة عن التواصل مع المشهد التشكيلي المتنامي، ومع الفورة الإعلامية الصاعدة أواخر السبعينات، وذكر من هؤلاء الفنانين: محسن النومان، وعبيد سيف الهاجري، وناصر عبيد، وظاعن جمعة، وإبراهيم مصطفى، بينما استمر فنانون آخرون ظهروا في تلك الفترة الضبابية من تاريخ الفن المحلي في العمل ورفد الساحة الفنية بأعمالهم المتميزة، مثل عبدالقادر الريّس، وعبدالرحمن زينل، وحسن شريف، وفاطمة لوتاه، ومحمد بولحية. ولخّص يوسف مداخلته بالإشارة إلى التناقضات المبهجة والأخرى الصادمة في المشهد التشكيلي الإماراتي، مؤكدا أن هذا المشهد في بداياته كان يتمتع بكثرة المواهب مع قلة الإمكانيات، وندرة المعارض، ومحدودية الدعم، بينما يعاني المشهد ذاته اليوم من عزلة المبدعين، وقلة المواهب الجديدة، وانقطاع الجيل الحالي عن الجيل السابق، رغم وجود إمكانات كبيرة متمثلة في معاهد الفنون الجميلة، والمعارض الكبرى، والدعم القوي، وفرص الانتشار عبر وسائل الإعلام والتواصل الحديثة، وقال إن هذه الإشكالية ما زالت محيرة بالنسبة له، وتثير علامة استفهام كبيرة، بحاجة لمن يناقشها ويحللها بشكل جدي لإعادة التوازن إلى هذا المشهد واستثمار المواهب الحقيقية والمغيبة عنه. بداية هذا المعرض والإصدار المصاحب له يدعو المشاهدين لإقامة روابط مباشرة مع المعروضات، ومع الأرشيف التاريخي والذاكرة الجمعية التي يمثلها، حيث يجمع الخطاب الناتج بين الشخصي والجماعي في آن واحد، ويمثل بداية لمشروع بحث مكثّف، وأكثر تفصيلا. حور القاسمي تذكارات مشروع «تذكارات الطبق الطائر» مشروع بحثي لمؤسسة الشارقة للفنون يوثق التاريخ العمراني لمبنى الطبق الطائر الذي يستضيف المعرض، والذي اكتمل بناؤه في العام 1975 ويسعى المشروع إلى الحصول على مواد بصرية وأدبية وصوتية وإعلامية ومقالات وصور وذكريات مكتوبة تعكس تاريخ وإسهامات المبنى في التراث المعماري لإمارة الشارقة. مغامرة الحراك الفني المحلي قبل أربعة عقود كان أشبه بالمغامرة الساعية لتحريك الساكن، وتأسيس ثقافة بصرية جديدة، ونشر رؤية جمالية لم تكن سائدة مع بداية قيام دولة الاتحاد، عندما كانت الثقافة الشفهية هي الطاغية، وعندما كانت مناهج التعليم محصورة في سياقات وتخصصات ضيقة. محمد يوسف
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©