الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

العبدان: المشهد الثقافي في الإمارات متطور مؤسسياً ومجتمعياً

العبدان: المشهد الثقافي في الإمارات متطور مؤسسياً ومجتمعياً
8 سبتمبر 2007 00:52
يختزل الفنان والناقد التشكيلي علي العبدان قراءته للمشهد الثقافي في الإمارات من خلال التأمل والتروي والبحث المتخلص من انفعالات الراهن وأحكامه المتسرعة، وهو تأمل مسنود في ذات الوقت بالحياكة الصامتة التي يجترحها العبدان في أعماله الفنية ومساهماته النقدية· في الآونة الأخيرة اتجه العبدان نحو حقول إبداعية موصولة بجذورها، وبذاكرة رحّالة قلقة في موروثها الغائب والمقصي، ونقصد به هنا الموروث البصري والغنائي الذي لم تتقد ناره الأصيلة في مسامات الجيل الجديد، وحوارات العبدان مع هذا الموروث غير مقطوعة النسل لأنها مسكونة بحنين فائض وغوص عميق في الموسيقا الشعبية المتمثلة في فن الصوت وملامسة أرواح المطربين الشعبيين الكبار في الخليج، ولم تغب السينما بفضائها المشهدي عن المدارات البحثية للعبدان، فقدم اقتراحاته العاشقة للمكان من خلال سيناريو فيلم (حبل كومبار) بالإضافة إلى سيناريوهات أخرى لأفلام روائية قصيرة· الحوار التالي يحاول الاقتراب من قراءات العبدان المتعددة للحراك الثقافي الراهن، وما يحويه هذا الحراك من سفر وتحولات بين قديم لم يكتشف بعد، وبين حديث ينتظر مكتشفيه· الفن والبيئة ü كيف تقرأ المشهد الثقافي الحالي في الإمارات ؟ üü بصفةٍ عامة ؛ يمرّ المشهد الثقافي في الإمارات بحال حسنة على المستويين المؤسسي والمجتمعي ، فعلى المستوى المؤسسي أو الرسمي لا تخفى الجهود المبذولة من قبل المؤسسات المعنية بنشر الثقافة والتراث ، أما على صعيد المجتمع فقد لاحظنا في الآونة الأخيرة الاهتمام الكبير والمتزايد من قِبل الشباب ــ الذي غالبا ما يتهم بالكسل والحيادية ــ بالاشتراك في دورات الفنون الجميلة والخط العربي والمسرح والموسيقى، وكذلك تقدم الكثير منهم إلى مسابقات السينما والشعر وفنون التراث، وهو أمرٌ منعكسٌ عن جهود المؤسسات المذكورة آنفاً، والتي كانت وما زالت تحث الشباب الإماراتي على انتهاج سبيل الثقافة؛ كوجهٍ حضاري نواجه به تحديات القرن الجديد الذي نعيشه · ü بالإضافة الى المؤسسات والهيئات المعنية في هذا السياق، هل ثمة دور منتظر من النخب المثقفة لردم الهوة الحاصلة بين ثقافة الاستهلاك (الحاضنة) وبين ثقافة الإنتاج (الطاردة)· üü أنا أرى أنه دور متراجع، فالنخبة المثقفة في الإمارات لم تسع إلى ابتداع تسويق جيد لنتاجاتها الثقافية والفنية ضمن المجتمع المحلي، مع وجود الاستثناءات في كل مجال ثقافي، فهذه النخبة تقدم إبداعاتها بمعزل عن الإنتاج المتبادل، أو هكذا يبدو الحال، فكل إنتاج نخبوي يصدر في محيطه النخبوي لن يجد سوى متلق نخبوي ونقدٍ نخبوي ، وعلى سبيل المثال؛ لا نجد في مجال الفنون التشكيلية - وهو مجال خبرتي واهتمامي - مَن سوّق فناً قريباً من المجتمع، بحيث يعطيه قيمة محلية حاضرة في الذهن باستثناء القلة، ولن يفوتني هنا التنبيه إلى أنني لا أعني بالفن القريب من المجتمع الفن التسجيلي؛ أي الذي يسجل مفردات البيئة المحلية، إنما أعني طريقة في الفن تستلهم مفردات البيئة في تقديم قيمةٍ فكريةٍ تزيد من الاتزان الذوقي والفكري عند الناس في مجتمعنا، وهذه الخاصة يفتقدها الكثير من الفنانين الإماراتيين؛ الأمرالذي جعل أعمالهم كثيراً ما تتوقف عند حدود مشاهدتها، وقس على ذلك النواحي الأخرى من مجالات الفنون والثقافة · ثقافة الازدحام ü وهل ترى أن المجتمع يمكنه أن يتواصل مع نتاجات إبداعية لها قيمة فكرية في ظلّ مشاغل الحياة اليومية وثقافة الازدحام ؟ üü بالعكس، إن حاجة المجتمع إلى الثقافة والفنون والتراث كبيرة في ضمن ثقافة الازدحام التي نشهدها الآن ، ذلك أن الفنون كالشعر والأدب والمسرح والسينما والموسيقى والفنون الجميلة تعيد إنتاج وعينا وتذوقنا الفردي ، وبعبارةٍ أخرى فإن الفنون قادرة على انتشال الفرد من زحمة الثقافات المحيطة، والذهاب به نحو ثقافة مقاومة ونقية في ذات الوقت، وهي الثقافة التي نرتجيها الآن وبقوة كي تعيد لنا الاتزان النفسي والإحساس بخصوصيتنا الغائرة فينا· ü أنت في الأصل فنان وناقد تشكيلي ، حدثنا عن رؤيتك للساحة التشكيلية في الإمارات üü الساحة التشكيلية المحلية تشهد تطوراً على مستويين ؛ الأول المستوى الفكري حيث نجد الكثير من ممارسي الفن قد بدأ في الكتابة التنظيرية حوله ، والكثير منهم لم يكمل عقداً من الزمان في الحركة الفنية ، وهذا شيء كان نادراً في السابق، والمستوى الثاني هو مستوى الاهتمام بإنتاج الأعمال الفنية ، فقد تزايد طالبو الالتحاق بالدورات والورش الفنية، وأصبحنا نرى متميزين واعدين، لكن لا يمكن الحكم على هذا المستوى حتى يتطور ويستمر عبر فترة من الزمن ، أما المستوى الأول وهو الفكري ؛ فلي عليه تحفظات كثيرة لأنه يتصل بالنقد الفني ، ومع الأسف ؛ فإن النقد الفني في جانب التشكيل عندنا قد غلبت عليه الشاعرية في الأسلوب ، والكثير من الفنانين الجدد ممن يمارسون الكتابة عن الأعمال الفنية ينتجون كتابات هي أشبه بالخاطرة التي تنشرها الجرائد لبعض العامة في صفحة القراء ، لذلك نحن نفتقد إلى الكتابة النقدية الجادة والرصينة التي تهتم بدفع عجلة الفن في الإمارات الفانتازيا المحلية ü يُعرف عنك أيضاً اهتمامك بنواح أخرى كالموسيقى والسينما ؟ üü أدين باهتماماتي الموسيقية لفن الصوت الخليجي، والذي مع الأسف الشديد لم يتمكن أحد من تطويره بعد مرحلة الفنان الكبير الشيخ محمد بن فارس آل خليفة ، لذا أهمل هذا الفن وعُدّ فناً شعبياً ثانوياً ؛ يصلح للمقاهي والسمرات فحسب ، بعد أن جعله محمد بن فارس فناً راقياً ؛ أعطاه ألحاناً من أعمق خيالاته الموسيقية ، أما الموسيقى عندنا فكان حالها في الماضي أفضل للتنوع الكبير الذي كانت عليه ، ولوجود كبار الملحنين والعازفين الذين جاءوا إلى منطقة الخليج ، وأثروا موسيقاها المحلية ، أما اليوم فأغلب الأغاني المحلية ؛ إما أن تحاكي صرعة مطربي الفيديوكليب وتأثيراتها البعيدة عن بيئتنا المحلية وهويتنا ، أو أنها تستقي ألحاناً محلية لكنها ليست عميقة وراسخة فنياً ، فأغلب الأغاني اليوم لا تتعدى المقام الموسيقي الواحد ، وبالمعنى العملي يمكن عزفها على وتر أو وترين فقط ، وهذه الضحالة الموسيقية هي ما يجعل أغاني هذه الأيام متشابهة دون تميز ، ودون أن يبقى في الذاكرة منها شيء، بخلاف الأغاني في الماضي · ü وماذا عن السينما ؟ üü كلامي في السينما متصل بما سبق، فأنا حريص على الهوية المحلية، أو على الأقل الإقليمية؛ أي الخليجية، لذا فأنا أبذل جهدي لبحث وتفهم النواحي الفنية التي يمكن أن تثري قيمة الهوية في الفن التشكيلي والموسيقى ونحوها من الفنون كالسينما، لذلك فقد كتبت نصوصاً عدة في هذا الجانب ؛ اكتمل منها سيناريو الفيلم القصير ( حبل كمبار)، وهو فيلم درامي يتحدث بصورة فيها شيء من الفانتازيا - عن معيشة الإنسان الخليجي في ظل التغيرات الاقتصادية، وكيف تتعامل نفسيته مع ذلك ، ولدي نصوص أخرى درامية وكوميدية·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©