الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوش في الأنبار.. بناء أمة لم تكن موجودة

بوش في الأنبار.. بناء أمة لم تكن موجودة
5 سبتمبر 2007 23:42
في الوقت الذي يتأهب الكونجرس الذي يقوده الديمقراطيون لقياس مدى التقدم الذي حدث في العراق من خلال التركيز على فشل الحكومة المركزية هناك، يقترح الرئيس بوش مقياسا جديدا يتمثل في التركيز على التحالفات الأميركية الجديدة مع القبائل والجماعات المحلية التي كانت تخشى يوما أن تعمل على تمزيق البلاد· هذا التغيير في محور الاهتمام كان متضمنا في قرار الرئيس بوش بتجنب النزول في بغداد في رحلته التي استغرقت 8 ساعات، والتوقف بدلاً من ذلك في محافظة ''الأنبار'' التي كانت يوما ما معقل التمرد السني ضد الأميركيين· وبلقائه مع شيوخ القبائل -الذين كانوا منذ عام واحد فقط يعتبرون أعداء للأميركيين والذين يحاربون الآن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين- كشف بوش النقاب عن أربعة أو خمسة استراتيجيات لكسب ود العراقيين ربما يكون الآن على وشك البدء في واحدة إضافية· ليس من الواضح الآن ما إذا كان الديمقراطيين الذين يسيطرون على الكونجرس سوف يكونون في حالة مزاجية تجعلهم على استعداد لقبول ذلك التغير في المعايير أم لا· فقد شهد الكونجرس -يوم الثلاثاء الماضي- جلسات استماع شهدت الكثير من الجدل حول التقرير الخاص بمكتب المساءلة الحكومية الذي رسم -كما كان حال تقييم الاستخبارات الوطنية الصادر الشهر الماضي- صورة قاتمة لمستقبل العراق· ويذكر أن البيت الأبيض والحكومة العراقية كانا أول من اقترح وضع معايير لقياس التقدم الذي تحققه الحكومية العراقية- الأمر الذي يطرح سؤالا عن السبب الذي يدعــو الإدارة الآن إلى إعــلان أن أداء الحكومة ليس هو أفضل مقياس للتغير· يصر البيت الأبيض على أن احتضان بوش الجديد لزعماء السنة ليس سوى وسيلة لتعزيز دعمه الثابت لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي· ولكن بعض منتقدي بوش ينظرون إلى هذا التغيير باعتباره يمثل شيئا أكثر أهمية مما قد يتبادر للذهن للوهلة الأولى، فهم يرونه نوعا من الاعتراف الذي يأتي على مضض من جانب البيت الأبيض، بأن العراق لن يكون أبدا ذلك البلد المتماسك الموحد الذي يمكن أن يتحول إلى منارة للديمقراطية في الشرق الأوسط· ''لقد اقتنعوا أخيرا ووصلوا إلى الأمر الحتمي''·· هذا ما قاله يوم الثلاثاء الماضي ''بيتر· دبليو جالبريث'' الدبلوماسي الأميركي السابق الذي كان قد ذهب في كتابه المعنون: ''نهاية العراق'' بالقول أن ''بوش كان يحاول بناء أمة لم تكن توجد في الحقيقة، لأن السنة والشيعة والأكراد لم يتبنوا أبدا هوية عراقية موحدة''، مضيفا قوله: ''لقد أقروا أخيرا بهذه الحقيقة ويحاولون العمل وفقها''· ولكن مثلها في ذلك مثل كافة الاستراتيجيات التي تبناها بوش فإن استراتيجيته الجديدة أيضا محفوفة بالمخاطر· ليس هناك ما يؤكد أن رغبة السنة في التعاون مع الولايات المتحدة في قضية مشتركة -وهي القتال ضد تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين- شيء يمكن استنساخه في أماكن أخرى بالعراق، علاوة على أن التقارير التي كتبها الصحفيون -الذين كانوا ملحقين بالوحدات التي كانت منخرطة في مهمة تأمين دعم شيوخ القبائل للأميركيين، والتي اشتملت على وصف بالغ الوضوح للوضع على الأرض- تصل بنا إلى استنتاج مؤداه أن هناك العديد من الأسباب التي تدعو للتساؤل بشأن المدة التي سيستمر بها ولاء السنة للأميركيين· لقد تم حرمان شيوخ القبائل السنية وأنصارهم من الالتحاق بالجيش العراقي، وليس معلوما بالتالي ما إذا كانت حكومة المالكي سوف تفتح الباب أمام تجنيد أعداد كبيرة منهم في المستقبل أم لا، خصوصا وأن تلك الحكومة ترى أن السنة ما أن يحصلوا على التدريب اللازم ويصبحوا أفضل تسليحا فإنهم لن يترددوا في الانقلاب على الحكومة المركزية في بغداد وعلى الجهة الراعية لها وهي الجيش الأميركي في العراق· هناك أيضا سبب آخر للقلق مؤداه أنه حتى إذا ما فُرض أن بوش قد نجح في اجتذاب ''المعتدلين'' السنة في الأنبار و''المعتدلين'' الشيعة في الجنوب، فإن نتيجة ذلك هي ذاتها الدولة المقسمة بكل ما تحملها في طياتها من اندلاع حرب أهلية شاملة، وهي الحرب التي يصر البيت الأبيض دائما على أنه يعمل من أجل تجنب حدوثها· لقد ردد البيت الأبيض أن إصرار بوش على الهبوط مباشرة في منطقة ''الأنبار'' لا يعني تقويض عمل المالكي أو التخلص منه، لأن بوش أكد منذ الخطاب الذي ألقاه في يناير الماضي، أنه يسعى إلى تنفيذ استراتيجية مزدوجة تعتمد على إحداث تغيير من القمة إلى القاعدة يبدأ من بغداد، وآخر يبدأ من القاعدة إلى القمة ويبدأ من المحافظات· إذن، فالتركيز الحالي على المحافظات كما يقولون، يعكس حقيقة أن البيت الأبيض قد بالغ في تقدير ما يمكن تحقيقه بواسطة السيد المالكي وحكومته، كما قلل في نفس الوقت من مقدار الكراهية التي تكنها القبائل السنية لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين· لقد رسم الرئيس بوش أثناء رحلته من العراق لاستراليا أفضل صورة لزعماء السنة الذين التقى بهم خلال زيارته، فقد قال للصحفيين الذين رافقوه على طائرة الرئاسة: ''لقد لهجت ألسنتهم بالثناء على أميركا وأكدوا لي أنهم لا يريدون العيش تحت سيطرة القاعدة بعد أن سئموا منهم''· كما قال لمساعديه: إن نجاح التجربة العراقية يتوقف في النهاية على مدى الاستعداد الحقيقي لنوري المالكي ومساعديه في السماح للآخرين بمشاركتهم في السلطة، أم أنهم سيصرون على تهميش السنة· أما الآن، وفي الوقت الذي يرى فيه البيت الأبيض أن استراتيجية العلاقات التي يبنونها خارج بغداد من القاعدة للقمة، أهم بكثير من الإمساك بدفتر لتسجيل علامات إنجاز للحكومة العراقية، فإن نجاحها متوقف على قدرة هذه الرؤية في إبقاء بعض الجمهوريين المذبذبين في تأييد الرئيس، وهو ما سيحدد ما إذا كان بوش سيكون لديه الوقت الكافي لتنفيذ هذه الاستراتيجية· محرر الشؤون الخارجية في النيويورك تايمز ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©