الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

قاسم محمد يخلق من شخصية التوحيدي رمزاً

قاسم محمد يخلق من شخصية التوحيدي رمزاً
5 سبتمبر 2007 23:41
''يا أهل بغداد، بحَّ الحلق وفسد الخلق، في هذا الزمن الفاسد، ما أنا وكتبي وعلمي إلا مزبلة'' كانت هذه أقوى صرخة أطلقها ''أبوحيان التوحيدي'' في أفضل عرض مسرحي شهده المسرح الوطني الجزائري منذ انطلاق تظاهرة ''الجزائر عاصمة الثقافة العربية'' في 12 يناير،2007 ويحمل العرض عنوان ''مدونات المنشود بين المفقود والموجود''، وهو من إخراج وسيناريو وإشراف الفنان العراقي الكبير قاسم محمد الذي اشتغل عليه طيلة شهرين في ورشة تكوينية جمعته بـ 70 ممثلاً من طلبة معهد فنون العرض السمعي البصري ومعهد الموسيقى بالجزائر رفقة ممثلين شباب من ولايتي بشار وتيندوف جنوب غرب الجزائر يتقدمهم الفنان المتألق عبدالحليم زريبيع الذي أدى دور ''التوحيدي''· وتتطرق المسرحية المستمدة من مدونات التوحيدي، أديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء، إلى واقع احتلال البويهيين لبغداد في زمن انحلال الدولة العباسية في عهد المستكفي، ودام الاحتلال 125 سنة كاملة نشروا فيه فقرا واسعا بفعل إمعانهم في فرض الضرائب على العامة لإثراء خزائنهم، حتى وصل بهم الأمر إلى فرض ضريبة جديدة على الملابس والأطعمة، مما أدى إلى استشراء البؤس وزيادة عدد المتسولين الذين يحاولون الاحتجاج، لكن الوزير البويهي يأمر جنده بقمعهم فضلا عن ''تطهير'' الشوارع منهم، وحينما يمرون بالتوحيدي وهو يقوم بنسخ الكتب في الشارع للاسترزاق منها، يظنونه متسولا هو الآخر لارتدائه ملابس رثة ويطالبونه برفع''قمامته'' ويبدون سخرية كبيرة من العلم· العرض كان قوياًّ وشدَّ الأنظار طيلة ساعة ونصف، وظهرت فيه واضحة بصماتُ المخرج قاسم محمد الذي قاد عملاً تكوينيا جادا لأكثر من 70 ممثلاً طيلة شهرين، كما تمكن سليمان بدري من تقديم لوحات سينوغرافية معبِّرة وثرية، وكانت الحروف المبعثرة تملأ فضاء العرض للتعبير عن تناثر كتابات التوحيدي وخيباته وتمزقه النفسي وضياعه الكبير، بعد أن بقيت كتبُه وانتاجاته الفكرية دون تقدير أو قيمة طيلة حياته؛ مما جعله يعيش فقرا مدقعا· متصوف في المسرح هي صرخة لمقاومة اغتصاب الأرض من جهة وضد تجويع المثقف العربي الحر والشريف أو تذلّله للسلطة من جهة أخرى، صرخة أطلقها بقوة المخرج العراقي قاسم محمد من مسرح ''محيي الدين باشطارزي'' قبل أن يترك العرض في أيامه الأولى مطمئنا إلى نجاحه، ويعود إلى مسرح الشارقة· يقول فاضل عباس مساعد المخرج: ''قاسم محمد معروف بأنه باحث في التراث والتاريخ والعادات ويصب جل اهتمامه في قراءتها بشكل مختلف ويعيد إنتاجها في نص درامي مكثف، هو شيخ طريقة؛ أي متصوفٌ في المسرح، ومعلم فكر مسرحي كبير، وهو من رواد التجريب في المسرح العراقي ومن رواد الجِدَّة والبحث في ماهية التراث وإعادة صياغته وتوظيفه عبر دراما شيِّقة لا تُخفى إسقاطاتُها على الحاضر''·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©