الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كواليس يوم الرحيل

كواليس يوم الرحيل
9 فبراير 2012
“الأيام الأخيرة لنظام مبارك.. 18 يوماً” كتاب عبداللطيف المناوي، رئيس قطاع الأخبار سابقاً في التلفزيون المصري، صدرت طبعته العربية بالتزامن مع الطبعة الإنجليزية في يوم 25 يناير عن الدار المصرية اللبنانية، في 460 صفحة من القطع المتوسط. الكتاب الذي طال انتظاره يكشف الكثير من الأسرار وما الذي جرى خلف الكواليس التي أحاطت بعملية صنع القرار أيام ثورة يناير المجيدة، ودور كل الأطراف الفاعلة في الحدث على المستوى الرسمي، في التليفزيون المصري، الفضائيات، قصر الرئاسة، وبعض الصحف الخاصة (وهذه إحدى مفارقات الكتاب المدهشة) في محاولة للسيطرة على الأزمة، حتى أن خطاب مبارك ليلة موقعة الجمل أعد نقاطه الرئيسية صحفي ومذيع في قناة خاصة، كما جاء في الكتاب، وهناك أدوار كبرى لبعض رجال الأعمال، وبعض الكتاب، وكنا نظن أنهم من المعارضين الأشداء لحسني مبارك ونظامه، لكنهم كانوا بمعارضتهم له، يبحثون له عن مخرج، وكل اسم مشارك من هؤلاء، سيجد القارئ تفاصيل مشاركته ودوره. الكتاب كنز من الأسرار، يروي الوقائع الحقيقية، التي ظل الإعلام المصري والعربي والدولي يلف ويدور حولها، دون أن يكون لديه دليل عليها، وبعضها تحوّل إلى شائعات، يقول المناوي: هذا الكتاب يحتوي على العديد من الأسرار التي يمكن القول إنها تنشر لأول مرة، بل يمكن القول إن مستوى الدقة في هذه المعلومات عالي المستوى، مما يمكن الاعتماد عليه، أو الرجوع إليه في أية مرحلة لتأريخ ما حدث في مصر في هذه الفترة. وتتواصل فصول الكتاب لتبدأ مع يوم 25 يناير، وما حدث قبل 25 يناير، من اجتماعات على أعلى مستوى، وكيف هوّن الذين يديرون الأزمة من طبيعة المظاهرات وطبيعة المتظاهرين، ويستمر الكتاب في سرد التفاصيل، وما إذا كان ثمة قوى أجنبية تعمل مع المتظاهرين في ميدان التحرير أم لا؟ وما مخططات اقتحام مبنى التليفزيون، وكيف تم التعامل معها، وما الحلول البديلة في حال سقوط البث الرسمي؟ ولماذا تم قطع الانترنت والاتصالات؟ وما قصة اختيار عمر سليمان نائباً للرئيس، وقصة أول حوار معه؟ وكيف تم التعامل مع موقعة الجمل، وكذلك دور عبداللطيف المناوي في الضغط على النظام لإقناع مبارك بالتنحي؟ ولماذا تأخر في قراره؟ وكيف سقط النظام؟ يروي الكتاب القصة الحقيقية لتأخر إذاعة بيان التنحي ـ يوم الجمعة 11 فبراير 2011 ـ وكان اللواء اسماعيل عتمان، رئيس الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة منتظراً إشارة البث في مكتب المناوي، فبعد أن صعدت سوزان مبارك الطائرة في طريقها إلى شرم الشيخ، نزلت مسرعة: “وكما تبين بعد ذلك فإن سوزان مبارك رفضت مغادرة الفيلا لأكثر من ثلاث ساعات، فقد انهارت من أثر الحزن الشديد على فقدانها للحياة التي اعتادت عليها، حيث انهار العالم من حولها، وهو ما فاق قدرتها على التحمل، إذ تم العثور عليها منهارة على الأرض تبكي وتعجز عن السيطرة على نفسها أو الوقوف على قدميها، ولكن الجنود اخترقوا البروتوكول، وعثروا عليها في الفيلا، وهي على الأرض محاطة بكل حُليها وذكرياتها..”. ويواصل المناوي سرد الوقائع الحقيقية في آخر لحظات لسوزان في الفيلا، حيث هَمَّ الحراس لمساعدتها على الوقوف، فاتكأت على كتف ضابط شاب، حيث حملوها داخل المنزل، وقد بللت دموعها أكتافهم وهي تلتقط مقتنياتها القريبة إلى قلبها، وفي حزنها الشديد ظلت تردد مراراً وتكراراً دون توقف: “كان لديهم سبب”. والحكاية كاملة موجودة بنصها في الفصل الأخير من الكتاب الذي يرصد أدق اللحظات في رحلة هذه العائلة مع الحكم والسياسة في مصر. في هذه اللحظات العصيبة التي سبقت إذاعة بيان التنحي جرى حواران مهمان، الطرف الأول فيهما الرئيس المتنحي حسني مبارك، مع عمر سليمان والمشير محمد حسين طنطاوي: في الحوار الأول ومبارك يركب الطائرة إلى شرم الشيخ: ـ سأل عمر سليمان الرئيس: “هل أنت بحاجة إلى أي ضمانات؟”. ـ “لا”.. أجاب مبارك. ـ سأل عمر سليمان: “هل أنت بحاجة للذهاب إلى الخارج.. إلى أي مكان؟”. ـ فأجاب الرئيس بنفس الكلمة: “لا”. وأضاف قائلاً: “لم أرتكب أي خطأ.. أنا أريد أن أعيش في هذا البلد، وسوف أعيش في هذا البلد حتى نهاية حياتي.. لقد تركت كل شيء: السياسة والسلطة.. كل شيء.. أريد فقط أن أعيش هنا”. ـ فقال سليمان: “لديك بعض الوقت للتفكير في الأمر إذا كنت تريد أن نفعل أي شيء آخر ـ بعض الوقت ـ أيام”. والحوار الثاني جرى مع القائد الأعلى لقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي، فور وصول مبارك إلى مقر إقامته في شرم الشيخ في الواحدة والنصف ظهر يوم التنحي اتصل بوزير الدفاع وكانت مكالمة قصيرة قال خلالها: “حسين قررت أن أفوض المسؤولية كاملة لك وللجيش.. أنت صاحب السلطة الآن”. ـ أجاب طنطاوي: “لا يا سيادة الرئيس، سنجد وسيلة أخرى.. لم يكن هذا ما نريده..”. ـ “لا” أجابه مبارك. وأضاف مبارك: “هذا قراري. تحدّث مع عمر سليمان ورتبوا كيفية إعلان هذا النبأ.. خلِّي بالك من نفسك يا حسين”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©