الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سارة الجروان: امرأتي فاعلة

سارة الجروان: امرأتي فاعلة
9 فبراير 2012
“عذراء وولي وساحر” آخر متن روائي صدر لها ، كتبته “للخواص”، بحسب قولها، ومن ظن نفسه بأنه منهم جهل بعلومهم، هذه الرواية التي تعول عليها كثيراً وتكاد تجزم بأنها مستقبلاً سوف تحظى بانتشار واسع، وأنها سوف تصنف على أنها أفضل ما كتب في الوطن العربي قاطبة وحتى ذلك اليوم تكتفي بذلك في الحديث حولها، وتترك التصدي للحديث عنها للنقاد والمفكرين وذوي الشأن. رنا سرحان سارة الجروان، أول روائية إماراتية، قررت خوض تجربة الكتابة لتترجم شعور المرأة العربية عندما تكون الأولى في موقف اختارته، شاركت في معرض الكتاب الذي يقام سنوياً في العاصمة اللبنانية بيروت، تقول لـ”لاتحاد الثقافي”: “مشاركتي في معرض بيروت الدولي للكتاب حدث له أهميته في تجربتي الإبداعية، فمقارعة شعب متأنق بهي، متقد الفكر، متعدد التيارات الفكرية والطائفية له انعكاسات ضوئية سوف ألمس توهجها على المدى البعيد، ناهيك عن أن أحد اثنين من أكبر الدور البيروتية هم من أفضل الناشرين الذين تعاونت معهم في نشر إصداراتي ألا و هما دار الآداب والدار العربية للعلوم، وإن من شأن ذلك أن يعزز هذه الثقة المتبادلة، وأن يثمر فيما بعد عن تعاون بناء وهادف بمشيئته تعالى”. عن روايتها “عذراء ووليّ وساحر”، وأين تكمن المرأة فيها تقول الجروان: “المرأة في “عذراء ووليِّ وساحر” تكمن في الخطوط الأولى المحركة للنص، ولكن دون تبعية عدا من تسلط هاجسها الموجع، إذ إنها تضطلع بمهمة تحريك الحدث ورصد مخيلاته وتوجيهها، ولقد أعجبني كثيراً وجهة نظر للناقدة نور الهدى غولي وصفت به حال المرأة في الرواية، حيث قالت (لم تكن المرأة سلبية في الرواية، فقد يوحي العنوان “عذراء ووليِّ وساحر” بأن العذراء قد تكون هي الحلقة الأضعف وسط الطرفين المتيقنين. لكن الأمر غير ذلك، فقد كانت هناك صورة جلية عن الأنثى الغاوية التي تبدو كمحرّك فاعل في الأحداث والأقدار في ظل استكانة أو حسن نية “الرجال الصالحين”. فكما غوت مليكة الوالي حسان دون علمه، فعلت الأميرة تناهيد، لكن مع محافظة كبيرة على هامش الكبرياء والقوة الأنثوية)”. فخر واعتزاز لم تخطط ولم تقرر أن تكون أول روائية إماراتية فعندما يكتب الأديب في حداثة سنه، فإنه يكتب لأجل رغبة عارمة تستحثه للكتابة دون أن يعي أو يخطط لمشاريع إبداعية حينئذ، تقول الجروان. وبعد مرور سنوات عدة حين تم تصنيف روايتها “شجن بنت القدر الحزين” كأول رواية نسوية إماراتية، فكان من شأن ذلك أن يكون مدعاة فخر واعتزاز لها وشعور عارم بالسعادة، كذلك إيعاز بالمسؤولية وتشريف باسم السبق الأول، وتكليف بالمثابرة والاستمرارية، وتصف: “فإن لم يتقد الفكر ليأتي بخير منها، فلا أقل من أن يأتي بمثلها”. حين نبحث عن سارة في الرواية، نجدها تكمن في روح النص تستسقي أبجديته بشفافيتها، فنص رواية “عذراء وولي وساحر” هو من أصعب النصوص التي كتبتها حتى الآن. تقول: “هو نص أشبه بالملهم، فقد وجدته مسترسلاً مطواعاً، برغم مكابدتي لوجيعته وكأنما كنت أعيش مفارقاته المستحيلة بعذوبة حينا وبتجرع لمرارته في أغلب الأحيان، أسرني، تلبسني، واستولى على وجدانيتي طوال ثلاثة أشهر دون فكاك، ولم يطلق مصيري عدا عندما بثني خاتمة، التي لا أحسبها سوى تلك الخاتمة حيث أحلم يوما”. أنا عاشقة حكاية عن العشق بامتياز في روايتها الأخيرة، تسألها هل أنت عاشقة، تجيب: “لا شك أنني عاشقة، بل أخالني أحيانا امرأة تتلبس صفة القبيلة من النساء، وأكاد أتعدد بحجم أمة من النساء، تصوري أمة من النساء تعشق سلطانا “مغيبا” لأعود فأكتشف فيما بعد بأن لا ثمة سلطان وأن لا ثمة وجود لرجل بحجم عشقي وتدلهي.. ولكن ثمة عشق وأن ذاك العشق إنما منتهاه إله لا ند له”. منهم من وصف العمل بالأدبي الذي ينضح بمخزون ثقافي وديني ثرّي، فيه مسحة روحانية وربما صوفية، جعل القارئ يسأل عن اتباع سارة لذلك الخط في الروايات بعد اليوم، فتشرح: “لا أستطيع التنبؤ أو الجزم بخطة معينة للكتابة أو للاستلهام الآتي، حكواتي أو حيواتي كما أخالها غالبا ما تأتيني دون استئذان تفاجئني أحيانا، كما فعلت في الرواية التي ذكرت وقد كنت أحسبني سأرويها بعد عدة سنوات، ولكنها داهمتني طي نقيضي عنف وأناة في الآن ذاته، هكذا طرقت وجدانيتي وهكذا استلبت حفيظتي فتمكنت منها قصرا”. عن هموم الرواية النسائية تقول الكاتبة الإماراتية: “من أبرز هموم الرواية النسوية هو زجها تحت طائلة التقنين الجنسوي وإصرار البعض على تنصيص حجم ابداعها، برغم أن صورة المرأة في الأدب كبيرة بحجم خريطة استوائها على الأرض وبحجم شذراتها في كل مناحي الحياة وأوجهها المخاتلة والمتربصة بها من منظور لغة كونها “حرمة” بكسر الحاء وقد اقتصر هذا الاسم لدى الغالبية العظمى على تعريفه بالاسم المرادف لاسم “امرأة” متناسين تماما كونه يحقق تعريفا آخر هو حرمة بضم الحاء، وهي جمع حرمات وبالعموم المطلق الحرمة هو الشيء الذي لا يحل انتهاكه”. وتتابع: “فعساها تبلغ الرواية النسوية، كما يحلو للبعض تصنيفها ذروتها في التفوق، وهي لا شك تكاد أو توشك اليوم، وبحسبي أن التحدي الحقيقي الذي تخوضه المرأة في العصر الحديث في حقيقة الأمر يندرج تحت مفهوم احترامها لنفسها من خلال سعة فكرها وتحريرها لأدبياتها، وبالتالي على الآخر أن يودعها مكانة بلغتها بلغة الابتكار والتحدي والعزيمة المتقدة بالنجاح”. ذروة المشاعر سارة الجروان التي كانت من أوائل المتطوعات في القوات المسلحة، تعتقد أن قوة الشخصية تخفي ملامح أنثوية يمكن أن تخدم في سياق الرواية الأدبية، وتؤكد أن لا شك في أن تداعي المشاعر الحماسية تجاه الوطن تبلغ ذروتها في الأزمات وهذا ما دفعها للانخراط في صفوف القوات المسلحة حينها، فكان التفكير في عدم المشاركة يشل حركتها وكأنما ينفي وجودها وكيانها بينما قد تكون دولتها مهددة لا سمح الله وهي تلبس واقعة المتفرج فحسب، وبرغم حداثة سنها تفوقت على الأنثى الجميلة في وجدانها واستبدلتها بلبؤة شرسة، في حين يجب أن تكون مواطنا بارا وفيّا لوطنه. وتشرح: “لا يمكنني نفي أن ذلك برمته قد صقل معرفتي بالحياة وشذب تكوين كل نقاط الضعف التي من شأنها عرقلة أحلامي يوما، هكذا حلمت وهذا ما ستؤول إليه نصوصي حياة خالدة تتلبس همومنا حد التجرد، ولكن بأناة وأنفة سامية”. وعن جديد سارة الجروان وعشاق كتاباتها تختم: “بحسبي لم يكن ليتحقق للمشهد الأدبي الإماراتي هذا المنجز الذي نراه جليا اليوم لولا قيام الاتحاد لسبب بسيط كون هذا الإبداع صاغ لبنته الأولى من مسارات الحلم الأول باللحمة التي أرادها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حلمه فتح المدارك أمام القلوب والأقلام الصماء التي استنطقت المستحيل لتصنع منه واقعا وعلى خلفية ازدهار الوطن وتطوره بشكل متسارع لاهث في كثير من الأحيان، تتداعى منه ثمة ذكريات تنفلت هنا وهناك كان لا بد للفكر الإماراتي أن يرصدها أدبا يؤرخ لتاريخ دولة هكذا دونته في فكري وحبي فكان قطافه في (طروس إلى مولاي السلطان) إهداء للوطن منه وإليه، وعن العمل الجديد سوف يكون الكتاب الثاني من سلسلة روايات (طروس إلى مولاي السلطان) وسيكون الكتاب الثاني بعنوان (البرقع)، سوف يصدر قريبا بمشيئة الله تعالى ليستكمل الحكاية حكاية إنسان ووطن”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©