السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصيدة الشاعرة الإماراتية.. امرأة مكتملة

قصيدة الشاعرة الإماراتية.. امرأة مكتملة
9 فبراير 2012
نحاول أن نتناول هنا صورة المرأة في قصائد الشاعرات الإماراتيات. ولكن قبل الخوض في ذلك لا بد من مقدمة حول سؤال صورة، بل صور المرأة، لدى الشاعرات العربيات، منذ بدايات الشعر العربي حتى اليوم، نجد من الضروري توضيح أن هذا السؤال يتضمن الكثير من الأسئلة التي طرحتها هؤلاء الشاعرات على مدى قرون، تختلط فيها أصوات تجمع الوجداني والعاطفي والرثائي والروحاني ـ السماوي والحياتي الوجودي وسواها من الأسئلة التي ميزت شعر بعض الشاعرات. عمر شبانة بعيدا عن الأفكار الجاهزة والمعلبة والمستهلكة، نعتبر أن هذه الصورة/ الصور قد تغيرت على نحو دراماتيكي، وخصوصا في ما يتعلق بتفاصيل القصيدة التي تكتبها المرأة المعاصرة اليوم، تفاصيل لم تكن تعرض لها بالتأكيد شاعرات القرون المتقدمة، نظرا لاختلاف الزمن، بما فيه من الحيوات الثقافية والاجتماعية، والتغيرات التي طاولت كل شيء، فلكل زمن خصوصيته وحيثياته ومعطياته التي تتحكم بحركة المجتمع كله، لا المجتمع الشعري فقط. بالطبع لا يمكن لشاعرة تركب الطائرة، وتطالع من خلال الإنترنت على آخر ما يحدث في العالم، وآخر ما كتب من إبداع، أنت تكتب كما كانت تكتب شاعرة حياتها محصورة بين الناقة والخيمة والصحراء والسيف مثلا. لكن الكثير من المشترك يتبقى بين شاعرات الأمس وشاعرات اليوم، خصوصا على المستويات الوجدانية والعاطفية التي لا تغيرها القرون، فمن الخطأ أيضا القول إن الشاعرات العربيات في زمن الجاهلية والإسلام لم يعرفن سوى الرثاء والنوح، هذه الصورة التي سادت عن الخنساء، فهناك كذلك شاعرات التصوف كما هو حال رابعة العدوية. وفي العصر الحديث سادت صورة شاعرة الحزن والرثاء عن الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان حتى أطلق عليها لقب “خنساء فلسطين”، لكن القراءة الحقيقية لتجربة طوقان تبين أنها كانت شاعرة المقاومة والحب بامتياز. لذلك فمن المرفوض القول بحسب البعض “إن المرأة محدودة بعواطفها الخاصة، فأكثر ما تقول الشعر يكون في رثاء الولد والزوج والقريب، أو في معاني الشوق للحبيب أو الحسرة على الفائت والتطلع إلى الأمل، وقلما تعنى بالقضايا العامة من وطنية ودينية كما يعنى الرجال”. فهي تكتب في كل شيء. خنوع أم تمرد؟ في الشعر العربي الذي تكتبه الشاعرات اليوم، ومنه الخليجي والإماراتي، ثمة تشابه كبير على صعيد الأصوات واللغة، واختلاف في الموضوع، مع تمايزات قليلة على صعيد الأساليب هنا وهناك. المشهد حافل وغني بالصور التي التقطتها الشاعرات لبنات جنسهن، سواء من خلال تجاربهن الحياتية أو عبر ثقافتهن، صور تتوزع بين المرأة التقليدية الخانعة، المطيعة للقيم بلا وعي أو إرادة، وبين المرأة التي تظهر قدرا من التمرد يصل حدود الرفض لهذه القيم وتلك التقاليد، رفضا يراوح بين التصريح والتلميح، بين الرمزية والمباشرة، وذلك كله في إطار لغة تسعى لتجديد دم القصيدة، ولبناء صوت شعري خاص. وهو ما نحاول رصده في هذه الإطلالة السريعة على المشهد. لن نتعرض هنا إلى ما إذا كانت قصائد الشاعرة هي صوتها الخاص، صوت ذاتها، أم الصوت الجماعي للمرأة/ الأنثى، فهذه مسألة ثقافية معقدة يتداخل فيها الفني والاجتماعي، والقصيدة مهما عبرت عن ذات الشاعرة، تظل هناك مسافة بينها وبين السيرة الذاتية للشاعرة بالمعنى الحَرْفي والعلمي لمفهوم السيرة، لذا فالصور التي يجري الحديث عنها هنا، ليست بالضرورة بنت الواقع المباشر، بقدر ما تذهب نحو التأمل في معاني هذا الواقع ودلالاته، وذلك بصرف النظر عن الموضوعات التي يجري تناولها، والقضايا التي تتم معالجتها. فثمة من يرى أن “العامل الأبرز في رسم صورة المرأة في الشعر النسائي ينبع من ثنائية الصمت والبوح لديها، فالمرأة لها سيرتان واحدة ظاهرة تعبر فيها عن ما يجول بداخلها من مشاعر وأفكار بحرية، وأخرى غير ظاهرة نتيجة لما تفرضه العادات والتقاليد من قيود اجتماعية وأخلاقية”. نطل على بعض الأصوات والتجارب التي لا تمثل المشهد كله بالتأكيد، بل مجرد مقاطع منه، في محاولة للتعرف على أبرز الصور ـ الموضوعات التي عبرت عنها هذه الأصوات، ونبدأ من التأكيد على ارتباط صور المرأة في الشعر بثلاثية الأنوثة والجسد والهوية، وأنه كان للأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية في بيئة الشاعرة تأثيرها في صورة المرأة في القصيدة. لكن كلا من عناصر هذه الثلاثية تشعباته وتفرعاته. ومن هذه الأصول والتفرعات تأتينا الصور دفاقة بين الغموض والوضوح. وبصفة عامّة، كما يرى أحد النقاد العرب، في دراسة له فإنه “يمكن القول إنّ الشكل مستقرّ نسبياً عند شاعرات الإمارات، ومن النادر أن نشهد نقلات أسلوبية وتجريبية مفاجئة. غير أنّ هذا الاستقرار يخفي، من جانب آخر، حالة من الركود التعبيري يمكن أن تنقلب سريعاً إلى جمود ومراوحة في المكان، خصوصاً إذا سلّم المرء بالحقيقة الفنّية التي تقول إنّ شكل قصيدة النثر العربية أخذ يعاني من التماثل والتشابه، وأخذت أسراره تنكشف بالتدريج، وتحوّلت بعض تقاليده الكتابية إلى تمارين لغوية صرفة يستسهل”. وهنا عرض لعدد من صور المرأة في قصائد لبعض الشاعرات الإماراتيات. اليومي والجوهري والذكريات في تجربة كل شاعرة مجموعة من القضايا والموضوعات والملامح التي تميزها، لكن ثمة ملمحا يبرز أكثر من سواه في هذه التجربة أو تلك. ملمحا يشكل بؤرة أساسية في قصائد شاعرة ما أكثر مما يبرز في قصائد غيرها. لذلك فما نتناوله هنا لا يمكن أن يمثل سوى جانب بسيط من تجربة الشاعرة. تتنوع، مثلا، المناخات والهموم في تجربة الشاعرة نجوم الغانم، وذلك تبعا للحالات النفسية والوجدانية وحتى الوجودية التي تعبر عنها، فهي تخوض في عوالم العشق والفرح والانطلاق، بقدر ما تعبر أيضا عن الموت في أشكاله المتعددة، وهي غالبا ما تعبر عن تجارب معيشة، أكثر من كونها ذهنية أو مغرقة في الخيال، ذاهبة إلى خصوصيات الذات وتفاصيلها ويومياتها الحميمة والباردة في آن واحد. تبدو ذاهبة لنبش يوميات المرأة في علاقتها مع الرجل ومع الأشياء اليومية منها والجوهرية، وفي رحلتها مع هذه العلاقات تتدثر الشاعرة امرأة القصيدة بقوتها وضعفها، بحبها وخساراتها، بذكرياتها وأحلامها وآلامها العميقة. وهي تدخل هذا العالم بلغة شفيفة وقاموس غني بمفردات وثنائيات الحياة/ الموت، اللقاء/ الفراق، البدايات/ النهايات.. كما أنه غني بمفردات كتاب الطبيعة والغناء والموسيقى وسواها. تبدو الشاعرة/ المرأة في إحدى قصائد نجوم الغانم “كأنها الفراشة/ حين تحترق أطرافها/ لمجرد التحليق قرب الموقد”، مرة، أو “كأنها ورقة سقطت/ في يوم خريفي عادي” مرة ثانية. ففعل الاحتراق، وفعل السقوط، هنا مسبوقان بأداة التشبيه “كأن”، لأن الشاعرة غير واثقة، ولا تريد التأكيد على يقينية الفعلين إلا بوصفهما احتمالين قائمين، فامرأة القصيدة عند نجوم الغانم غالبا ما تكون قوية واعية لما تفعل ولما يجري من حولها، وهي في بعض الأحيان تكون واضحة في رسم صورة العلاقة مع الرجل، الإيجابية والسلبية، فهناك إدراك لما ترسم من صور، وغالبا ما تكون سينمائية، ولذلك قد نجد بعض التفاصيل في العلاقة، لنقرأ من ديوانها “ليل ثقيل على الليل” الصادر ضمن مشروع “قلم” التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث، قصيدة بعنوان “الخيانة”: كقلوب الأمهات/ يشتعل قلبها بالريبة/ وينطفئ الأمل في صوتها/ تنتظر أن يداويها ملكوت الله/ أو أن يبتلعها موج البحر لأنها/ لم تعد تقوى على اقتراف النسيان. هي صورة المرأة/ الزوجة إذ تكابد آلام الغدر والخيانة، وما تعاني من قلق وتوتر وهواجس، وهي تكرر ثيمة “كقلوب الأمهات” في صور مختلفة، ففي المقطع التالي نجد “قلوب الأمهات التي تنام باكراً/ لئلا تكيد لها اليقظة/ تضع قلبها بقربها على الطاولة/ وترجو الأحلام أن ترفع/ صلواتها الخافتة إلى أيّ سماء مفتوحة/ تطمئن للحظة/ ثم تهبّ من فراشها ملدوغة بالظنون/ توجّه إصبعها مهدِّدةً الليل/ برميه بنار حزنها لو تركها/ تكتوي بجمر الخيانة”. إنها حالة الصراع مع الليل والظنون و”جمر الخيانة”، لكننا أمام لغة ليس فيها استسلام للحالة، وسنرى أن الشاعرة تختم قصيدتها بقدر من لغة الرغبة في المواجهة حتى لو كان الموت هو البديل: كسائر الأمهات/ تَقْبَل أن تَخِزها شوكةُ الموت/ على أن يُقتَل قلبها/ بسكّين الغفلة. ومن باب الذكريات والنسيان، باب البحث في الماضي وفي الذاكرة، تأتي القصيدة التي فيها تخاطب المرأة الرجل، في نبرة ساخرة تتهكم من غيابه في العلاقة، بعد الحميمية في بدايات العلاقة، نبرة لا تسعى إلى استجداء الرجل، بل تصور علاقة لم منها سوى الذكريات: لا أتذكر متى وضعتَ رأسكَ/ على كتفي آخر مرة وقلتَ/ أحبّكِ. ربما في زمن لم يكن أيٌّ منا بعد/ قد تعلّم أناقة العشق/ أو رسمَ القبلات في الهواء، أستعيدُ الصور من صندوق الأحلام/ بحثاً عنك/ هل كنتَ هناك/ أم كان ظلّك؟ صورة الشاعرة نتوقف مع تجربة أخرى، ترسم ملامح جدية خاصة في تجربة الشعر في الإمارات، الشاعرة الهنوف محمد، صاحبة عدد من المجموعات الشعرية، كانت تحاول اختراق اليوتوبيا في كثير من مجالات الحياة والمجتمع، وفي هذا المجال تقول “أكتب بلا أي رقيب. لا أعرف من سيقرأ نصوصي، والبشر مختلفون من حيث الذائقة، لكنني بدأت أخفف من مفردات معينة مثل الشهوة والجنس التي استعملتها في قصائدي الأولى. وحقيقة أن المسألة لم تكن تمرداً على المجتمع بقدر ما كانت تعبيراً عن رؤية معينة، والآن اختلفت هذه النظرة، صارت أعمق وأكثر شفافية، خصوصاً أن الأشياء عندي تلقائية ولا أفكر فيها ضمن الأطر المعروفة”. بعض قصائد الهنوف الجديدة لا تتوقف عند صورة المرأة بالمعنى المباشر، بل إنها تخوض في تجربتها الشعرية من خلال تجارب الشعراء عموما، ونادرا ما تكتب شاعرة عن عالم الشعر والشعراء، لذا نذهب مع الشاعرة في تصويرها لعالم الشعر وغواياته، كما يبدو في قصيدة بعنوان “يتّبعهم الغاوون”، التي تتكون من مجموعة من الأسئلة المتعلقة بسلوك الشعراء، ومنهم الشاعرة نفسها بالطبع “كم من وردة نقطفها/ ثم نأتي بعدها لنتوب/ كم من شريعة ننتهكها/ ثم نتوضأ لنكمل الصلوات/ وكم من مدينة تحيك الليل/ بمجون شعرائها/ هل الهوى شريعة/ أم هو نقمة للشعراء/ كلما كبل الشاعر أهواءه/ هاجت أرصفة الموانئ/ في أي ميناء ستهدأ عاصفة الشعراء/ وأي قلب يستوعب قلب من لا يملك قلبه/ وأية قيامة تسكنه جنانها/ وأية ِقبلة تُسكن خراب المدينة/ المدينة التي تحيك الليل بمجون شعرائها”. إنها قصيدة البحث عن الذات وسط وجود غير مفهوم، ولكن البحث عن الذات لا يتم فقط من خلال الشعر، بل هناك ما يبرز ضياع المرأة وحيرتها أمام الرجال، فثمة امرأة لا تجد نفسها، ومنذ بداية إحدى قصائدها تبدأ بلغة المتكلمة لتكون أشد تأثيرا في رسم مشاعرها وعواطفها، حيث تقول متحدثة باسم ذاتها: جئتُني/ فلم أجدني/ تركتُ حذائي خلف الباب/ فلم أجد سوى خطوات أقدام/ قد لا تكون لي/ تركت قلادتي على النافذة/ فظل قلبي يخفق/ خارج قفصي الصدري والشاعرة/ امرأة القصيدة هنا تحاول البحث عن ذاتها ثانية وثالثة، بلا جدوى، بل إنها لا تجد سوى “الأحزان ممددة ذراعيها/ كالأشرعة التي لا ميناء لها”، وفي المرة الثالثة تجد “الآخرين/ يشغلون جميع الأماكن/ فلا مكان لي عندي”، إلى هذا الحد يبلغ الاغتراب عن الذات بين الآخرين، حيث “الآخرون هم الجحيم”، وهي “الشمعة التي لا يجب أن تذوب/ والقنديل الذي لا يجب أن يجف زيته أبدا”. ومع نهاية متفائلة كهذه تدفعنا الشاعرة إلى هذا الصراع الداخلي العنيف بين بداية ونهاية. وعلى مستوى آخر، فهي بدلا من تناول صورة علاقة المرأة والرجل، على نحو مباشر، تكتفي برسم ملامح الرجل الذي تحب، بكل ما يمكن أن تحيل عليه من علاقة تبرز الصورة البشعة للرجل، لتصوير المرأة وما تتعرض له من اضطهاد من قبل هذا الرجل الذي بالتأكيد أنها لا تحبه ونزعته “الذكورية”: وقف الرجل الذي أحب/ منددا بسخط المدينة:/ أريد من يغسل قميصي/ أريد أن أنفق/ عشرة آلاف دولار في ليلة أريد سريرا/ أرمي عليه عذاباتي/ أريد أن أكنس/ ما تبقى مني من غبار/ رموز تاريخية ترسم الصورة تجربة ثالثة من التجارب المكرسة للشاعرات، تتمثل في تجربة الشاعرة صالحة غابش، التي استطاعت عبر مجموعة من دواوينها، وحتى في روايتها “رائحة الزنجبيل”، رسم ملامح “امرأتها”، بل نسائها، ما بين الواقعية والرمزية، أو الجمع بينهما، مع استخدام للتاريخ والموروث العربي القديم والإماراتي. وهو ما يبرز بصورة واضحة خصوصا في مجموعتها “بمن يا بثين تلوذين؟”، التي رسمت من خلالها صورة المرأة العربية عموما، عبر رمز امرأة تاريخية معروفة (هي الشاعرة بثينة بنت المعتمد بن عباد ملك إشبيلية والشاعر الذي أضاع مُلكه وأُسِر ثم نُفِي إلى أغمات بالمغرب، بينما ألفت بثينة نفسها سبية مجهولة اشتراها تاجر إشبيلي وهبها هدية لابنه لكنها تأبى وتُظهر له حقيقة نسبها وأن زواجها لن يتم إلا بموافقة أبيها وكان لها ما أرادت). فالشاعرة غابش منحازة إلى الهم العام لتعبر من خلاله عن ذاتها وهمومها. وهي في هذا السياق تؤكد أن أحزان المرأة العربية متوارثة، فهي تتوارثها جيلا بعد جيل، وهي لا تستطيع البوح، أو التعبير عن سبب حزنها وقلقها. تقول الشاعرة: دموع بثينة بالباب تعرفني/ وتعرف من سر صمتي أكثر مما عرفت/ تخاف الذين يحيكون مصيدة/ من أناقتهم/ فقلدت عنقيَ وهمَ سؤالك عني/ وكنت نسيته في معطف لم يكن يسعك/ فأهديته رجلا هرما/ حرث البرد قامته/ظننتك تعرفني وبالنسبة إلى الشاعرة فإن الخوف فطرة في المرأة، الخوف فطرة جبلت عليها الأنثى، ولكن هذا الخوف يزداد معها يوما بعد يوم، وخصوصا مع التقدم الحضاري، حيث المرأة أشد تأثرا بقيم هذا العصر وتحولاته: معي الليل/ يصحبني نحو حفلته/ لأسافر في حضرة الخوف/ والغربة الصاخبة/ فتشتاقني خيمة علقت في يدي/ خيوط مغازلها/ عندما اختطفتني غواية عصر/ يلف القديم على خصره ثم/ ينفض أوراقنا الخاسرة وتقول الشاعرة في موضع آخر في محاولة لتوسيع مساحة حركتها، وترسيخ قيمة الاضطهاد والقهر على المستويات الإنسانية، وليس المحلية أو الذاتية: غريب على النيل ظلي/ تشاكسني قطط الصمت/ تخرج من فم عاصفة موحشة/ ولكنني/ أتظاهر أني مثال شجاع/لامرأة لا تخاف القطط/فأنصت ثانية لحديثك عن نسوة ما عبرن مداك/ بدون بقايا/ تماثيلهن. وأخيرا فصالحة غابش غارقة في التراث العربي الذي يفرض وجوده، بل هو متجذر عند أبناء الخليج، لكنها تعمل على توظيفه في رسم رؤيتها للمرأة وللعالم كله، فتقول عن المرأة: تنام اليمامة في دفتري/ منذ عشرين عاما/ وحين قرأت/حديث اتّقادي بضوء الحروف المباحة/ طارت/ ولم يبق منها/سوى ريشة تتذكر جنتها آنذاك/وتحلم حلم الفتاة التي عرفت دوننا/ من قزح؟/ وكيف يلون قوسه بعد رحيل المطر. هذه قراءة في تجارب ثلاث من شاعرات الإمارات، لا تقدم سوى انطباعات عامة لما اردنا رصده من صور المرأة في شعر المرأة، الموضوع الذي لم يتم رصده على نحو كاف ومعمق، الأمر الذي يحتاج دراسات نقدية تطاول عناصر القصيدة وقدرتها على رسم صورة واضحة للمرأة الشاعرة أو للمرأة عموما.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©