الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خلل في محرّك الاقتصاد الصيني

خلل في محرّك الاقتصاد الصيني
2 سبتمبر 2007 21:24
أشارت صحيفة آسيا تايمز في مقالة لها عن الاقتصاد الصيني الى أن كلا من الاستثمارات، ومعدل الاستهلاك، وحجم الصادرات تعد بمثابة العجلة التي تدفع الاقتصاد الصيني الى الأمام، لكن النمو في معدلات الاستهلاك المحلي قد تراجع كثيراً ولفترة طويلة عن معدل الاستثمارات وحجم الصادرات، لدرجة أن البعض شبّه معدلات الاستثمار وحجم الصادرات بحصانَيْن قويين، ومعدل الاستهلاك الداخلي بأنه الحصان الأضعف، وجميعها تجر عربة الاقتصاد الصيني، لكن الحصان الأضعف، المتمثل في انخفاض معدلات الاستهلاك المحلي الداخلي قد نجم عنه ما يُعرف بالتنمية الاقتصادية غير المتوازنة في الصين، وذلك رغم ارتفاع حجم الصادرات، وارتفاع نسبة الاستثمارات· وأوضحت الصحيفة في مقالها أن آخر أرقام ونتائج الإحصائيات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاءات في منتصف شهر يوليو الماضي كانت قد أكدت أن تلك المشكلة أبعد ما تكون عن حلها بطريقة فعالة، هذا إن لم يكن الوضع أسوأ من ذلك· وأظهر تقرير المكتب الوطني للإحصاءات أن الاقتصاد الصيني نما بمعدل 11,5 في المائة خلال النصف الاول، بينما بلغ مؤشر الأسعار الاستهلاكية نسبة بلغت حوالي 3,2 في المائة، وبلغ إجمالي الفائض التجاري الصيني حوالي 112,5 مليار دولار وما يزيد عن 1,33 تريليون دولار أميركي الاحتياطي من النقدي الأجنبي· وكان المسؤولون في المكتب الوطني للإحصاء قد وصفوا الوضع الاقتصادي الصيني بأنه ''مستقر وسريع نسبيا''، وقد أحجموا عن استخدام عبارة ''فورة اقتصادية''، أو الإشارة الى فشل جهود الحكومة المبذولة والرامية الى تهدئة وتخفيف سرعة الوتيرة التي ينمو بها الاقتصاد الصيني· ومع ذلك، فإن من المتوقع أن تتخذ الحكومة أشد التدابير لمراقبة مراحل تقدم الاقتصاد الصيني، بما في ذلك ارتفاع أسعار الفائدة· الجدير بالذكر أن مؤشر الأسعار الاستهلاكية قد قفز مرتفعا الى 4,4 في المائة في شهر يونيو الماضي، علاوة على ازدهار معدل التضخم· ويُذكر أنه على المدى القصير، كانت كلمة ''الفائض'' هي الكلمة المرادفة لوصف الوضع الاقتصادي الصيني في العام الجاري ·2007 وكانت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الشعب الوطني الصيني، وهو أعلى سلطة تشريعية في الصين، قد عبرت عن قلقها الشديد من ثلاث زيادات وتجاوزات ثلاثة معدلات اقتصادية، ألا وهي الارتفاع المفرط في كل من حجم الصادرات، وفي معدلات الاستثمار، وفي نسبة القروض المصرفية· وعلى المدى الطويل، ستبقى العوامل الثلاثة الاقتصادية غير المتوازنة سابقة الذكر مصدراً لقلق الحكومة الصينية، حيث تعدّ معدلات الاستثمار وحجم الصادرات قوية جداً مقارنة بمعدلات الاستهلاك المحلي الداخلي، الأمر الذي يُعَرّض عربة الاقتصاد الصيني لخطر السقوط المفاجئ· وأوضحت صحيفة آسيا تايمز في مقالها أن صُنّاع القرار في الصّين على دراية تامة بهذه المشكلة، فإلى جانب مستويات مؤشر الأسعار الاستهلاكية، ومعدلات النمو الاقتصادي، وأرقام الفائض التجاري، قام المكتب الوطني للإحصاء بإعداد إحصائيات أخرى متعلقة على سبيل المثال بمعدلات نمو الدخل الأسري، والاستهلاك· وقفز متوسط دخل الأسرة في المدن بنسبة 14,2 في المائة، أما متوسط دخل الأسرة في المناطق الريفية قفز هو الآخر بنسبة 13,3 في المائة في الفترة من يناير وحتى شهر يونيو الماضي، وهو معدل نمو أسرع من معدل نمو إجمالي الناتج المحلي· ومما تجدر الإشارة إليه أن الحكومة الصينية متفائلة بهذا النمو في دخل الأسرة وتتوقع استمراره لعدد غير محدد من السنوات القادمة المتتالية· علاوة على ذلك، فقد شهد مؤشر السلع الاستهلاكية ارتفاعاً هو الآخر في النصف الأول من العام الجاري، وبنسبة 15,4 في المائة، وهو ارتفاع سريع بمقدار 2,1 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وهو في الوقت نفسه الأعلى منذ عام ·1997 ويستنتج المسؤولون من تلك الأرقام أن معدلات الاستهلاك المحلي ستتمكن من مواكبة أرقام الاستثمارات والصادرات واللحاق بهما· ورغم ذلك، هناك اتفاق في الرأي وإجماع بين الخبراء والمحللين الاقتصاديين داخل وخارج الصين على أن الشعب الصيني يدّخر كثيراً، وينفق قليلاً· لذا، يتوجب على الصين الاستمرار في التصدير والاستثمار، رغم أن الخلل الداخلي في الصين قد تسبّب بالفعل في حالة من الخلل في التجارة العالمية· لذا، يقضي المنطق بأنه في حال قامت الصين بتشجيع الاستهلاك الداخلي الى جانب رفع الدخل الأسري، فإنه ستتم معالجة الخلل الداخلي، وبالتالي سيظل الاقتصاد العالمي في توازن أفضل· ورغم ذلك، فإن هناك حلقة ناقصة، حسب مقالة صحيفة آسيا تايمز، طالما أن ذاك المنطق لم يشمل العامل الأساسي الذي يصِف الاقتصاد الصيني، ألا وهو التوزيع غير المتكافئ للثروة· ولهذا السبب، فإن ارتفاع مستويات الدخل الأسري، والاستهلاك المحلي سيبقى غير أكيد وغير مضمون مقارنة بالتوقعات الأكيدة والجازمة باستمرار النمو القوي في أرقام معدلات الاستثمار والصادرات· ووفقاً لجو يان وهو خبير اقتصادي مشارك في مشروع بحث ترعاه الحكومة الصينية عن عدم التساوي في الدخل بين طبقات المجتمع الصيني، فإن فجوة اللامساواة والتفاوت والاستثمار المفرط، والصادرات المفرطة عن الحد تغذي بعضها البعض، فالأثرياء يزدادون ثراءً، ويرغبون في الاستثمار أكثر عن الإنفاق· أما الفقراء، ممن تشملهم الطبقة الوسطى، فلا يملكون سوى فرص قليلة وضئيلة لصعود السّلم الاقتصادي، لكن برغبة أقوى للاستهلاك، كما أنهم غير قادرين على القيام بدورهم في مساعدة أرقام الاستهلاك على الصعود والارتفاع، واللحاق بأرقام معدلات الاستثمار والصادرات، نظراً لفقرهم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©