الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لكل جيل ميوله واتجاهاته وثقافته المثل الأعلى بطل غائب

لكل جيل ميوله واتجاهاته وثقافته المثل الأعلى بطل غائب
23 مارس 2008 01:57
كثير من الآباء والأمهات لا يخفون غضبهم وحنقهم عندما يزين أبناؤهم أو بناتهم المراهقون جدران غرفهم بصور نجوم الفن أو السينما، وتضع المراهقة صورة لممثل أو مطرب معين هو في رأي الأب شخص خليع لا ينتسب إلى عالم الرجولة· وعندما تجتمع الأسرة أمام التليفزيون، كثيراً ما تحتدم الخلافات والمشاكل بين الآباء والأمهات من جهة، والأبناء من جهة أخرى، حول آرائهم أو تعليقاتهم، أو عندما يفصحون عن''اتجاهاتهم الشبابية'' التي لا تنسجم بالضرورة مع ''عالم الكبار'' فيسارعون إلى وصف هذا الجيل بأنه ''جيل فاسد''· لماذا ينزعج الآباء والأمهات عندما يشاهدون صور نجوم السينما أو الغناء على جدران غرفة الأبناء المراهقين؟ لكل جيل نجم أو مثل أعلى أو بطل أحبه المراهقون وتوحدوا معه، وهذا ''المثل الأعلى'' هو بالضرورة إفراز لمناخ وظروف سياسية وثقافية واجتماعية سائدة، فكم ارتبطت أجيال في أوقات معينة بشخصيات تاريخية أو سياسية أو عسكرية أو نضالية أو فكرية، ورسموا على صدورهم صورا لأبطال صنعتهم قصص وروايات الخيال كـ ''سوبرمان، وسبايدرمان ، وطرزان، وجيمس بوند'' وغيرهم ، أو لشخصيات من الموروث التاريخي أو الديني، أو حتى من السير الشعبية· الكبار يرفضوننا نبيل فارس''17 سنة'' يقول: مشكلة أبناء جيلي تتمثل في أن الجيل القديم يرفضنا، حتى وإن كانت تصرفاتنا صحيحة وسليمة· إنهم لا يتقبلوننا بسهولة، ويتهموننا بأن جيلنا ''جيل فاسد''، وبلا هوية، وينسون دائماً أنهم مروا بهذه الفترة· صحيح أن الزمن تغير، لكن على الآباء ومن هم في مثل عمرهم أن يتقبلونا، ويتفهموا طبيعة تفكيرنا، فإذا كان يطلق علينا جيل ''روش''، فهذه ليست سوى تسمية، وهي بالتأكيد لا تنطبق على الجميع لأن هناك شبابا ومراهقين لهم تفكيرهم، ويؤدون واجباتهم بشكل جيد ولا يتمردون على المجتمع بشكل مؤذٍ أو سلبي، فإذا كان الاعتراض على أننا نتخذ من نجوم الغناء والفن أو الرياضة مثلاً أعلى لنا، فهل من المعقول أن أتخذ من رجل سياسة، أو وزير، أو رئيس حزب مثلاً لي؟ أما عبدالله زياد ''16 سنة'' فيرى أن صورة المثل الأعلى تكون لدى الفتى أو الفتاة من خلال هواية يحبها ويعشقها ويقضي من خلالها وقت فراغه، فإذا كان يحب الرياضة مثلاً وكرة القدم بالذات، فإنه يعجب بلاعب معين، ويقلده· والأمر نفسه إذا كان يحب فناناً أو فنانة، لكن ليس معنى ذلك أن نفقد صلتنا بالقدوة في الأسرة أو المدرسة· وترى ليز ويليامز ''15 سنة'' إن الموضوع عبارة عن إعجاب، لكن ليس معنى ذلك أن يتعدى حدود الإعجاب، ومن الطبيعي أن أعجب مثل أي فتاة بمطرب معين، أو نجم مشهور، ومن الجائز أن يتبدل إعجابي إن ظهر مطرب أفضل، ولا يجب أن ينظر إلينا المجتمع على أننا منحرفون، فلكل جيل ميوله واتجاهاته وهواياته· أحلام اليقظة عن طبيعة هذه المرحلة، وتقلباتها، تقول الدكتورة عبلة مرجان الاستشارية الأسرية في أبوظبي: ''في بعض الأحيان نجد الشاب في بداية المراهقة يهتم بأحد مدرسيه، وقد تهتم الفتاة بإحدى مدرساتها، أو يتركز إعجاب الشاب على نجم رياضي، أو غنائي، وكذلك الفتاة· وعندما يجد نفسه يفكر في الجنس الآخر، فهو يحاول أن يختار الطريق الذي لا يسبب أي متاعب شخصية، ولذلك لا يختار إحدى قريباته، أو إحدى بنات الحي الذي يسكنه، لأن هذا النوع من الاختيار قد يسبب له الحرج أو المتاعب النفسية، وهكذا تحل النجمة السينمائية المشكلة وتصبح ''حبيبته'' في أحلام اليقظة· إنه يترك نفسه لأحلام اليقظة التي تأخذ جزءاً كبيراً من وقته، وتحميه من الوقوع في الخطأ، وعندما يجد نفسه يفكر في إحدى قريباته أو إحدى بنات الحي، فإن هذه المسألة تأخذ من خياله الكثير، لكنه لا يترك التعبيرعن ذلك للواقع، إنه يخشى أن يتقدم لأنه لا يعرف كيف يكون الاقتراب من فتاة، ولا يعرف أيضاً ماذا يقول؟ فالشاب تحت العشرين عندما يقول إنه ''وقع'' في الحب، فإن هذا ''الوقوع'' يبعث على الحيرة حقاً، إنه يختار اختياراً عشوائياً، وليس هناك من أساس يمكن حدوث الاختيار من أجله، ولا توجد أي هواية مشتركة بين الاثنين في الغالب، ولا توجد أي علاقة ما تؤكد أنه اختار هذه الإنسانة كبطلة لأول قصة حب في حياته، ثم نجده قد انتقل إلى ''وقوع'' آخر في قصة حب أخرى· الجيل الجديد وتقول الأخصائية النفسية سوسن حلاوي، إن ما يصدرعن الأبناء ما هو إلا تعبير صامت عن الرجولة أو الأنوثة، فالأنثى تبدأ في اكتشاف نفسها من خلال أحلام اليقظة كما هو الحال عند المراهق، وغالباً ما يكون نموذجها المفضل صامتا، وقويا، وممشوق الجسد، ووسيم الشكل، وآخر حالما، وثالثا يتفجر بالشباب والطاقة والحيوية، إنها تترك كل شيء للحلم· والمراهق أو المراهقة في هذه السن يقدس مفهوم الصداقة، ويختار صديقات له يشاركنه القراءة أو الرياضة أو أي شيء آخر، وتختار الفتاة صديقات لها يشاركنها الهوايات والميول نفسها، ويثير ذلك أحياناً قلق الآباء والأمهات خلال مرحلة تأكيد الذات والاستقلالية التي يراها أبناء الجيل الجديد انعزالا عن عالم الجديد القديم، أو رفضها وعدم قبولها، ويعبرون عن ذلك في كثير من الأحيان بتسريحة شعر جديدة، وغريبة، وتقاليع غريبة أيضاً من الأزياء والملابس، والهوايات، أو بعض الممارسات والصيحات التي يسمونها أو يحلو لهم أن يسموها ''شبابية''، فالمراهق عادة ما يختار مثله الأعلى في البداية من جنسه نفسه، ومن ثم يتدرب على الحب، ثم ينتقل إلى التمرد على عالم الكبار، ثم يحاول أن يكتسب ثقة أبناء جيله، ثم يعرف أن الحياة هي تفوق في أحد الميادين، ثم ينتصر أخيراً على معاركه الوهمية عندما يكون إنساناً أكثر واقعية، أو عندما يمتلك الخيال والواقع معاً، وعلى الآباء والأمهات ألا يشغلوا بالهم طويلاً بهذا الاختلاف، أو بهذه الاتجاهات التي يعتبرونها تطرفاً بعيداً عن الصواب، فلا داعي للارتباك أو الخوف، أو اليأس، إنها طبيعة هذه المرحلة، ولا بد أن يدركوا مدى الاختلاف بين زمن اليوم وزمن الأمس، وما طرأ عليه من تغير، وليس مطلوبا منهم سوى المزيد من الصبر والتفهم وتجنيب المراهق مشاعر اليأس أو الإحباط، واستبدالها بمشاعر الثقة والتفاؤل والصراحة والحوار·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©