الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الهوية الوطنية.. رمز الأصالة والتميز الحضاري

الهوية الوطنية.. رمز الأصالة والتميز الحضاري
1 سبتمبر 2007 04:00
يعتبر البعض أن مفهوم وقيمة الانتماء للوطن هو مجرد شعارات فضفاضة وكلام إعلامي، ينادى به في الندوات والمحاضرات وتملأ به صفحات الكتب المدرسية·· وكي لا يقال عنه إنه لا يعرف الهوية الوطنية نجده يردد السلام الوطني في طابور الصباح بالمدرسة، أو يرتدي اللباس الوطني، أو يمارس بعض العادات الوطنية، وهذه الأمور بالطبع هي أمور محمودة، إلا أنها تظل قشوراً سطحية للمعنى الحقيقي لقيمة الوطن، إن لم تدعم بالعمل والولاء الصادق، والسعي إلى تعزيز إنجازاته وإبراز اسمه بين الأمم والعمل بكل قوة لخيره وخير من يعيش بين ربوعه·· لهذا تفتح ''الاتحاد'' ملف الانتماء للوطن في هذا التحقيق· الفطرة السليمة يقول راكان مكتوم القبيسي الأمين العام للمجلس الاستشاري الوطني: إن موضوع الانتماء والولاء للوطن يكتسب بالفطرة وهو مهم جداً، خاصة في هذا العصر الذي تنتشر فيه ثقافات غريبة لزعزعة كيان الشباب بشتى الطرق والوسائل، فالشخص الذي ليس له ولاء لوطنه ولحكامه لا خير فيه، وهذا النوع من الأشخاص لا تجده له خيرا في والديه اللذين تربى في كنفهما، وأضاف: يجب على الإنسان أن يحب دولته التي علمته ووظفته وأعطته حقوقه كاملة كمواطن فعليه على الأقل، أن يشعر بالولاء· وأكد القبيسي أن حب الوطن قيمة يكتسبها الشخص ومن واجبنا أن نزرعها في أبنائنا، فالوطنية لدينا 100 في المئة·· نحن نغرس في أبنائنا حب الدولة وحب قائد البلاد منذ الصغر، والحمد لله، الطفل وهو في عمر الثالثة يتغنى بزايد الخير ''طيب الله ثراه'' مؤسس الدولة، والآن مطلوب من كل مواطن أن يفكر كيف يرد الجميل للوطن وينظر إلى حاجة الوطن الفعلية من الكوادر العلمية، فعليه أن يتخصص لشغل الوظائف التخصصية والتميز فيها، وقال القبيسي ما دام الشخص يحمل اسم الدولة فعليه أن يعتز بهذه الراية والهوية فالانتماء يجب أن يبدأ عند توجه الشخص في الصباح إلى عمله، وعليه أن يحترم الشارع والمارة والتقيد بإشارات المرور وأن يحافظ على نظافة الشارع· التربية الوطنية ضرورة ويقول خلفان عيسي المنصوري مدير المنطقة الغربية التعليمية: إن قضية الهوية والانتماء تعتبر من الأولويات وتمثل ارتباط الإنسان بالأرض، والوطنية لا تقدر بثمن أو مقابل مادي يدفع، بل هي إرادة قوية للمواطن تجاه وطنه وممتلكات وطنه، وأشار إلى أن توعية النشء بالهوية يجب أن تبدأ من مرحلة الروضة، مؤكداً أن التربية الوطنية لها دور كبير في ترسيخ مفهوم الوطنية والهوية وتأصيلها في طلبة المراحل الدراسية، وقال: إذا أردنا الوصول لمجتمع متحضر فلنبدأ من الطفل لنغرس فيه روح المحافظة على ممتلكاته وممتلكات وطنه واحترام المظهر العام، فيدرك الطفل أن الكتابة على جدران المنشآت خطأ يشوه مظهر مدينته، ونعلمه كيف يحافظ على نظافة الشوارع والحدائق العامة، مشيداً في هذا الصدد بتجربة مادة التربية العسكرية التي تعطى لطلاب الثانوية، حيث أصبح لها مردود ايجابي وزادت الطالب وعياً بمسؤولياته تجاه وطنه وقيادته، ليفتخر بهما، ونجاح هذه التجربة يشجع على تطبيقها في المرحلة الإعدادية، ولكن بدرجة أقل مراعاة للمرحلة العمرية، مشيراً إلى أن الطفل في هذه الحالة ينشأ على حب وطنه ليكون سفيرا لوطنه في الخارج والداخل لينقل صورة جميلة عن وطنه للأجنبي بوعي· وكشف المنصوري أن العصر الحالي يحمل في طياته حربا شعواء على تقاليدنا السمحة المستوحاة من ديننا الإسلامي لتدميرها بشتى الوسائل باستغلال الرفاهية التي ينعم بها شعب الإمارات، مؤكداً أن أخطر الحروب هي الحروب على معتقداتنا وعاداتنا وموروثاتنا الثقافية والتراثية، فعلينا أن نعزز من المناهج التي تزرع في أطفالنا قيمة الانتماء والولاء لتراب الوطن لمواجهة المد الثقافي والغزو الفكري الغريب الذي تبثه القنوات الفضائية على فضائنا المفتوح· نظرة تربوية وأكدت قدرية البشري رئيسة قسم الإدارة التربوية بالمنطقة التعليمة أن الانتماء يبدأ من الالتزام بالأخلاق الحميدة والاجتهاد في مجال العمل إن كان موظفا وفي مجال الدراسة إن كان طالب علم، وقالت: مطلوب من المواطن أن يعكس صورة مشرفة وذلك من خلال تعامله مع الآخرين، وأشارت إلى أن بعض الممارسات غير الحميدة لبعض الشباب تعكس صورة سلبية عن أبناء الوطن، فمثلاً نجد بعض الشباب يحب اللهو بالسيارات و''التفحيط'' في الأماكن العامة كذلك بعض الشباب يجوب الشوارع بسيارته تنبعث منها الأغاني بصوت عالٍ، هذه صور غير مشرفة لابن الإمارات ينبغي تركها لتحسين صورتنا أمام العالم الخارجي، وقالت: إن المناهج التربوية مليئة بالبرامج التي تحث الشباب على التمسك بهوية الوطن في كافة المحافل واحترام ممتلكاته وتدعو الشباب إلى العمل القيادي والجماعي والاستفادة من فرص التعليم التي تتوفر في جميع مستويات التعليم والبحث العلمي وتشجعهم على التميز لرفع سمعة الوطن في الداخل والخارج· مسؤولية مشتركة وأشارت موزة ذيب المنصوري مديرة مؤسسة التنمية الأسرية بمدينة بعيا السلع إلى أن الانتماء عبارة عن شعور الارتباط بالوطن، وقالت: للمواطنة الصالحة شروط من أهمها ان تتصف بالصدق وان تقدم مصلحة الوطن على مصلحتك، فتربية المواطنة مسؤولية شراكة بين المؤسسات المجتمعية ومؤسسات التعليم، فمثلا عملية تعزيز المواطنة في مؤسسات التنمية الأسرية تركز على نشر الوعي وتزويد المرأة بكافة الوسائل التوعوية التي تمكنها من المشاركة الفعالة في بناء المجتمع وتربية الأجيال التربية السليمة المتشربة بحب الوطن والتفاني في خدمته والافتخار بالانتماء له وتأصيل القيم الدينية التي تعزز من الانتماء، وأضافت: بالتربية فقط ولفترة عشرين عاما ربما نستطيع ان نبني إنسان اليوم والغد، ونادت بضرورة تمكين المرأة من الإسهام في حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وغرس وتمكين مفاهيم وآليات العمل التطوعي لدى أفراد الأسرة· القدوة الحسنة وقال محمد ناجي الحمادي المحاضر في برنامج وطني: للحصول على مواطن صالح يجب الاهتمام بتنشئة الأبناء على القيم الدينية وموروثات الأجداد الأصيلة الصالحة منذ بداية الوعي، لأن الأبناء في هذه الحالة خامة صالحة للمعرفة وهم جاهزون للبناء والتشكيل وينتظرون القدوة· وأضاف: علينا أن نراقب سلوكياتنا لأننا قدوتهم ويتشكلون وفق تصرفاتنا فلنراقب أعمالنا ونقدم أفضل ما لدينا من سلوكيات، وقال: يواجه الشباب اليوم هجمة شرسة لتدمير أخلاقياته عبر وسائل الإعلام، فمن واجبنا تطعيم الشباب ضد الأوبئة الدخيلة وذلك بزرع قيم الدين والأخلاق الحميدة ومساعدتهم على تكوين ضمير داخلي حي يكون الرقيب، ومساعدتهم على تكوين شخصيات قوية تحترم ذاتها وتعتز بقيمها الموروثة وتميز بين النافع والضار والغث والسمين، وقال: إذا أردنا أن نعزز قيمة الانتماء في الأطفال فلنشركهم في كل نشاط وطني بيئي ثقافي واجتماعي وتذكيرهم بالتمسك بالتقاليد الوطنية مثل الالتزام بالزي الوطني والاحتشام كما أن على الوالدين والمربين والمسؤولين مراقبة مستمرة للشباب وإشعاره بمسؤوليته كمواطن صالح· تعزيز الأنشطة التربوية وأكدت حمدة المنصوري ناشطة في المجال التربوي أن قيمة الانتماء للوطن من أنبل القيم التي من المفترض أن تركز عليها المواد الدراسية والأنشطة التربوية والرياضية والفنية خلال العام الدراسي، ويراعى فيها أهمية تعميق المبادئ الإسلامية الصحيحة حتى ينشأ الطفل مواطنا صالحا· وأكدت دور الأنشطة اللاصفية في بناء الطالب، مشيرة إلى أهمية احتفال المدارس باليوم الوطني وتعزيز هذه القيمة كما أن لتحية العلم والنشيد الوطني دلالاتهما الوطنية، كما أن للرحلات الميدانية التي يقوم بها الطلبة في داخل الوطن أثرا كبيرا في تعريف الطالب بمعالم وانجازات وطنه والاعتزاز به، ونوهت إلى أن كما للمواطن حقوقا فإن عليه واجبات يؤديها لوطنه إن دعى الداعي، في السراء والضراء، للمحافظة على كرامة الوطن· وعلى المعلم أن يكون قدوة صالحة أمام الطلبة في القول والفعل، وان تشجع الدولة المواطن للعمل في الميدان التربوي لرد الجميل لأنه اقرب للطالب في غرس الوطنية وإثارتها بإخلاص في نفسه ووجدانه· "أسسه نائب رئيس الدولة" برنامج وطني يواجه الذوبان في سلبيات العولمة تأسس برنامج ''وطني'' في الثاني من ديسمبر عام 2005 بتوجيهات كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ويضم فريق العمل في البرنامج عددا من المتطوعين والناشطين والمهتمين بالشأن العام، وقال السيد محمد ناجي الحمادي المحاضر بالبرنامج: إن الهدف من إنشاء البرنامج هو التصدي للخطر المحدق الذي قد تشكله العولمة، من ذوبان الهوية الوطنية على حساب التطور والتواصل في عالم ضاقت فيه مساحة القيم والسمات الحضارية· وأضاف: ومن هذا المنطلق كانت الحاجة ماسة إلى تحقيق التوازن بين التطور السريع والانفتاح على العالم والتواصل بين الشعوب من جهة، والمحافظة على القيم والأخلاقيات وتعزيز الهوية الوطنية وإبرازها للزائرين والمقيمين واحترام خصوصية الآخر من جهة أخرى، مؤكداً أن أهداف برنامج وطني هي المشاركة في تحقيق التنمية المجتمعية وتعزيز الهوية الوطنية وتأصيلها وتشجيع ممارسات المواطنة الصالحة وإظهار المميزات الحضارية والثقافية واللغوية والدينية التي تتمتع بها الإمارات والقيم الأصيلة التي يتمتع بها شعب الإمارات من مكارم وأخلاق وحسن التعامل واحترام الغير وصدق الولاء للوطن، وأشار الحمادي إلى ان البرنامج يحقق أهدافه من خلال تنظيم العديد من الفعاليات التربوية والترفيهية والرياضية والإعلامية لتخدم جميع فئات المجتمع، مثل برنامج ''نساء وطني'' الذي يهدف إلى تمكين المرأة مهنيا واجتماعيا، كما يقدم بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية الرائدة في الوطن عددا من البرامج التلفزيونية لربط الوطن بإنجازات أبنائه· الثقافة والوطنية الأصيلة أكد عبدالله العامري مدير إدارة الثقافة والفنون في هيئة أبوظبي للثقافة أن الثقافة لها دور عظيم في تنمية المجتمع وبناء الإنسان كونها تشمل جميع الجوانب الأدبية من مسرح وفنون متنوعة وأدب وشعر ودائماً نجد الثقافة تمثل التاريخ التراثي كما تعكس بيئة الإنسان وحضارته ووطنيته على مر العصور، وأشار إلى أن القصائد الشعرية التي يتغنى بها في حب الوطن ينعكس بشكل أو آخر على الهوية الوطنية ومدى ارتباط الإنسان بالبلد واعتزازه بها· وقال إن كثيرا من الأدباء والكتاب والمؤرخين والفنانين يبرزون بشفافية وطنيتهم من خلال أعمالهم الفنية والالتزام بوضوح الانتماء للوطن وتراب الوطن، وكشف العامري أن الهيئة تعمل على تأصيل الثقافة في النشء من خلال إعداد مركز الأطفال الذي يقدم دورات فنية وثقافية وتراثية لتعليم الأطفال العادات القديمة من خلال التعبير بالرسم والألعاب الشعبية كما يقدم المركز دورات لتحفيظ القرآن الكريم ودورات في الرسم الحر والكمبيوتر، بهدف تطوير المستوى الثقافي للأطفال سواء ثقافيا أو تراثيا، وقال إن كل هذا الجهد يتحول في آخر الأمر إلى تعزيز وطنية الأطفال في مختلف المراحل السنية، مؤكداً أهمية التراث لكي يعرف الطفل هويته ويعتز بمجتمعه لمواجهة زمن العولمة ومستجدات العصر· الإسلام يعزز الانتماء للوطن يؤكد الشيخ أحمد حسن العلوان الواعظ بمكتب الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف أن الدين الإسلامي يحض الإنسان على حب الوطن والانتماء إليه، وقد تشخص هذا المعنى في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لمكة عندما أُخرج منها قائلاً (ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك)، وأضاف: إن حب الوطن من الأمور الفطرية التي جبل الإنسان عليها، فليس غريباً أن يشعر الشخص بالحنين الدائم لوطنه، وهذا هو الانتماء الصادق، ويترجم الانتماء في إخلاص الفرد لوطنه وبذل أقصى جهده في سبيل بناء الوطن بالتكافل والتكامل والوحدة والاستعداد للموت دفاعا عنه، وقال الشيخ العلوان: نحن اليوم في أشد الحاجة إلى غرس المفاهيم الوطنية في قلوب أطفالنا وشبابنا ورجالنا، مشددا على الحرص على تربية أبناء الوطن على تقدير جيرانه والمحافظة عليهم وغرس حب الوطن الايجابي في قلوب أطفالنا في مختلف المؤسسات التربوية ابتداء من البيت ثم المدرسة لتصل إلى المسجد والنادي وكل الميادين التربوية التي تنمي الانتماء للوطن· التراث جسر يربط الماضي بالحاضر تقول الوالدة مريم حسين عبدالله ''أم التراث'' إن التراث جسر يربط الماضي بالحاضر، وإهمال التراث يعني فقدان ثقافة عظيمة تمثل تاريخ حقبة من ماضي الأجداد، فلذلك تهتم الدولة بحفظ التراث وتعزيزه وتفعيله في نفوس النشء، مشيرة إلى الدور الكبير للأندية التراثية في عرض عاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا الممتدة عبر الأزمنة في ثوب، معاصر للناشطين والمهتمين بالتراث من الداخل والخارج، وكشفت الوالدة الفاضلة أنها تعشق التراث لأنه بالنسبة لها إرث لقيم وأفعال الأجداد، لذا فهي تساهم كمتطوعة في غرس أخلاقيات وفضائل الأجداد لتجسيد روح الانتماء والهوية والأخلاق الإماراتية السمحة في نفوس الطالبات لمواجهة سلبيات عصر العولمة، كما تحرص على تشجيع ''أمهات المستقبل'' على الاهتمام بحفظ مقتنيات الأجداد والأمهات التراثية باعتبارها أشياء لها دلالاتها الوطنية·
المصدر: المنطقة الغربية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©