الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نقد العقل العربي لمحمد عابد الجابري إلى الألمانية

نقد العقل العربي لمحمد عابد الجابري إلى الألمانية
12 ابريل 2009 22:18
صدر حديثا بالألمانية عن دار نشر '' برلن فيرلانج'' ترجمة كتاب '' نقد العقل العربي للكاتب المغربي محمد عابد الجابري، وهو أول أعمال الجابري التي تصدر بالألمانية· وفي مشروعه ''نقد العقل العربي'' الذي يتكون من أربعة أجزاء، يحلل الجابري الحدود البنيوية لطريقة التفكير العلمية والتي تمثل بالنسبة له سبب فشل مشروع التحديث في العالم العربي، وفي مقدمة الجزء الأول من مشروعه والصادر سنة 1984 يضع الجابري نقده للفكر العربي في سياق مؤلفات أخرى تناولت في القرن الماضي أسباب الأزمة والنهضة داخل الثقافة العربية· ويعالج كتابه موضوع إنتاج المعرفة، وفي هذا السياق يبحث الجابري النحو العربي كما يبحث القانون الاسلامي واللاهوت والتصوف والخطابة والفلسفة، وهذه المجالات كلها تفصح عن نفس بنى الانتاج المعرفي، ووفقاً لرأيه، فإن الفكر ارتبط في المجال الثقافي العربي الإسلامي بمبدأ القياس، وهو منهج فقهي جرى تعميمه على كل المجالات المعرفية· وفي سياق التفسير الديني أو علوم البيان تم دائما قياس الغائب على الشاهد، أما علوم البرهان فكانت تقوم فقط على الاستنباط في حين كانت علوم العرفان تمثل لأغلبية المنتسبين إليها الانزواء والابتعاد عن الواقع بشكل لم يسمح لها بتقديم أسس لمشروع التحديث، وهذه المجالات الثلاثة للمعرفة انتقدها الجابري معتبرا إياها أكبر عائق أمام التفكير الحديث والمتجدد لأن قواعد مفروضة لتفسير التراث تؤثر سلبا أيضا على السياسة اليوم· أما الثقافة الأوروبية واليونانية فلم تقم فقط حسب الجابري على الفصل بين العلم والأسطورة ولكن قامت خصوصا على تفكيرها بشروط إمكان المعرفة· وفي البداية يحدد الجابري ما يقصده بمعنى ''العقل'' باعتباره أداة الإنتاج النظري أو منظومة القواعد للنشاط الذهني المستخلصة من ثقافة خاصة، وتتكون هذه الأداة لا شعوريا خلال الممارسة الثقافية لتشكل في النهاية النظام المعرفي لثقافة ما، وفيما يختص بتكوين ''العقل العربي'' فإنه يرى أن ذلك قد وضعت أسسه الأولى والنهائية والمستمرة خلال ''عصر التدوين'' منذ أواخر الدولة الأموية، وهو العصر الذي تم فيه جمع الأحاديث النبوية، ووضع تفاسير القرآن، وما تلا ذلك من بدء كتابة التاريخ الإسلامي، وأسس علم النحو، وقواعد الفقه، وعلم الكلام، وتشكيل المذاهب والفرق الإسلامية· لقد كان عصر التدوين نقطة البداية لتكوين النظام المعرفي للثقافة العربية فيه اكتمل التكوين، ولم يتغير منذ ذلك الوقت ومازال سائدا في ثقافتنا حتى اليوم، فهو الإطار المرجعي للعقل العربي، وعلى هذا فإن بنية الثقافة العربية ذات زمن واحد، زمن راكد يعيشه الإنسان العربي اليوم مثلما عاشه أجداده في القرون الماضية· في كتابه ''نقد العقل العربي'' يحاول الجابري تحديد معالم البنية المعرفية للثقافة العربية، وإثباتها كحقيقة علمية وعملية وتاريخية من خلال التحليل الملموس للواقع الملموس، فهو يصف مختلف المعرفة والعلوم العربية في ثلاث مجموعات هي ''علوم البيان'' من نحو، وفقه، وكلام، وبلاغة، ويطلق عليها اسم ''المعقول الديني'' وآليتها المعرفية تقوم على قياس الغائب على الشاهد، ومجموعة ''علوم العرفان '' التي تضم التصوف، والتفسير الباطني للقرآن، والفلسفة الإشراقية، والسيمياء والسحر والتنجيم، ويطلق عليها اسم ''اللامعقول العقلي'' أي الذي ينسب إلى العقل لا إلى الدين، وتقوم على نظام معرفي هو الكشف والتجاذب والوصال ، ومجموعة ''علوم البرهان '' التي تضم المنطق والرياضيات والطبيعيات والميتافيزيقا، ويؤسسها نظام معرفي يقوم على الملاحظة والتجريب والاستنتاج، ويطلق عليها اسم ''المعقول العقلي''· ويظهر محمد عابد الجابري في كتبه نسبية وارتباط التراث بسياقه التاريخي، ليستنتج من ذلك بأن التراث ليس ملزما للعصر، كما أنه ينتقد التصور المتطرف الذي يرى في إعمال العقل، التناقض والنقد ''سموما غربية'' من شأنها أن تضعف العالم الإسلامي.
المصدر: برلين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©