القاهرة (الاتحاد)
«مشيت على الأشواك وجيت لأحبابك، لا عرفوا إيه وداك، ولا عرفوا إيه جابك، رميت نفسك في حضن، سقاك الحضن حزن، حتى في أحضان الحبايب، شوك شوك يا قلبي».. مقدمة واحدة من روائع الأغنيات التي شدا بها عبدالحليم حافظ، وهي واحدة من كلاسيكيات الأغنيات العربية التي كتب كلماتها الشاعر عبدالرحمن الأبنودي، وكان للأغنية ذكرى خاصة لدى الأبنودي، حيث كانت عبارة عن تحدٍّ حقيقي بينه وبين حليم، ولحنها الموسيقار محمد الموجي.
وكان أكثر من مصدر روى قصة الأغنية، ومنهم مدير أعمال حليم مجدي العمروسي والإذاعي وجدي الحكيم ومرسي جميل عزيز، وذكروا أنهم كانوا يجلسون مع حليم ومحمد الموجي وبليغ حمدي وكمال الطويل ونبيل عصمت وجلال معوض، وراح الأبنودي بلسانه السليط ينال من أغنيات آخر أفلام العندليب، وفجأة قال عبدالحليم: يا أستاذ أبنودي رحم الله امرأً عرف قدر نفسه، أنت رجل جميل في الأغاني الشعبية والعاطفية الخفيفة والوطنية، وليس لك علاقة بالأغاني الكلاسيكية، فرد عليه الأبنودي: هذه ليست أغاني كلاسيكية، هذه كيمياء، تضع مادة على مادة تعطيني مادة، بمعنى أن الذين يكتبون هذه الأغاني لا يحسونها، ورد حليم: يا أستاذ هؤلاء أساتذة كبار وأنت لا تعرف أن تكتب مثلهم، فقال له الأبنودي إنه يجيد كتابتها، ولكنه لا يرضى أن يكتبها، وأنه لو كان مثل من يكتبها لاشترى الشارع الذي يسكن فيه، فرد عليه حليم بتحدٍّ: أنت لا تعرف، ولو كتبت أغنية مثل «جبار» فلن أناقشك في أجرها، فقبل الأبنودي التحدي، وكتب رائعته «مشيت على الأشواك»، وكسب الأبنودي التحدي، وحصل على أعلى أجر في أغنية، وفي المقابل كسب حليم أغنية صارت واحدة من أبدع الكلاسيكيات.
وغنى عبدالحليم الأغنية في آخر أفلامه «أبي فوق الشجرة»، الذي شاركه بطولته نادية لطفي وميرفت أمين، وأخرجه حسين كمال 1969، وتفاعل معها الجمهور بدرجة كبيرة وقتها لدرجة البكاء من أجل حليم، خصوصاً في باقي كلماتها، ومنها: مشينا هناك ورحنا، اللي هناك جرحونا، جينا شايلين جراحنا، وبكينا وقلنا جينا، جينا لكم يا اللي لينا، مدوا إيديكم خدونا، شيلوا الشوك من صدورنا، والدمعة من عينينا، ابكي تحت الليالي، والخوف ملو الضلوع، قلبي يا بلاد غريبة، بتنورها الدموع».
عدد اليوم
