الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

تركيا تحتفل بذكرى رحيل شاعرها

تركيا تحتفل بذكرى رحيل شاعرها
30 أغسطس 2007 00:18
منذ سنوات طويلة نسبيا كان الحديث عنه بمثابة جرم، قد يعرض صاحبه للمساءلة، ورغم أنه تركي حتى النخاع ، إلا أن ناظم حكمت أدخل في عداد الخونة الذين استحقوا اللعنة الأبدية وبالتالي لا يحق لهم حمل الجنسية التركية· لكن هذا كان الماضي البعيد، أما الحاضر فصارت له قوانينه ولغته، وهاهي أنقرة، وقد أخذت عهدا على نفسها أن تحتفل سنويا بذكرى ميلاد الشاعر الكبير، فانها شهدت الأسبوع الماضي أمسية رائعة تعرف فيها الحضور لأول مرة على ارهاصات مجهولة لشاعرها الكبير، والحق بدا المتابع في حيرة من أين يبدأ ؟ هل يعيد الارهاصات المجهولة أم أن يقدم لها قراءة من عندياته ؟ أم أن يمزج الاثنين معا ؟ وليكن الخيار الأخير مقصدنا ·· في يوم ما من صيف 1951 لم يعد يعرف ماذا يفعل ؟ صار أشبه بالمساء الذي يطوف حاملا فراشه على ظهره يتسول عند نجمة ما! على رأسه قمر مثل المرايا المكسورة ·· فالطـرق باتت مسـدودة أمامه ! ولكن وهـج الأفكـار وحلم الثـورة المستحيلة التي تقودها البروليتاريا جعله يدعو: يا ريح هيا ·· يا بحر أصرخ ·· إلى أين ؟ والى متى اغتصاب حقوقنا المقدسة ؟! فجـأة توقف ناظم حكمت عن تأمله فترك الضباب والخيال يرتفعان من المياه· ثمة صوت ينبعث من ظل الصخر المبيض ولكنه يستغيث طالبا المدد! واثق بأنه مازال لم يفقد الوعي بعد ! ولكن ترى أين مصدر هذا الصوت ؟إنها منور زوجته تئن في فراشها ! وسرعان ما ندت عنها صرخة فزع ورعب ! هرع يحتضنها ·· وصوته في أذنها : إنه كابوس يا عزيزتي ·· لا تجزعي ·· خبأت رأسها كطفلة في صدره لتنخرط في بكاء لم يفلح احتواؤه لها في منع النحيب من أن يخترق دوار الصمت ! خرجت ألفاظها ممزوجة بسيل الدموع : سيفعلون فيك مثلما فعل الطاغوت في صديقنا الراحل لوركا ! الجميع يعلم أنه مات ! ولكن أين جثته ؟ أين رفاته ؟ عـاد يتذكر بعض أشعـــــار فيدريكو جارسيــــــا لوركا ( 1898 ـ 1936 ) والتي تقول : الألم الحقيقي الذي يسهد كل الأشياء ·· هو جذوة احتراق مستديم في العيون البريئة لأنظمة أخرى· نعم لا مجال لليأس هكذا قال لنفسه ! وفي صوت مسموع خرجت الكلمات: أسطنبول التي لا تموت·· والقبضة القذرة التي سلبت حريتنا·· رأسي مرفوعة ·· وليس هناك رأس ترتفع فوق رأسي!ولم يكن الأصدقاء في حاجة أن يقولوا شيئا فقط تسمرت أعينهم على الزوجين الحائرين فالدلائل تشير إلى أنهم لن يستطيعوا الاجتماع مرة أخرى فلابد إذن من حل !! وفي 21 يونيه ( حزيران ) عام 1951 أعلن '' كمال أي جون '' مدير أمن أنقرة : أن ناظم حكمت لم يعد في البلاد !!
المصدر: أنقرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©