الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عاشق الكلمة

29 أغسطس 2007 23:58
إحساس جميل رائع أن أستمع ولو لدقائق معدودة إلى كاتب وشاعر وصحفي مرموق كبر وجابت شهرته الآفاق لسبب واحد فقط، وهو أنه عاش عاشقا للكلمة فقط·، فعلى مدى تاريخ طويل تميز العرب بإبداعاتهم الشعرية وبرز في مختلف العصور عدد من الكتاب والشعراء الذين وضعوا بصماتهم في ذلك العالم الساحر، فلكل عصر فرسانه، ولو بحثنا عن سادة الشعر الوجداني في العصر الحديث سيفرض اسم الشاعر الكبير فاروق جويدة نفسه، ويتبوأ مكانه على القمة بقلم تسري حروفه في نبض العروق، ومدرسة شعرية خاصة به·· نحتار في وصفها، ولا نملك الا أن نقول إن سر تألقه في سلاسة أسلوبه، والموسيقى العذبة التي تتراقص بين كلماته· في حوار ''مبتور'' لبرنامج ''هوار على نار هادئة''، طغى حضور فاروق جويدة على سلبيات الإعداد، وآلية و ''ريتم'' الحوار''البارد في عز الصيف''، ومقدم البرنامج الذي يدير لقاءاته من على ''المصطبة''، إلا أن الشاعر الكبير - كعادته دائما- يخطف الاهتمام، ومن يستطع الفكاك من متعة الإنصات إلى رهافة الأحاسيس، وثراء المعاني، ولهيب المغزى، وسيول الرموز والاسقاطات الشعرية التي تفيض بها أشعاره· أعادني فاروق جويدة الى ''الترعة''، و''الصفصافة''، و''ساعة العصاري''، و''الساقية''، ورائحة أشجار الليمون والجميز، وأزهار الفول، وبنت بلدي وهي تتمايل في ''الفجرية'' دلالا لتملأ ''القلل''· لقد حمل جويدة من قريته الصغيرة ثلاثة أشياء رئيسية، العشق الشديد للطبيعة بكل ما فيها من مظاهر الجمال، أرضاً و سماء وزرعاً، وكثير من البساطة في الحياة والسلوك وأسلوب الكتابة، ثم الصدق مع الله ومع النفس ومع الآخرين، وكانت زاده في رحلته إلى المدينة وعالم الكتابة والأضواء، إلا أنه ابتعد عن كل مغريات الشهرة، وإغراءات ''الكراسي'' المذهبة ببريق المناصب، وآثر عشق الكلمة· تحدث جويدة - كما أعرفه - منذ أن كان صحفيا بسيطا في القسم الاقتصادي بالأهرام، وصدق عندما قال إنه رفض كل شيء، وأصرعلى رفض استثمار علاقته بكل من عرفهم بدءاً بمصطفى أمين، وهيكل، وعزيز صدقي، وممدوح سالم، والجنزوري، وعبدالقادر حاتم، وجيهان السادات، والسادات نفسه، وأدرك مبكرا أن ''الكرسي'' ليس من بين أولوياته، ولا طموحاته، ولا أحلامه، وأنه سريع الزوال، كما أنه أقصر طريق لابتعاده عن قلمه وورقته وجمهوره وقرائه، وأن عشق الكلمة لا يضاهيه عشق مهما كانت المغريات· توقفت عند قوله: ''مسؤوليتي أن أضيء كل يوم شمعة حتى لو أطفأتها الرياح''· وللحديث بقية· خورشيد حرفوش khorshiedh@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©