نسرين درزي (رأس الخيمة)
في كل مرة يحكى عن سياحة المغامرات داخل الدولة، تتصدر رأس الخيمة قائمة المرافق الآخذة في التزايد. ومع إطلاق «جبل جيس فلايت»، أطول مسار انزلاقي في العالم، تخطو الإمارة خطوات سريعة باتجاه تجارب متفردة تجعلها وجهة متألقة عرفت كيف تحطم أرقام «جينيس» وتشق طريقها نحو الريادة.
مرفق استثنائي
من على جبل جيس أعلى قمم المرتفعات في البلاد، ولدت الفكرة بإنشاء مرفق استثنائي يتيح التحليق على حبال الهواء وعيش لحظات نادرة لم تشهد المنطقة مثلها من قبل. وضعت الخرائط وأنجزت الدراسات، وبدأ العمل وسلم المشروع بزمن قياسي لأطول مسار انزلاقي في العالم بطول 2,83 كيلومتر استحق عن جدارة دخول موسوعة جينيس. وعلى ارتفاع 1680 متراً حراك ترفيهي غير مسبوق، سكان وضيوف من المكاتب السياحية يقطعون المسافات على مدار الأسبوع للوقوف عند مرتفع لا مجال فيه للتراجع. وما أن يُتخذ قرار خوض المغامرة للآخر حتى تفتح أبواب التفلت من كل شيء ويبلغ التشويق منتهاه. هنا تسقط متاعب وتتلاشى هموم ويتوقف الزمن إلا من متعة حبس الأنفاس، خصوصاً أن التجربة تقدم مسارين متوازيين يتيح للأقارب والأصدقاء فرصة التسابق وإضفاء المزيد من التشويق. كل تلك الإثارة والمشاعر المتخبطة يخالها المغامر المعلّق بين السماء والأرض دهراً أثناء رحلته العجائبية، وهي لا تستغرق أكثر من دقيقتين إلى 3 دقائق كفيلة بزرع أحاسيس جديدة غالباً أقرب إلى الخيال.
و«لحظات رائعة أتمنى أن أعيشها ثانية، وهذه المرة بلا خوف وبنية الاستمتاع حتى حدود السماء». هكذا وصفت ريم ذياب رحلتها إلى «جبل جيس فلايت»، وكانت من أوائل المغامرين إلى مساره الانزلاقي. ومع أنها ترددت بداية الأمر وأثناء تجهيزات لباس الأمان، لكنها سرعان ما سلمت أفكارها إلى الطبيعة الخلابة والمرتفعات الشاهقة. وما أن انطلق بها المسار بسرعة من 120 إلى 150 كيلومتراً بالساعة، حتى فقدت السيطرة على مشاعرها وأطلقت العنان لأنفاس نقية اجتاحت كيانها.
وذكرت ريم، المقيمة في دبي، أنها كانت الزيارة الأولى لها إلى جبل جيس، وانبهرت بارتفاعه وبالمناظر الكاشفة من حوله، وهي إذ تشجع أصدقاءها على استكشاف مساره الانزلاقي، تنوي معاودة الكرة قريباً لأنها تعشق هذا النوع من المغامرات وتعتبره أفضل تحد للذات.
حس المغامرة
وروت بافليشيا ميلاسي حماسها أثناء الوقوف عند ردهة التحضيرات للرحلة وكيف كانت تستمع إلى شروط السلامة وطيف المغامرة يدغدغها. وأجمل ما قالته في «جبل جيس فلايت»، إن التجربة كانت أكثر تشويقاً بالنسبة لها من تجربة مماثلة خاضتها سابقاً في «جرايت كانين» بولاية لاس فيغاس الأميركية، إذ إن المشهد الطبيعي كان أكثر حدة وعمقاً مما ضاعف رغبتها بعيش المغامرة مرة أخرى، لاسيما أنها تنوي اصطحاب زوجها بعدما تحمس لوصفها. وتحدثت بافليشيا عن التعهد الذي وقعت عليه قبل الوصول إلى نقطة الانطلاق، والذي يؤكد على قرارها الشخصي بالقيام بالرحلة وأن أحداً لم يدفعها إلى ذلك، مع جهوزيتها الصحية لخوض المغامرة.
ووفقاً لتجارب «جبل جيس فلايت»، فإن المشاركين يتخذون وضعية أفقية تتيح لهم اختبار التحليق بما يشبه قاعدة الطيران الحقيقي. يرتدون معدات خاصة بمعايير الأمن والسلامة وينطلقون إلى منصة هبوط معلّقة تمنحهم شعوراً مغايراً، وينتقلون بعدها إلى مسار آخر بطول كيلومتر واحد لاستكمال رحلة العودة إلى الأرض.
إنجاز ضخم
عن الإضافة التي حققها «جبل جيس فلايت»، قال هيثم مطر، الرئيس التنفيذي لهيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة، إن تحطيم رقم جينيس في أطول مسار انزلاقي يدل على نجاح استراتيجية النمو السياحي الذي تسعى إليه الإمارة بعدما تمكنت في غضون سنوات قليلة من إطلاق مشاريع ترفيهية تستهدف الاستقطاب من الداخل والخارج.
واعتبر أن تجربة «جبل جيس فلايت» من أهم المعالم السياحية التي تحتضنها الإمارة، وتسهم في ترسيخ مكانة جبل جيس كوجهة سياحية بارزة على مستوى الشرق الأوسط. ومع الاحتفال بهذا الإنجاز الضخم تكون إمارة رأس الخيمة تقدمت أشواطاً في تحقيق طموحاتها الرامية إلى ترسيخ مكانتها على خريطة السياحة العالمية.
وأورد مطر أن توافد الزوار إلى المسار فاق التوقعات ووجه اهتمام الجميع إلى رأس الخيمة بصفتها وجهة محلية وإقليمية وعالمية لسياحة المغامرات. ودعا المهتمين بأجواء الإثارة والتشويق وعشاق الطبيعة بعدم تفويت الفرصة بأن يكونوا جزءاً من عالم «جبل جيس فلايت».
ونجحت رأس الخيمة بفضل ما تتمتع به من مناخ وطبيعة في إرساء مكانتها بين عشاق المغامرات والمتنزهين وراكبي الدراجات مع احتضانها لجبل جيس وسلسلة جبال الحجر الاستثنائية. وقطفت الإمارة العريقة ثمار إنجازاتها عاماً بعد عام وكان آخرها حملة المشاريع السياحية التي تضمنت المسار الحديدي الترفيهي «فيا فيراتا» عند جبل جيس، وسباقات المشي والتسلق، وصولاً إلى أطول مسار انزلاقي في العالم.
معايير سرعة الدفع
يمتد مسار «جبل جيس فلايت» على طول 2,83 كيلومتر ما يعادل طول 28 ملعب كرة قدم، وبارتفاع 1680 متراً فوق سطح البحر. وتستغرق الرحلة من 2 إلى 3 دقائق بسرعة تتراوح بين 120 و150 كيلومتراً في الساعة وتعتمد سرعة الدفع على وزن الشخص وحالة الطقس.
6 أطنان
تمكنت «رأس الخيمة فلايت» (2,83 كيلو متر) من انتزاع لقب أطول مسار انزلاقي في العالم من «تورو فيردي بويرتو ريكو» في أميركا الجنوبية بطول 2,2 كيلومتر. ولم يأتِ ذلك إلا بمتابعة حثيثة وإشراف كبريات الجهات المتخصصة بمعايير الجودة والأمن والسلامة والتي أشرفت على بناء المسار الانزلاقي الذي يضم كابلاً معدنياً يزيد وزنه على 6 أطنان بعد سنة من التخطيط. كما اشتملت عمليات البناء على دراسات جدوى واختبارات للتربة. وحرصاً على استدامة البيئة، تم تصميم المسار الانزلاقي وهيكليه الداعم بحذر حيث تم حفر ثقوب مرساة قوية في صخور الجبال الصلبة ضمن عملية استغرقت 6 أشهر.
مغامر كل 5 دقائق
لا تضع «جبل جيس فلايت» شروطاً محددة لأعمار المغامرين، إلا أن ارتياد المسار الانزلاقي يتطلب وزناً أقصاه 150 كيلوغراماً وأدناه 45 كيلوغراماً وطولاً أقله 120 سنتيمتراً. ويبلغ سعر التذكرة للشخص الواحد 650 درهماً. ومن المتوقع استقبال مغامر جديد كل 5 دقائق على المسارين، بما يعادل 200 شخص في اليوم و100 ألف شخص في السنة.
عدد اليوم
