خبير الرفاهية

يعجز القلم أن يكتب ما يراه من غلاء، يعجز القلم أن يكتب ما يراه من استهتار، يعجز القلم أن يكتب ما يراه من اندثار، يعجز القلم أن يكتب ما يراه من نسيان، أين ماضينا؟ والى أين نتجه؟ وأين هم أبناؤنا وأجدادنا؟ أين تراثنا؟ أين ذهب؟ من يستطيع أن يجيب عن السؤال؟ زرت في الصيف مرسى دبي·· نعم انبهرت بما فيه من تطور وجمال خلاب، نشكر العقول التي فكرت والأيادي التي أنجزت·· ولكن أين المساجد؟ رأيت تلك الأرملة التي تنتظر المبلغ الزهيد كل شهر من الشؤون الاجتماعية والدموع في عينيها، وعندما سألتها عن السبب قالت إن ''الشونه'' توقفت عنها دون سبب، ذلك المبلغ الزهيد وسط هذا الغلاء هو دخلها الشهري، تنتظره هي وأسرتها، ولكن أين هو؟ ذهب ذلك المتقاعد ليتسلم المساعدة الاجتماعية السنوية (الشرهه) ولكن بدون سبب توقفت، أين ذهبت؟·· لا أحد يعلم! ألا يعلمون أن أسرة كاملة تعيش على هذا المبلغ؟ ألا يعلمون أنه مبلغ زهيد في هذا الغلاء؟ ذهبت تلك المطلقة لتستخرج بطاقة لأغنامها لتستطيع شراء طعامها، ولكن توقف استخراجها·· لماذا؟ قرض البناء للمواطن الذي يفرح به عند تسلمه، يعجز عن تسديده على مدى 30 سنة، لماذا لا يعتبر هذا المبلغ هدية للمواطنين؟ لماذا لا يتم النظر للذين لا يملكون مساكن أو أراضي؟ لماذا لا يتم النظر في غلاء الإيجارات التي أصبحت فوق السحاب؟ لماذا لا ينظرون للمواطن الذي استأجر، أين أرضه؟ لماذا لا ينظرون إن كان يملك دخلا آخر أم لا؟ أم أن هذه الأشياء تعتبر على الهامش لا أساس لها؟ هذه تساؤلاتي أكتبها لعلها تصل إلى خبير يستطيع دراسة ظاهرة مجتمع يعيش رفاهية لا يستطيع أن يلمسها !