الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سلام فياض... رجل الاقتصاد في قلب السياسة الفلسطينية

سلام فياض... رجل الاقتصاد في قلب السياسة الفلسطينية
29 أغسطس 2007 01:10
رغم أنه معين، والمجلس التشريعي معطل، والمراقبة الديمقراطية لم تعد موجودة، فإن رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، الحائز على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة تكساس في أوستن، مصمم على الدفع إلى الأمام، كما يقول، وذلك ''من أجل إصلاح ما تضرر على مدى العامين الماضيين بأسرع وأفضل الطرق'' مالياً ومؤسساتياً، موضحاً أن ''الأمر يتعلق هنا بوضع الأمور في نصابها الصحيح، وإنجاز الأمور بشكل سليم''· ويوضح فياض، البالغ من العمر 55 عاماً، أن أمام الفلسطينيين عملاً كثيراً ينتظرهم، إذ يقول: ''يمكن للمرء أن يجلس ويندب حظه ويقول متحسراً إن العالم غير منصف؛ ولكن، يمكنه أيضاً أن يقوم بشيء ما لتغيير الأمور''· ولئن كان العالم يريد ويطالب بتحسن على صعيد الأمن وإدارة الحكم، فإن هذه الأمور -يقول فياض- ''مهمةٌ في نظرنا، ومهمة بالنسبة لشعبنا''، مضيفاً ''إنها أمور علينا أن نقوم بها في جميع الأحوال حتى نكون جديرين بالتقدير والاحترام في أعين شعبنا''· وفي هذا الإطار، عمل فياض -بنجاح متفاوت- على سحب مسلحين من كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح من الشوارع، وذلك مقابل وعد من إسرائيل بالكف عن ملاحقتهم؛ إذ يرغب فياض في منع كل من لا ينتمي إلى أجهزة الأمن الكثيرة أصلاً من حمل السلاح· وفي هذا السياق، يقول: ''طالما أن الميليشيات موجودة خارج السلطة الفلسطينية، فإن إمكانية الانزلاق إلى الهاوية مرة ثانية مازالت قائمة''· ويتولى فياض في حكومة الطوارئ الحالية -حكومة تصريف الأعمال بعد إقالة الحكومة التي كانت تقودها ''حماس''- عدة مهام في آن واحد؛ فهو رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير الخارجية· ولئن ترك مفاوضات السلام للرئيس الفلسطيني المنتخَب محمود عباس، فإن فياض يعد بمثابة ''الشِباك الوحيد'' بالنسبة للغرب الذي يتوق لاستئناف إرسال المساعدات التي قطعها عندما كانت ''حماس'' ممسكة بزمام السلطة· ويقول عضو مجلس النواب الأميركي ''ستيني هوير'' عن ولاية ميريلاند، وزعيم الأغلبية في المجلس بعد لقاء في رام الله: ''يسود شعور قوي بأن فياض يريد فعل الشيء الصحيح، وهو في الواقع يحاول القيام بالشيء الصحيح''، مضيفاً ''إننا واثقون من أن فياض لن يسرق أو يختلس المال· ولكن ذلك لا يعني أن بعض المال لن يُسرق أو يُختلس· غير أن الجميع يرغب في تقوية ودعم عباس وفياض، الإيجابييْن والمتعاونين، بدلاً من السلبيين والخطرين مثل حماس''· بيد أن كل هذه الآمال ربما تكون أكبر وأكثر من قدرة فياض على تحقيقها· فهو ليس سياسياً في الأصل ويفتقر إلى الكاريزما حيث تعد دائرة مؤيديه صغيرة ونخبوية· كما أن اقتناعه بأن المقاومة المسلحة تأتي بعكس ما تبتغيه لا يشاطره فيها الكثيرون، لا ''حماس'' بطبيعة الحال، ولا المسلحون الكثيرون التابعون لـ''فتح''· فأن تكون الفلسطيني المفضَّل من قبل إسرائيل وواشنطن ليس وصفة للشعبية، بل إنها قد تكون وصفة خطرة· ويبدو فياض منزعجاً بخصوص نظرة البعض إليه باعتباره أفضل أو آخر أمل بالنسبة للفلسطينيين، ولكنه يبدو متأكداً وواثقاً في الوقت نفسه من موهبته وكفاءته، أو من حجم المهمة التي تنتظره· يقول: ''عملية السلام مهمة بالطبع، ولكنني أسعى إلى القيام بكل ما يلزم لإنجاحها''· واللافت أن انتقاد فياض لجهود السلام هو انتقاد الخبير الاقتصادي إذ يقول: ''لم تحدث أي إنتاجية· انظروا إلى الوقت والمجهود اللذين تم تضييعهما في الاجتماعات، بصراحة يحزن المرء حين يرى الأمور القليلة التي تم الاتفاق عليها، والأمور القليلة التي وجدت طريقها إلى التنفيذ، هذا إن كانت ثمة أمور نُفذت أصلاً''· ويقول: ينبغي السعي وراء السلام، ولكن بطرق مختلفة، وبموازاة مع جهوده الرامية إلى بناء أسس الدولة الفلسطينية· فمحادثات السلام ''يجب أن تتم بموازاة مع المشاكل الراهنة'': خلق الوظائف، والتدريب، والإصلاح الأمني، وتخفيف القيود الأمنية الإسرائيلية التي تساهم في منع الإرهاب، ولكنها تقتل أيضاً الاقتصاد الفلسطيني· كما يرى فياض أن التحسن الطفيف الذي حدث بخصوص الوصول إلى بعض المناطق أو نقاط التفتيش أو إطلاق سراح السجناء لا ينبغي أن يحجب المشكلة الحقيقية إذ يقول: ''علينا أن نحصل على حريتنا· هذا هو بيت القصيد· والاقتصاد لن يأتي بها لأن المشكلة سياسية''· ويضيف أن الجدل كثيراً ما يتمحور حول الأمن، والحال أن ''أهمية الأمن بالنسبة للفلسطينيين لا تقل عن أهميته بالنسبة للإسرائيليين، إن لم يكن أكثر في الواقع· وما على المرء إلا أن ينظر إلى حالة الفوضى وانعدام القانون وما حدث في غزة ليقف على هذه الحقيقة''· وقال رئيس الوزراء الفلسطيني إن 542 نقطة تفتيش تنتشر عبر الضفة الغربية اليوم، بما فيها النقاط المؤقتة، متسائلاً: ''هل بالإمكان تبرير كل الإجراءات بالدواعي الأمنية؟ وهل يمكن تبرير كل الإذلال الذي يشعر به شعبنا في نقاط التفتيش وتعليله بالأمن؟'' أما بخصوص حماس، فقال فياض: ''نيتي أن أخيب ظن حماس··· أريد أن أخيبهم· فتلك ليست صورتَنا!''، قبل أن يضيف قائلاً: ''من قال إن علينا أن نخضع لرسالة الكراهية؟ أنا مسلم أيضاً، ولكنني لا أقبل أن تكون هذه هي صورتنا في العالم!''، موضحاً أن المشاكل العملية لا يمكن حلها بالأيديولوجيا· ويأمل عباس وفياض أن ينشئا نموذجاً في الضفة الغربية لتشجيع الفلسطينيين والتغلب على التحدي الذي تطرحه حماس واستراتيجية المقاومة المسلحة· وفي هذا السياق، يقول فياض: ''الواقع أن لدينا بديلاً··· فنحن نقدم رؤية مندمجة، وأنا واثق أن غزة ستعود لتنضم من جديد إلى الضفة الغربية''· مراسل نيويورك تايمز في رام الله ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©