الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مالي ... وحصاد المهمة الفرنسية

13 فبراير 2014 00:25
أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، الذي أرسل قوات إلى مالي قبل عام مضى لتأمين هذه الدولة الغرب أفريقية من خطر الإهاب، أن مهمة القوات قد تم إنجازها. كما أعلن هذا الأسبوع أن فرنسا ستخفض عدد قواتها في مالي بنحو ثلث آخر ليصل عددها الى 1600، قائلاً: «نحن الآن نسيطر على الوضع.» ولكن حتى إذا كانت فرنسا تستطيع الإعلان عن نجاحها عسكرياً في الذكرى الأولى لتدخلها، إلا أن مالي لا تزال في مفترق مخيف للطرق، فهي تواجه فقراً وفساداً وتوترات عرقية وعنفاً يهدد بالغاء المكاسب التي تحققت لتأمين البلاد. «لقد نجح الهدف العسكري، لكن الوضع لا يزال هشاً»، حسبما يقول «أنتوني تيسيرون»، زميل باحث بمعهد «توماس مور» بباريس، والذي أعد تقريراً حول التحديات التي تواجه مالي. وأضاف «من الناحية السياسية، هناك الكثير للقيام به، فنحن لم نحقق أي تقدم». ويتجلى هذا الإحساس بعدم اليقين في مكان يقع في باريس يدعى «ليتيل باماكو،» أو باماكو الصغيرة، والذي سمي على اسم عاصمة مالي. ويعتبر «ليتيل باماكو» مقر إقامة الماليين الذين فروا من بلادهم، وهو يقع في ضاحية بشرقي باريس، ويعتبر أيضاً وكراً لتسكع المشردين المحليين. وقبل عام، عندما تدخلت فرنسا في مالي بناء على طلب الدولة، كان هذا المكان يفيض بالراحة، كما يروي «أداما دابو»، زبون بأحد المقاهي، وعامل بناء يقيم في فرنسا منذ ما يقرب من 30 عاماً. ولكن الآن أصبح الناس أكثر تردداً حيال ما تم إنجازه ومدى امكانية النجاح بالنسبة للمهام المقبلة، كما أضاف «دابو». وقال «لقد هللت فرحاً عندما تدخلت فرنسا، مثل أي شخص آخر»، لكنه الآن يتطلع بسأم لوطنه، المكان الذي يشهد تهديدات مستمرة بوقوع أعمال عنف، إلى جانب الافتقار إلى البنية التحتية والصناعية، والتوترات السياسية التي فشلت في التوصل إلى حلول مجدية. يقول دابو «لم نحرز أي تقدم». وقد ركز زعماء فرنسا على ما تم إنجازه خلال عام منذ إرسال قوات – فيما يسمى بعملية سيرفال – تتألف من 5000 جندي لمحاربة المتمردين المتصلين بتنظيم «القاعدة» في شمال مالي. وقد اكتسب المتمردون قوة نظراً لعدم الاستقرار السياسي الذي أعقب الانقلاب الذي وقع في مارس 2012. وأثناء زيارته إلى مالي بمناسبة العام الجديد، ذكر وزير الدفاع الفرنسي «جان إيف لو دريان» إن الدولة تم «تحريرها» – وهي النظرة التي يشاركه فيها المجتمع الدولي، والسلطات المركزية في مالي. وأضاف وزير الدفاع «قبل عام مضى، كان الناس هنا يعذبون وتقطع أيديهم». وساعدت عملية «سيرفال» على تراجع البنية التحتية «الجهادية» في شمال مالي، وأدت إلى مقتل عدة مئات من المتطرفين واستسلام البعض الآخر. وكانت العملية تستهدف المستودعات اللوجيستية، ومخابئ الأسلحة ومراكز التدريب، كما أن هناك نقطة تحول أخرى في مالي، تتمثل في إجراء الانتخابات الوطنية هذا الصيف، والتي بشرت بقدوم إبراهيم بوبكر كيتا إلى الرئاسة. ولاقى التدخل الفرنسي في مالي تأييداً على نطاق واسع من قبل الماليين، الذين أشادوا بوصول القوات، وكذلك من قبل الرأي العام الفرنسي. وذكر المحلل في مجال الدفاع جان دومينيك ميرشيه في مدونته التي تحمل اسم «الدفاع السري» ملخصاً الحالة المزاجية للأغلبية «منذ عام مضى، كانت مالي تشهد دوامة تأخذها في منحدر الى أسفل. ولكن في الأيام الأولى من 2014، تغير الوضع جذرياً». ولا تزال المهمة الفرنسية في مالي تمثل واحدة من التحركات الوحيدة التي قام بها أولاند، وحظيت بشعبية، منذ توليه رئاسة فرنسا في شهر مايو 2012. وقد أجرى معهد استطلاعات الرأي الفرنسي (بي. في. ايه) مسحاً في شهر أبريل، بعد ثلاثة أشهر من التدخل الفرنسي في مالي، حيث سئل الذين شملهم المسح عن الاجراءات التي قام بها الرئيس ولها تأثير مهم، فجاءت مالي في المركز الأول بنسبة 63 بالمئة. وظل التأييد للاجراءات الفرنسية كبيراً، حتى بعد مقتل عدد من الجنود الفرنسين ضمن القوات المشاركة في عملية سيرفال – إلى جانب صحفيين تعرضا لكمين وقتلا أثناء قيامهما بإعداد تقرير لإذاعة فرنسا الدولية في شهر نوفمبر. فما هي الخطوة التالية؟ لقد أثارت المأساة التي شهدتها مالي أسئلة حول مدى استمرار السلام في هذه الدولة الأفريقية. فقد أعادت بعض الجماعات «الجهادية» تنظيم صفوفها، الأمر الذي كشف عن هشاشة الوضع الأمني، بحسب ما ذكر «تيسيرون». كما أنه من المتوقع أن يظل نحو ألف جندي فرنسي لفترة طويلة في مالي، يعملون جنباً الى جنب مع قوات الأمم المتحدة والقوات الأفريقية المدربة. ولكن «تيسيرون» يقول إن الأهم من استقرار الوضع الأمني هو إعادة بناء مالي في المرحلة القادمة - الأمر الذي يمثل تحدياً أكثر إلحاحاً. فالخلافات السياسية التى أدت إلى الإنقلاب الذي وقع في مارس لا تزال عميقة الجذور، كما أن مالي غارقة في الفقر والفساد. يقول «كولي تروري»، نادل بأحد المقاهي في «ليتل باماكو» إن الدولة في حاجة إلى دعم دولي متواصل، سواء من القوات الفرنسية أو المجتمع الدولي ككل. ويضيف «ان الدولة لا تنعم بالاستقرار، خاصة في الشمال الذي يستحق أن يكون حراً، مثل أي مكان آخر في العالم». من ناحية أخرى، وفي تطور للأحداث، أعلن قيادي في «حركة التوحيد والجهاد» في غرب أفريقيا أن عناصر من حركته «الجهادية» خطفوا فريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مضيفاً أن الفريق على قيد الحياة وبصحة جيدة، دون الادلاء بأي تفاصيل إضافية. ويضم الفريق خمسة من موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر. ‎سارة ميلر ليانا محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©