السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التضخم المفرط ... أكبر أعداء فنزويلا

13 فبراير 2014 00:24
عندما أجريت مقابلة الأسبوع الماضي مع رئيس إدارة نصف الكرة الغربي بصندوق النقد الدولي، لم يحاول تخير الكلمات حول امكانية وقوع فنزويلا في أكبر فوضى اقتصادية. ويرى أليخاندرو فيرنر، المسؤول البارز بصندوق النقد الدولي، أن هناك احتمالاً «كبيراً» أن تشهد فنزويلا، التي لديها بالفعل أعلى معدلات التضخم في العالم، زيادة أكبر في هذه المعدلات. وعندما أشار إلى أن معدل التضخم السنوي في فنزويلا بلغ 56 بالمئة العام الماضي، سألته عما إذا كان بإمكان الدولة الحفاظ على هذه المعدلات الضخمة من دون الوقوع في حالة من التضخم الجامح - وهو الوضع الذي تصبح فيه العملات المحلية بلا قيمة، ويغلق التجار أبواب متاجرهم، وينهار الاقتصاد بأكمله، وفي كثير من الأحوال، ينتهي الأمر بسقوط الحكومة. ورد «فرينر» قائلاً «من الصعب العثور على الأحداث التي بلغت نسبة التضخم أثناءها ما بين 50 – 60 بالمئة وشهدت استقراراً للأوضاع دام بضع سنين»، وأضاف «هذه هي المستويات التي إما يصل عندها الاقتصاد إلى مستويات مرتفعة للغاية من التضخم، أو تشهد حراكاً في التدابير السياسية للسيطرة على الأسعار والعمل على استقرار الاقتصاد». وسألت المسؤول الدولي عما إذا كانت الحكومة الفنزويلية تتخذ الإجراءات الصحيحة للتخفيف من حدة التضخم؟ فأجاب «فيرنر» بوضوح أنه لا يعتقد ذلك. ولوقف دوامة التضخم، يتعين على الحكومة الفنزويلية خفض الإنفاق العام حتى تتمكن من السيطرة على العجز، واتخاذ تدابير أخرى ملائمة للسوق بهدف إعادة بناء الثقة في العملة المحلية. وحتى الآن، لا تبدو أي بوادر ملحوظة على أن فنزويلا تفعل ذلك، حسبما ذكر المسؤول الدولي. وأضاف أنه «نتيجة لذلك، هناك احتمالات كبيرة لاستمرار ارتفاع التضخم. كل شيء يشير إلى حدوث تسارع مهم هذا العام». ويقول معظم خبراء الاقتصاد إنه عندما تتجاوز الدول مستوى الـ100 بالمئة من معدلات التضخم السنوية، فهم يتعرضون لخطر شديد من ارتفاع الأسعار والتضخم المفرط بشكل لا يمكن السيطرة عليه. وتعتبر الأرجنتين والبرازيل وبيرو من بين الحالات التي شهدت مؤخراً ارتفاعاً مفرطاً في التضخم في المنطقة خلال عام 1990، حيث بلغ معدل التضخم السنوي - في حالة الأرجنتين- 12 بالمئة. ويزعم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أنه يشن «حرباً اقتصادية» ضد «البرجوازية الطفيلية» التي يقال إنها تكتنز السلع لزعزعة استقرار الحكومة. وقد فرض مادورو رقابة شديدة على الأسعار وقواعد صارمة للصرف الأجنبي، والتي يقول عنها التجار إنها تقريباً تجبرهم على بيع السلع بالخسارة. وعزا «مادورو» ارتفاع نسبة التضخم إلى الحرب الاقتصادية للمعارضة، بينما يعتبرها المنتقدون نتيجةً لتدهور سعر العملة التي وصلت قيمتها في السوق السوداء إلى نحو سبع مرات تلك التي حددتها الدولة، فضلاً عن الضوابط على العملة المرتبطة بالفساد. وعين «مادورو» جنرالاً بالجيش وزيراً للمالية هو ماركو رودولفو الذي كلفه «ببناء النموذج المالي الجديد يسمح بكافة الاستثمارات التي نحتاجها، والتي من شأنها أن تسمح ببناء نظام مالي في خدمة البلاد» حسب تعبيره. وليس من المستغرب أن هناك نقصاً متزايداً في السلع الاستهلاكية. وتعهد «مادورو» بفرض المزيد من الإجراءات الجذرية ضد الشركات، الأمر الذي أحدث ذعراً أكبر ودفع الفنزويليين لشراء الدولار الأميركي للتخلص من عملتهم المحلية، التي أصبح لاقيمة لها على نحو متزايد. وبسؤاله عن الأرجنتين، حيث بلغ معدل التضخم السنوي العام الماضي، وفقاً لمؤشرات مستقلة، نسبة 26 بالمئة، قال «فيرنر» إن الدولة تمر «بوضع صعب» عقب هبوط الاحتياطي الأجنبي بها بنحو 13 مليار دولار خلال العام الماضي، الى جانب انخفاض بقيمة ملياري دولار في الاحتياطي الأجنبي، حتى الآن خلال العام الجاري. غير أن مسؤول صندوق النقد الدولي رفض التكهن عما إذا كانت الأرجنتين تواجه خطر التضخم المفرط. وفي ضوء الاتجاهات الحديثة، يبدو «أنه من الواضح أن التضخم سيرتفع، لكن سيكون من السابق لأوانه تحديد المعدل الذي سيصل إليه، حسبما ذكر «فيرنر». أما بالنسبة لسائر دول أميركا اللاتينية، فقد أعرب المسؤول الدولي عن أمله في أن تشهد المنطقة ككل نمواً بنحو 3 بالمئة، أي أكثر بقليل من معدل النمو خلال العام الماضي. كما بدا متفائلاً للغاية بالنسبة للمكسيك، وأميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي. فهذه الدول ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاقتصاد الأميركي، ومن المرجح أن تستفيد من التوسع الاقتصادي المتوقع في الولايات المتحدة خلال هذا العام، حسبما قال. وأضاف «فيرنر» أن مجموعة ثانية من الدول التي نفذت سياسات اقتصادية مسؤولة، مثل تشيلي وبيرو وكولومبيا، والتى تجذب استثمارات محلية وأجنبية، ستشهد أداء جيداً هذا العام. وهناك مجموعة ثالثة من الدول التي تعاني معدلات تضخم مرتفعة وانهياراً في الاحتياطي ، ولا سيما فنزويلا والأرجنتين، ستعاني «تباطؤاً ملحوظاً» لاقتصاداتها هذا العام، وفقاً لما قاله فيرنر. ومن وجهة نظري: أن صندوق النقد الدولي لم يقدم دائماً أفضل الوصفات الاقتصادية للدول المتعثرة مالياً - ففي منطقة أميركا اللاتينية، دائماً ما ينصح باتخاذ إجراءات تقشفية، مما يخنق أي نمو ممكن - لكن توقعاته الاقتصادية تميل إلى أن تكون واقعية. وبينما لم يتلفظ فيرنر بمصطلح «التضخم المفرط»، إلا أنني لدي انطباع بأنه يرى إمكانية أن تبلغ نسبة التضخم في فنزويلا معدلات يصعب السيطرة عليها، بينما أمام الأرجنتين فرصة أقل لحدوث ذلك. وبالنسبة لفنزويلا، فإن الرئيس مادورو يرتكب خطأ كبيراً بتركيز خطبه النارية على محاولة تشويه خصومه السياسيين- حيث إن المعارضة ليست هي أكبر خصومه، وإنما الدولار الأميركي. وإذا لم يتمكن من إيقاف دوامة التضخم، فمن الصعب أن نرى كيف سيتمكن من منع الانهيار الاقتصادي. ‎أندريس أوبنهايمر صحفي أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي.انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©