الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون.. تحدٍّ آخر للعراق

27 أغسطس 2007 04:29
يبدو أن إدارة بوش على حق عندما تؤكد أن الشرق الأوسط بأسره يترقب ما سيسفر عنه الوضع في العراق، كي يحكم على مدى تصميم الولايات المتحدة ووفائها بالعهود التي قطعتها على نفسها· ولكن الحقيقة أن هناك معياراً آخر أكثر مباشرة، يمكن للمنطقة أن تحكم من خلاله على ذلك، ألا وهو الطريقة التي نتعامل بها مع أزمة اللاجئين العراقيين التي أصبحت مسألة تتعلق بمصداقيتنا وشرفنا في آن واحد· تكشف الإحصائيات أن هناك مليونيْ عراقي تقريباً قد نزحوا من ديارهم إلى أماكن أخرى داخل العراق، بسبب العنف الطائفي والخوف من القتل، وأن هناك قرابة مليونين آخرين قد فروا إلى الأردن وسوريا ولبنان ومصر وما وراء ذلك· ووفقاً للبيانات الخاصة بالأمم المتحدة، فإن هناك تدفقاً ثابتاً من اللاجئين العراقيين الجدد يبلغ 50 ألف لاجئ شهرياً· والمشكلة هنا هي أن العراقيين اللاجئين لا يستقرون في معسكرات إيواء أو شيء مشابه لذلك، وإنما ينتهي بهم الحال عادة إلى الأحياء الفقيرة في عواصم ومدن الدول التي لجأوا إليها، مما يجعل من الصعب على وكالات الإغاثة الدولية أن تتابع أحوالهم· وقد تطورت الاستجابة الأميركية لمسألة اللاجئين العراقيين، خلال الشهور الماضية، من استجابة ''مؤسفة'' إلى استجابة ''في الحدود الدنيا''، حيث اكتفت أميركا بدفع مساهمتها العادية، التي تبلغ 30 في المئة من تكلفة جهود إغاثة اللاجئين بشكل عام التي تضطلع بها الأمم المتحدة، كما تعاونت بشكل أكثر مع اليونيسيف، وبرنامج الغذاء العالمي، في هذا الخصوص· أما فيما يتعلق بالعراقيين الذين أجبروا على النزوح داخل العراق على وجه التحديد فهي لم تساهم سوى بمبلغ تجاوز بالكاد المليون دولار خلال العام الماضي، عبر المنظمة الدولية للهجرة، وهو مبلغ وصفه أحد مسؤولي تلك المنظمة بأنه مبلغ تافِه، وأنه إذا لم تقدم الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها مساعدة عملية ذات شأن للاجئين العراقيين، فإن الراديكاليين الإسلاميين سيتقدمون لملء الفجوة· ومن الواضح أن هناك عدداً من أعضاء الكونجرس قد ضغطوا من أجل زيادة المعونة الأميركية للاجئين العراقيين في العراق وخارجه كوسيلة، إلا أنهم فعلوا ذلك من أجل الضغط على الرئيس بالنسبة لموضوع العراق فقط· غير أنه لوحظ أيضاً أن تلك المشكلة أصبحت من المشكلات التي يجرى الاستشهاد بها في العديد من السجالات التي تدور حول العراق، حيث نجد مثلاً أن ''كين بولاك'' من ''معهد بروكينجز'' يقول إن اندلاع حرب أهلية شاملة في العراق، قد يؤدي إلى زيادة جذرية في أعداد اللاجئين العراقيين، بحيث تجد الدول المجاورة أنه قد يصعب عليها وقفهم، مما قد يؤدي بالتالي إلى التأثير على التوازن الطائفي في الشرق الأوسط، وعلى استقرار المنطقة برمتها· ومثل هذا الطرح يهدف إلى دعم الحجج التي تتبناها الإدارة، والتي تقول إن أي انسحاب أميركي متعجل من العراق سيؤدي إلى مفاقمة الأمور، وسيدفع بالمنطقة إلى مستقبل مجهول· ولو كان ذلك صحيحاً فإن الإدارة الأميركية كان يجب أن تعرف أن عليها تعزيز هذه الحجة من خلال تقديم المزيد من المعونات للاجئين العراقيين، وخصوصا أن تلك المعونات ليست مما تعجز أميركا عنه، علاوة على أن ذلك لها الفرصة لإظهار مدى اتساق خطابها مع اهتماماتها الإنسانية، ورغبتها الأكيدة في الاشتباك الإيجابي طويل الأمد مع شؤون الشرق الأوسط· وبدلا من التخلي عن القيادة في هذا الموضوع للكونجرس فإن الإدارة الأميركية يجب أن تطور مقاربة بناءة وشاملة، من خلال زيادة التمويل الذي تقدمه لمساعدة اللاجئين، والضغط على الدول الصديقة في الشرق الأوسط وأوروبا، لبذل المزيد من الجهود حيال هذا الأمر· ولكي تكتسب الجهود الأميركية المأمولة في هذا الشأن مصداقية وقدرة على الإقناع فإنها يجب أن تبدأ بإقدام الولايات المتحدة على منح تأشيرات دخول لثمانية آلاف عراقي ممن ساعدوا القوات المسلحة الأميركية، ويعيشون الآن تحت التهديد بالقتل أو الخطف أو المحاكمة· وهذا العدد من العراقيين الذي أوصت المفوضية العليا للاجئين بمنحه حق اللجوء إلى الولايات المتحدة يتم الآن التعامل معه بأسلوب التقطير حيث لم يتم السماح سوى بدخول 200 عراقي فقط في النصف الأول من هذا العام، بسبب الهواجس الأمنية لدى وزارة الأمن الداخلي· وليس هناك شك في أن التدقيق على خلفيات هؤلاء اللاجئين مسألة في غاية الأهمية، ولكنه يجب ألا يأخذ وقتاً أطول مما ينبغي، ويجب علينا أن نعرف أنه إذا ما استمررنا في التعامل مع أصدقائنا بهذه الطريقة فإننا سنجد أنفسنا يوماً ما بدون أصدقاء· مايكل جيرسون كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©