الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجتمع الإعلام وسيكولوجية تغيير الاتجاه

مجتمع الإعلام وسيكولوجية تغيير الاتجاه
22 مارس 2008 02:26
ألقى الدكتور محمد مزيان، أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر، محاضرة بمقر (المكتبة الجزائرية) بعنوان ''الاتصال وسيكولوجية تغيير الاتجاه''، تطرق فيها إلى الأهمية القصوى للإعلام في مجتمعات اليوم، إذ كان من العوامل الرئيسة لنمو الدول كما يؤكد استقراء التاريخ، عكس الدول المتخلفة التي يُعدُّ تأخرها في ميدان الإعلام أحد أهمِّ اختلالاتها، فهو ضرورة لتلبية مختلف حاجات الإنسان، والمعرفة الآن هي التي تحدِّد المجرى العام للتاريخ· وأضاف مزيان أن العالم كان منقسماً بين الشرق والغرب، ثم انتهت الحرب الباردة وظهر الشمال والجنوب، لكن الكاتب جون كريستوف لوفان ألَّف كتاباً بعنوان ''السلطات الجديدة''، وهو كتاب تنظيري استقصائي لتطور العالم، وتجاوز هذا التقسيم التقليدي بالحديث عن تقسيم جديد إلى ''عالم سريع''، و''عالم بطيء''، حيث تنتفي كل الفروق الكلاسيكية، وتقاس مكانة الدول فقط بمدى مواكبتها لتطورات الأحداث ودور الإعلام فيها· وعن خصائص ''المجتمع الإعلامي''، قال المحاضر: إنه مجتمع جديد يختلف تماماً عن المجتمع الزراعي والمجتمع الصناعي اللذين تحدث عنهما ألفير توفلر، حيث تجاوزت الإنسانية بحسبه عصر الأرض ثم الآلة والروبوتات إلى عصر استعمال الكمبيوتر في الإنتاج فأصبحت الخدمات هي القطاع المهيمن على هذا النمط وهي الموجة الثالثة في مسيرة الإنسان وتقابلها في الأدب صيغة ''ما بعد الحداثة''، وفي الاقتصاد ''المجتمع ما بعد الصناعي''· وتناول المحاضر تقريراً للأمم المتحدة للتجارة والتنمية نُشر بباريس، وتحدث عن العالمين البطيء والسريع، وقال إن الإعلام والمعرفة يعتبرا عامل نمو، ولا بد من الاستثمار في هذا المجال بتكوين الإنسان، خصوصا أن استعمال الكمبيوتر في الدول العربية لا يزال ضئيلاً جدا؛ ففي الجزائر لا يتعدى مجال استعماله حاجز الـ 5 بالمئة، أما الإنترنت والتكنولوجيات المتصلة به فلا تتجاوز 1,6 بالمئة، وهي أرقام تثير القلق ويجب أخذ الأمور بجدية وتغيير هذا الواقع بتغيير الإنسان ذاته، وإلا فإنه لا يمكن الولوج إلى مجتمع المعلومات، والبناء يجب أن يكون مرحلياً ومتيناً، ويجب تعلم التفكير النسقي ووضع رزنامة للأهداف، والتمكن، على الأقل، من لغتين عالميتين إلى جانب الإتقان الجيد للغة العربية· وعن فحوى ''سيكولوجية التغيير'' التي يدعو إليها، قال الدكتور مزيان إن المقصود بها هو الفرد، أي كيف يغير الإنسان نفسه ليغير محيطه من خلال مساءلة الواقع، ونبذ الخوف من وسائل الإعلام والمعلوماتية على أساس أنها تسلب الإنسان حيويته وتحوله إلى مجرد آلة يتعامل معها ميكانيكياً· ودعا إلى تعلم التفكير بطريقة إيجابية وحدسية وإيجاد الانسجام بين المكوِّن القيمي والمكوِّن الوجداني العاطفي والمكوِّن السلوكي، حيث كثيراً ما يتعارض المكونان القيمي والوجداني مع المكون السلوكي، فتناقض سلوكياتُ الإنسان قيمَه وأفكارَه، وقال إنه لا بد من إحداث تغيير سواء كان جزئياً وينصبُّ على الإصلاح، أو كان جذرياً تحدث فيه قطيعة وتغيرات عميقة داخل البناء الاتصالي؛ ودعا إلى تعلم كيفية تجاوز الحواجز العاطفية والوجدانية نحو الوسائل المعلوماتية الجديدة وأثرها في حياته الاجتماعية والمهنية، وتطوير كفاءاته المعرفية باستيعاب منطق هذه التقنيات، وتعلّم كيفية التفكير بطريقةٍ نسقية يغيِّر فيها سلوكه تماشياً وتعقيدات البيئة المتنامية والعمل على تحقيق النجاح في كل مستوى من هذه المستويات، وتعلم التفكير بطريقة شمولية ومنطقية وحدسية· وتعقيباً على المحاضرة، قال الكاتب والروائي الشاب بشير مفتي إن دعوة الفرد إلى التغيير تعدّ مثاليةً لأنه لا وجود للفردانية في مجتمعاتنا بنفس الكيفية الموجودة في الغرب، فكيف يمكن التغيير في مثل هذا المجتمع؟· وأضاف أن دعوة المحاضر إلى ''تغيير ما بالنفس'' يعتبر خطاباً دينياً نوعاً ما· وتساءل متدخلٌ ثان عن إمكانية نجاح الإعلام في تحقيق طفرة نوعية في غياب الديمقراطية؟ بينما أعرب مهندس متخصص في المعلوماتية ويعمل في فرنسا عن ''صدمته'' من الأرقام المتعلقة باستعمال الكمبيوتر والإنترنت في الجزائر، وقال: إنها تعود لغياب الطلب عليها، ولا بد من عمل الكثير لتغيير الذهنيات· وطرح الكاتب الصحفي مهدي براشد موضوع قيمة المعلومة بدل الاكتفاء بالحديث عن ضرورة اكتسابها للوصول إلى مجتمع المعلومات، وتأسف براشد لضعف مواقع الإنترنت الخاصة بالمؤسسات الجزائرية وقال: إن 80 بالمئة منها تبقى فيها المعلومة أكثر من 3 أشهر، بينما لا يتعدى عمر المعلومة في الولايات المتحدة أكثر من 24 ساعة ثم تغير وتُحيَّن· ورد الدكتور مزيان على هذه الانشغالات بالتأكيد أن الجزائر تعيش مرحلة الانتقال من المجتمع الزراعي إلى الصناعي، هي لحظة تاريخية ويجب استجماع كل القوى لتحقيق الطفرة النوعية والخروج من الاختلال، ونبه إلى أن المجتمع حقق تطوراً مُعتبراً، لكن لم يتحدَّد بعد النمط الاجتماعي الذي يريده، وأضاف أن استعمال وسائل الإعلام يقدم للإنسان قيمة مضافة، حيث حقق بها المزيد من الفاعلية وربح الوقت، ولكنها لا يمكن أن تحل محله، وأضاف أن الهدف من مجتمع الإعلام بالدرجة الأولى اقتصادي· وعن العلاقة بين السياسي والإعلامي، قال مزيان: إن الإعلامي مطالب بتطوير ذاته واكتساب ثقافة المهنة، أما السياسي فهو مطالب بـ ''خطاب شجاع'' تجاه وسائل الإعلام، ومجتمع المعلومات يحتاج إلى إمكانات كبيرة ليصبح أكثر مدنية وتقدماً· وقد بدا واضحاً أن المحاضر تجنب الخوض في السياسة بشكل مباشر، حيث لم يوضح طبيعة هذا ''الخطاب الشجاع'' المطلوب من السياسي تجاه الإعلامي، وهل يتعلق الأمر بتوسيع هامش الحرية وتجنب التضييق على الإعلامي، أم بشيء آخر؟
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©