السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تصريحات ترامب تزعج حلفاء أميركا الآسيويين

17 أكتوبر 2016 10:46
رغبة المرشح «الجمهوري» دونالد ترامب الواضحة في التغيير الجذري للهيمنة الأمنية الأميركية في آسيا، تحير الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة هناك، خصوصاً مع تنامي النفوذ الصيني، وتهديدات كوريا الشمالية النووية. وكان الملياردير الذي يتصدر قائمة المتنافسين على الفوز بترشيح الحزب «الجمهوري»، قد أدلى بتصريح لـ «نيويورك تايمز» قال فيه، إنه مستعد لسحب القوات الأميركية من اليابان وكوريا الجنوبية، وذلك إذا لم يقم البلدان بإجراء زيادة كبيرة في مساهماتهما المالية، للمساعدة في توفير نفقات تلك القوات. ومن المعروف أن الولايات المتحدة تحتفظ بـ 50 ألف جندي في اليابان، وحوالي 28500 في كوريا الجنوبية. وقد حظيت هذه التصريحات باهتمام واسع من قبل وسائل الإعلام في البلدين. فقد نشرت صحيفة «جونج آنج ديلي» الكورية الجنوبية، على سبيل المثال، افتتاحية جاء فيها: «نحن مذهولون من هذه الآراء قصيرة النظر من مترشح رئيسي في السباق الرئاسي الأميركي التي يتناول من خلالها مسائل على قدر كبير من الأهمية والحساسية، من منظور النفقات والتكاليف فحسب». وأضافت الصحيفة «إن مثل هذه المواقف ستفاقم مشاعر عدم الثقة والسخط السائدة في العالم تجاه العم سام». ويشار في هذا السياق إلى أن «ترامب» قدم وعوداً في إطار حملته الانتخابية، لتغيير اتجاه السياسة الأميركية الحالية بشأن التجارة والأمن في آسيا، وإنْ كانت الاعتبارات الواقعية التي يتم مراعاتها عادة عند تولي الحكم، قد تعني أن معظم هذه الوعود لن تتحول لحقائق إذا فاز «ترامب» في الانتخابات الرئاسية. مع ذلك، فإن مجرد التعبير عن هذه الآراء، أدى إلى قلق وعدم ارتياح لدى حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين في آسيا، لأن الفراغ الذي سينشأ عن رحيل القوات الأميركية من هناك، سيلقي ظلالاً من الشك على دورها المستقبلي في آسيا، وهي، كما هو معروف، منطقة مهمة للغاية للولايات المتحدة في مجال التجارة والاستثمار، كما يحتمل أن يفتح الباب لفرض الوجود العسكري الصيني. قوة باسيفيكية تعليقاً على ذلك قال «كونيهايكو مياكي»، الأستاذ الزائر بجامعة «ريتسوميكان» في كيوتو، والدبلوماسي السابق الذي شارك من قبل في المفاوضات المتعلقة بالدعم المالي الذي تدفعه اليابان للقوات الأميركية: «إذا لم يكن ثمة حلف عسكري بين اليابان والولايات المتحدة، فإن ذلك يعني أن الولايات المتحدة ستتوقف عن أن تصبح قوة باسيفيكية» وأضاف «مياكي»:«والسبب في ذلك هو أنه لا توجد أي أمة أخرى، غير اليابان، لديها القدرة على دعم الوجود الأميركي في هذا الجزء من العالم». يذكر أن اليابان المقيدة بنصوص دستورها السلمي المفروض عليها من قبل الولايات المتحدة، قد اعتمدت دائماً على الحماية الأميركية، وتجنبت تطوير أسلحتها النووية، ووضعت حدوداً لإنفاقها الدفاعي. وتشير الدولتان بشكل متكرر إلى التحالف بينهما باعتباره «حجر الزاوية» للسلام في المنطقة، وتقولان إنه قد ساعد على نمو التجارة والصناعة في آسيا. ويذكر أيضاً في هذا السياق أن كوريا الجنوبية تعتمد على القوة العسكرية الأميركية للمساعدة في ردع كوريا الشمالية متقلبة الأطوار. ومن المعروف أن الولايات المتحدة، هي ثاني أكبر شريك تجاري- في مجال الصادرات والواردات- لكل من اليابان وكوريا الجنوبية، علاوة على أن اليابان عضو في اتفاقية «الشراكة عبر الباسيفيكي» التجارية التي تعد حجر الزاوية في سياسة الولايات المتحدة الخاصة بإعادة التوجيه الاقتصادي والأمني نحو آسيا، التي تبنتها إدارة أوباما. الاتفاق الياباني الأميركي اتفقت اليابان والولايات المتحدة على صفقة تحت اسم «دعم الدولة المضيفة» مدتها خمس سنوات في شهر ديسمبر الماضي، تنفق اليابان بموجبها 189,9 مليار ين (1,67 مليار دولار أميركي) سنوياً، لتغطية نفقات تشمل دفع مرتبات موظفي القاعدة الأميركية المحليين. وفي هذا الاتفاق، أَضيفت بنود أخرى مثل الإيجار الذي تدفعه اليابان لاستئجار أرض مملوكة ملكية خاصة لاستخدامها في استضافة القواعد العسكرية الأميركية. ويشار في هذا السياق أن وزارة الدفاع اليابانية قد خصصت ميزانية قدرها 372,5 مليار ين، لإسكان القوات الأميركية في العام المالي الذي بدأ في شهر أبريل من العام الماضي. وقد رفض المحللون والمسؤولون الرسميون الفكرة القائلة، إن الدولتين الآسيويتين المستضيفتين لا تدفعان ما يكفي. «إنهم يدفعون الكثير» هذا ما يقوله «براد جلوسرمان» المدير التنفيذي في «منتدى سي إس آي إس الباسيكفي في هاوي» عن اليابانيين. ويضيف: «عبر سنوات عديدة، اعتبرت اليابان نموذجاً مثالياً للدولة المضيفة التي تقدم الدعم للقوات التي تستضيفها على أرضها». متاعب كوريا الجنوبية وقد صرح «ماريك ليبرت» سفير الولايات المتحدة لدى سيؤول الأسبوع الماضي، بأن الحكومة الأميركية راضية عن مساهمات كوريا الجنوبية، وذلك كما جاء على لسانه في تصريح لوكالة «يونهاب نيوز». وأشار إلى أن كوريا الجنوبية تدفع ما يزيد على 900 مليار «وون» (773 مليون دولار أميركي) سنوياً للولايات المتحدة، بموجب اتفاق ساري المفعول لغاية نهاية 2018. وقالت صحيفة «كوريا إيكونوميك ديلي» إنها «تشك في أن ترامب يحصل على المعلومات الصحيحة»، وقالت أيضاً إن «كوريا الجنوبية يمكن أن تتعرض إلى مشكلات، إذا استمر ترامب في اتهاماته التي يبعثرها من دون حساب». وفي تصريح له للصحفيين قال «تشو جون هايوك» المتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، في مؤتمر صحفي في سيؤول: «لقد قدمت الحكومة الكورية مساهمات عديدة، وقامت بدورها من أجل توفير ظروف معيشية مستقرة لأفراد الجيش الأميركي على أراضيها، وتقوية قدرات الدفاع للقوات الكورية- الأميركية المشتركة». وأضاف «هايوك»: «إن الإدارة الأميركية، ومجلسها التشريعي وشعبها، يعترفون بشكل كاف بدورنا ومساهماتنا كدولة حليفة». وقال البروفيسور «مياكي»: «قد لا يكون لدى ترامب مجموعة جيدة من المستشارين في مجالي السياسة الخارجية أو الأمن القومي»، وفسر ما يقصده بقوله: «فهو يتحدث عن أشياء من وحي الخاطر لأغراض شعبوية، وهذا في حد ذاته لا بأس به، إذا كان يندرج في إطار المناورات السياسية التي تستخدم خلال الحملات الانتخابية. أما عند الوصول إلى الحكم، فلا اعتقد أن هذا الأسلوب يمكن أن ينجح». الترسانات النووية في تعليقاته التي أدلى بها لـ «نيويورك تايمز»، قال ترامب، إنه سيكون منفتحاً على الاقتراحات الداعية لقيام كل من اليابان وكوريا الجنوبية ببناء ترسانتيهما النوويتين. وقال «إذا استمرت الولايات المتحدة في طريقها، وأقصد طريقها الحالي المتسم بالضعف، فإنهما- اليابان وكوريا الجنوبية- سيفضلان أن يظل الأمر على هذا النحو، سواء قمت بمناقشة هذا الموضوع أم لا». وفي حين رفض الدبلوماسيون اليابانيون مراراً التعليق بشكل مباشر على ترامب، فإن كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، وشيهايدي سوجا، أعاد في تصريح له يوم الاثنين التأكيد على نية حكومته الاستمرار في الالتزام «مبادئها المناوئة للأسلحة النووية». يشار إلى أن اليابان باعتبارها الدولة الوحيدة التي عانت ويلات القنبلة الذرية، قد التزمت دوماً القواعد التي فرضتها على نفسها بعدم السعي لامتلاك أسلحة نووية على أراضيها. وقال مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي في اليابان يطلق على نفسه اسم «موسيماني»: «لقد بدأت أكره ترامب. فما يقوله يعبر عن قدر كبير من عدم المسؤولية. فمن الذين يريدنا أن نرهبه بأسلحتنا النووية». وقال «توشيو تاموجامي»، وهو سياسي ياباني محافظ، شغل في السابق منصب رئيس أركان حرب القوات الجوية في موقعه على تويتر: «لم يسبق لأي رئيس للولايات المتحدة أن اقترح سحب القوات الأميركية من اليابان أو السماح لليابان وكوريا الجنوبية بامتلاك أسلحة ذرية»، وأضاف تاموجامي: «وبالتالي فإني أرى، أن ما قاله، يوفر فرصة جيدة لليابان كي تكون دولة مستقلة حقاً». *كاتبة ومحللة سياسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تربيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©