الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مقاطع سينمائية !!

مقاطع سينمائية !!
25 أغسطس 2007 01:39
في حدود الرؤية شبه المستيقظة توحي لك الأشياء ببطء مقنع وملفت، لذا تستدعي نفسك كي تتأمل تداعي تلك الوجوه المغردة حولك وكأن بواكير الشغب يثيرها! وبعضها صامت، فتنعم بفضاء يأسرك! تتلاطم الخطوات التي تنساق خلف الطرقات الجوفاء والأزقة الحبلى، فكأن حواراً يلد بينك وبين تلك الوجوه العابرة !! تلبد الغيوم مجرد حالة تائه قبيل تساقط حبات المطر، رذاذ ينقر مسامات الأرض لتستيقظ الحياة من جديد! ثم تتساقط الأقنعة عن وجه الحضارة، هذه إفرازات ترتجف، تمحو حالة الجمود رويدا رويدا، رتم ماثل، فكأن الحقيقة لا بد أن تستشف تلك التداعيات الزمنية عبر دقائق مدهشة تتوالد على نحوها العصور كفلم سينمائي ! تأمل فطري وسط مدينة تشبه حالة المدن في القارة القديمة، جدران أسطورية لها أزقة ذات تفاصيل لحروب عالمية وشعبية قاسية !! لازالت لها رائحة في جوف المكان!! رغم تباعد الزمان إلا أن الصور القاتمة من تلك الحقبة على مد النظر، مواقع أثرية تنبش الذاكرة، إلا أن الحيرة ماثلة، هل تقرأ التاريخ الذي مضى أم ترجئ ذلك إلى وحي آخر!! تلك قوافل المارة تستوقفني كثيراً تثيرني أكثر!! وجوه مثل حبات زجاجية متناثرة توحي بقراءة شهية! هذه اللذة الكامنة في فنجان ''كابتشينو'' تحت مظلات المقاهي المتناثرة على جانبي الأزقة ومسارات الأسواق مما يوحي بأن الحالة البشرية التي تقدر بالملايين تحتاج إلى أطنان من المأكولات والمشروبات !! لكن بعضها أطعمة مهينة للبشر، جافة كالحجر، هذا ثمن يدفعه المرء مقابل الحرية والخصوصية الذاتية!! فالحياة المعيشية بلا لذة !! كان المشهد يتكرر كلما أخذت الدقائق حيزاً من الوقت، يفد رجل وبجانبه صديقته كما تبدو، يشتري لنفسه شريحة من البيتزا ! فلا يلتفت إلى صديقته، يلتهمها بسرعة بينما تهم هي بشراء قطعة مماثلة لتقضمها بسرعة دون تردد !! فبعد أن دفع كل عن نفسه ثمن البيتزا، عادا سويا يلتصقان كأنهما زوجان حبيبان يتبادلان القبلات!! صور أخرى دارجة !! امرأة في العقد الثاني تصر على أن تطعم كلبها أولا بينما ابنها يتضور جوعاً! فالكلب أهم بالرعاية كما يوحي المشهد !! مشهد آخر، رجل في قمة الأناقة والهندام كرجل أعمال كما يبدو، وبجانبه كلبه، يخرج من حقيبة كيساً ليهم بعدها بتنظيف الأقذار من ورائه، فالكلب له بريق وجاذبية من شدة الاعتناء!! رجل آخر في كل الحالات تبدو عليه القوة والصحة يتستر تحت الوهن والضعف، يفترش الطريق، بجانبه زجاجات فارغة، وبقايا من المأكولات!! يشعرون بالعطف نحوه لذا أيديهم لا تتوقف من مده بالنقود!! امرأة ذات ملامح بوسنية مسلمة تقف بجانب المصرف المالي ليس من يشعر بالعطف نحوها رغم هندامها الممزق، تظل تنظر في وجوه كل من يستعمل آلة المصرف لكن ليس هناك من يعيرها اهتماماً !! قراءة مثيرة تنم عن البعد النفسي للحضارة، تبدو الحصيلة فراغ النفس!! فالثوابت الاجتماعية قائمة على المرتكز الصناعي والعوامل الحضارية لا تجدي إذا لم تتصل مع البعد الروحي!وهذا ما يبدو غائباً !!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©