عزمي بشارة: أميركا شوهت الديمقراطية

النظام الديمقراطي ليس حتمية تاريخية، ولا قانوناً يقود إليه المسار الطبيعي الحتمي للمجتمعات الإنسانية، وإنما هو مجرد نمط من أنماط النظام السياسي الإنساني يستحق أن يتم اختياره، لا أكثر ولا أقل· هذا ما ذهب إليه الدكتور عزمي بشارة في محاضرة بعنوان ''المسألة العربية وعوائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي'' نظمتها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث مساء الأربعاء الماضي· وقدم المحاضرة عبدالله سالم العامري مدير إدارة الثقافة والفنون بالهيئة· وتساءل عزمي بشارة ابتداءً: لماذا لا يقع الحديث الآن عن استعصاء أو استثناء ديمقراطي اليوم إلا عند العرب والمسلمين؟ ولماذا لا نسمع في المقابل اهتماماً عالمياً بإشكالية دمقرطة الصين مثلاً، وهي بلد يضم أكثر من مليار إنسان؟ ولماذا لا أحد يفكر اليوم في التدخل عسكرياً لفرض الممارسات والقيم الديمقراطية في نظام يصفه الجميع بالشمولية كذلك القائم في كوريا الشمالية أيضاً؟ مجيباً - في سياق سجالي- بأن وراء الخطاب التبريري الكامن خلف بعض الدعوات الغربية إلى دمقرطة المنطقة العربية نوعاً من التسويغ لأجندة استعمارية ذات منشأ متعلق بالظمأ إلى مصادر الطاقة الموجودة في المنطقة بغية الاستحواذ عليها، إضافة إلى مصالح ثقافية حاكمة وذات صلة بالتحالف الغربي الصهيوني· وأشار عزمي بشارة إلى أن أسوأ خدمة قدمت للديمقراطية قدمها الأميركان حين صوروها على أنها مجرد مطية للتدخل والاستعمار· وأوضح أن الديمقراطية الحقيقية، لا يمكن أن تُستنبت وترسخ إلا وفق خيار وطني ذاتي وأجندة وطنية يتم التوافق عليها ضمن مسار سياسي وتاريخي، ووفق منطق اجتماعي داخلي، بعيداً عن أية تدخلات خارجية· وانتهى الدكتور عزمي بشارة إلى أن أية ديمقراطية حقيقية لابد أن تكون تعبيراً عن ثوابت الأمة القومية والثقافية، وأن تكون استجابة وترسيخاً لدعائم الهويات الوطنية الجامعة، بعيداً عن أية هويات تجزيئية أو طائفية أو عشائرية أو أية معوقات أخرى من شأنها إرباك انتماء الأفراد ومواطنيتهم·