الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان... عنف ديني يتجدد!

25 أغسطس 2007 01:34
مضى على السودانيين حينٌ من الدهر قدَّروا أنهم تخلصوا بصورة نهائية من وجود بؤر للعنف والتطرف الذي يلبس عباءة الإسلام زوراً، وظنوا أن ما شهدوه في أعوام مضت لن يعود مرة أخرى، ولكن خاب ذلك التقدير، وانتهى ذلك الظن بما حدث خلال الأيام العشرة الماضية· لقد اكتشفت الجهات الأمنية أن هناك نشاطاً سرياً واسعاً لأفراد أو جماعات من أمثال تلك التي تسمى ''جماعة التكفير والهجرة'' أو ''جماعة الموحّدين'' أو غيرهما، فقد وضع رجال الأمن أيديهم على مخبأين يقع الأول في أقصى شمال ولاية الخرطوم والآخر في أقصى جنوبها، والمخبآن عبارة عن منزلين عاديين اتضح أن بداخلهما وُرشاً لتصنيع بعض أنواع السلاح، إضافة إلى وجود كميات من القنابل المُعدة، والمتفجرات، وغيرها من وسائل التخريب والدمار· وقد تمكنت قوات الشرطة من إلقاء القبض على بعض سكان هذين المنزلين بينما هرب آخرون· ويبدو أن شرطة المباحث الجنائية تعتقد أن هناك بؤراً أخرى داخل العاصمة وخارجها، فقد واصلت حملتها وقُبض على نحو 60 متهماً من بينهم إمام لمسجد من مساجد منطقة شرق النيل شمالي الخرطوم· وليس واضحاً حتى الآن ما إذا كانت هذه الجماعات ذات صلة بتنظيم ''القاعدة'' المعروف، أم أنها شيء آخر محلي لم يصل إلى مستوى العالمية أو الإقليمية· إن ظاهرة العنف والتطرف كانت قد انتشرت في العاصمة السودانية وبعض المدن الأخرى قبل نحو عشر سنوات، وكان من أبرز أحداثها اعتداء بالسلاح الناري قامت به مجموعة من هؤلاء ضد الناس وهم يؤدون الصلاة في مسجد من مساجد مدينة أم درمان، وقتل في ذلك الاعتداء غير المبرر عشرات من المواطنين الأبرياء· ولكن الظاهرة انحسرت بعد ذلك كثيراً، وارتبط هذا الانحسار بسعي حكومة السودان لترميم علاقاتها بالولايات المتحدة الأميركية، وإثبات أن ''الإنقاذ'' ما عادت حركة إسلامية متطرفة··· الخ· إن الجنوح للعنف باسم الدين ارتبط بوصول ''الإنقاذ'' إلى الحكم، ذلك لأن ''الإنقاذ'' في سنواتها العشر الأولى مارست قدراً كبيراً من العنف ضد معارضيها أو حتى كل من لا تثق في أنهم موالون لها، وقد كان كثير من سياسات الحكم خلال تلك الفترة أقرب إلى ما عرفه وشاهده الناس في أفغانستان خلال فترة حكم ''طالبان''، حتى أنه حدث أن أحد الكتاب الأفارقة شبَّه نظام الحكم في السودان يومذاك وقال إنه ''طالبان إفريقيا''· وواضح الآن أن تلك الظاهرة لم تجتث، وأن التحول الظاهري في سياسات نظام الحكم لم تكن له آثاره على تلك المجموعات التي آمنت بالعنف وظلت نائمة أو غير نشطة علانية لكنها كانت تبني لها قواعد وإمكانيات يمكن أن تكبر مع الأيام وهو ما كشف عنه نشاط المباحث الجنائية مؤخراً· إن الأبعاد الحقيقية لهذا النشاط الخطير لم تتضح بعد كما لم يتضح مدى علاقة هذه البؤر التي كشفت بأي مسؤول أو جهة لها علاقة بالحكومة وحزبها الحاكم· ورغم أن وزارة الداخلية أعلنت أنها تواصل التحقيق لمعرفة كل أبعاد ذلك النشاط الهدَّام فإنها (أي الوزارة) أعلنت في ذات الوقت منع الصحف من الخوض في الكتابة والتحليل حول هذا الموضوع، وذاك أمر بدوره يثير الشكوك ولا يدعو للطمأنينة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©