الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أنا مع التنوع

أنا مع التنوع
3 مارس 2017 21:56
الانقسام والإقصاء هما أمران مألوفان بالنسبة لي، حيث أن نشأتي في غرب ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية قد منحتني تجربة مباشرة حول ما تبدو عليه وتشعر به أي أمة مقسّمة، وقد نشأ جيلي وهو يعلم أن هناك جدارًا من غير المسموح تسلّقه أو تجاوزه، لقد كان هناك «هم» وعلى الجانب الآخر «نحن». إلا أن ذلك منحني أيضاً فكرة واضحة عن قوة وإرادة الشعب، خاصة عندما شهدتُ أخيرًا سقوط جدار برلين في عام 1989. وعلى الرغم من الصراعات وآثار التقسيم التي خلّفها الجدار، فقد كانت السنوات التي تلت ذلك مثالاً واضحاً على أهمية الوحدة والاندماج وقدرتهما على جلب فوائد اقتصادية واجتماعية متنوعة. وقد جعلتنا ألمانيا الموحدة لاعباً أقوى على الصعيد العالمي، كما كان ذلك الحدث العظيم دليلاً على أن الانقسامات التي استمرت لعقود طويلة، يمكن التراجع عنها وإلغاؤها. وعلى الرغم من أن تحقيق ذلك يكلّف أموالًا طائلة ويحتاج إلى جهود جبّارة، إلا أنه يخلق أيضاً العديد من الفرص المميزة. ولا يخفى على أحد، خاصة في عالمنا الذي يشهد استقطاباً متزايداً اليوم، أن هناك من قد يختلف مع هذا الرأي. لكن واقع تجربتي الشخصية والمهنية جعلني من أشد المؤمنين بقوة الانفتاح وكسر الحواجز. وهذا هو السبب الذي يدفعني إلى الاعتقاد بضرورة التروّي وإعادة النظر في الطريقة التي يصوغ فيها التنوع والشمولية حياتنا وأعمالنا بشكل أفضل. وقد وفر لي العمل مع شركة سيمنس الفرصة للإقامة في أماكن مختلفة، مثل جنوب شرق آسيا، وآسيا المحيط الهادئ والأميركتين وأوروبا والشرق الأوسط. وإذا كان هناك شيء واحد قد استخلصته من العمل في كل تلك الدول والمناطق المختلفة، فهو أن الناس، بغض النظر عن العرق أو الخلفية والثقافة والجنس، يمكن أن يجعلوا الفرد يشعر بالترحاب، ويقدموا له دعماً غير مشروط، ويبنوا علاقات تآزر وتعاضد مذهلة. وبفضل حياتي المهنية، فأنا أشعر وكأنني نشأت كجزء من مجتمع عالمي ساهم في تحقيق أهداف الشركة والنمو الذي تتمتع به اليوم بطرق رائعة. وهناك مجموعة متزايدة من الأدلة التي تدعم قضية التنوع في مكان العمل. ولا تزال البحوث تقدم إثباتات مستمرة في أن العمل مع زملاء مختلفين يمكن أن يجعلنا بصفة عامة، أكثر إبداعاً وابتكاراً ومثابرة واجتهاداً، بالمقارنة مع العمل ضمن مجموعات متجانسة. ويتيح لنا ذلك أيضاً الإعداد بشكل أفضل وفق آراء ووجهات نظر مختلفة وجديدة، ويساعدنا على التمتع بعقل منفتح على معلومات جديدة لم يسبق لنا التفكير بها مطلقاً. كما تتمتع الشركات التي لديها قوة عمل متنوعة بربحية أعلى وفهم أفضل لأصحاب المصلحة. وباعتبارها شركة تضمّ موظفين من 171 دولة، فإننا في سيمنس نواصل جني ثمار التنوع، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالابتكار. وقد ارتفع عدد براءات الاختراع التي سجلتها الشركة في جميع أنحاء العالم في نهاية السنة المالية 2016 إلى نحو 59,800، مقارنة مع 56,200 في العام السابق. وفي السنة المالية 2016، قدم موظفونا 7,500 إفصاح ابتكار، أي بمعدل نحو 30 إفصاحاً في كل يوم عمل. وهنا أود أن أقتبس عن رئيسة مكتب التنوع في سيمنس، يانينا كوجل، التي قالت ذات مرة: «إن التنوع يعزز قدرتنا على الابتكار، ويطلق العنان لإمكانات موظفي سيمنس، وبالتالي يساهم بصورة مباشرة في نجاح أعمالنا». وسواء في العمل أو في الحياة الاجتماعية، لا ينبغي أن يكون تركيزنا على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو الثقافة، ولكن على ما يمكن لكل فرد، بغض النظر عن المكان الذي ينحدر منه، أن يقدمه للعالم من حولنا، ويجب أيضاً أن نسأل أنفسنا: ما هو الحل الذي يقدمه شخص ما لمشكلة معينة؟ وهل يقدم هذا الشخص مساهمة قيّمة لمساعدتنا على تحقيق أهدافنا؟ إن تسخير أفضل ما ينتج عن اختلافاتنا هو ما يجعلنا أقوى، سواء كان ذلك لتحقيق ربحية أعلى وابتكار أكبر في مجال الأعمال أو مكافحة التغير المناخي، أو علاج الأمراض، والقضاء على الفقر أو الحفاظ على بيئتنا. وفي الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى، لا يمكن لأحد تجاهل قوة التنوع والتعاون. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أقيم حالياً، أدرك القادة هنا أهمية هذا الأمر. وفي النهاية فإن هذا البلد هو موطن لنحو 200 جنسية، ساهمت بطرقها الخاصة في تحقيق تنميته غير المسبوقة. وأنا أعتقد بأن انفتاح الإماراتيين على أفكار جديدة، بغض النظر عمن يقترحها، وطبيعتهم التكيفية قد دفعت البلاد إلى الأمام، ووضعتها على خريطة العالم. وبغض النظر عن جنسيتك، فهم على استعداد للاستماع إليك بعقل منفتح. وأنا شخصياً لا أزال أستمتع بالعمل في بيئة تشجع هذا النوع من الانفتاح، حيث يتم الاحتفاء بالتعايش والتسامح. واليوم، يمكن لأي صوت من أي شركة كبيرة أو صغيرة، أن يكون حاسماً في بناء جسر من التفاهم بين عوالم مختلفة، وفي تشكيل مستقبلنا. ومن هنا فإن المسؤولية تقع على عاتقنا، وعلى عاتق قادة الأعمال، للتعبير عن التزامنا الراسخ الاندماج والتنوع، لمقاومة بناء الحواجز، وتركيز جهودنا على إزالة أي حواجز لا تزال موجودة. * الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس في الشرق الأوسط والإمارات
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©