الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيارات بروتوكولية للعراق

22 أغسطس 2007 00:09
أواخر الشهر الماضي، وبعيد زيارة لهما إلى العراق، كتب ''كينيث بولاك'' و''مايكل أوهانلون'' من ''مؤسسة بروكينغز'' مقالاً في صحيفة ''نيويورك تايمز'' جاء فيه: ''لقد بدأنا أخيراً في إحراز تقدم في العراق''· وفي يونيو الماضي، تحدث السيناتور ''جوزيف ليبرمان''، الذي كان قد عاد للتو من آخر زيارة خاطفة له إلى هناك، في صحيفة ''وول ستريت'' عن ''انقلاب جذري'' في الوضع الأمني في محافظة الأنبار المضطربة· ولكن بينما تتطلع واشنطن إلى تقرير سبتمبر الذي يقوِّم نتائج زيادة عدد القوات الأميركية في العراق، فإن ثمة أسباباً قوية ووجيهة للتشكيك في هذه الروايات· والواقع أن عدداً كبيراً من الشخصيات السياسية المهمة زار بغداد للوقوف على حقيقة ما يجري هناك، وضمن هذا الإطار، فإنه منذ اندلاع الحرب، زار 76 من أعضاء مجلس الشيوخ العراق منهم 38 زاروها خلال الأشهر الاثني عشر المنصرمة· ولكن اللافت أن معظمهم لم يبرح ''المنطقة الخضراء'' أبداً أو غيرها من الأماكن المحصنة تحصيناً شديداً· كما أن قلة قليلة منهم غيرت الآراء والمواقف التي كانت تتبناها قبل الزيارة، إن كان ثمة غيرها أصلاً· بيد أن المراسلين الموجودين في بغداد قلما ينتبهون لهذه الزيارات، وكثيراً ما لا يحضرون المؤتمرات الصحفية التي تعقد عادة في ختام زيارات الوفود· ومنذ أن غادرت العراق العام الماضي، فوجئت بمدى تأثير ووقع هذه الزيارات المخطط لها تخطيطاً على الخطاب الداخلي حول الحرب· فأولاً، هناك مقالات الرأي التي تطغى عليها عبارات جريئة من قبيل ''ما رأيت وشاهدت'' في الجبهة· ثم هناك ظهور العائدين من هذه الزيارات في البرامج التلفزيونية الليلية والبرامج الحوارية· وما يحدث عادة هو أن الأشخاص الذين لديهم آراء معارضة لا يتأخرون عن الرد؛ وهكذا، سرعان ما يغطي هذا الجدال على حقيقة ما يجري هناك فعلاً ويحجبه· وكان ينبغي الكشف عن حقيقة هذه الممارسة بعد زيارة السيناتور جون ماكين إلى بغداد في الربيع الماضي، والتي أعلن بعدها أن الحرية كانت تمشي إلى جانبه أثناء تجوله بأحد الأسواق وتحدثه مع أصحاب المتاجر· غير أن حقيقة أن ''ماكين'' كان مرفوقاً بقافلة جرارة من المركبات المدرعة وطائرات الهيلوكبتر من طراز ''بلاك هوك'' لم تعلَن إلا لاحقاً في برنامج ''60 دقيقة'' التلفزيوني· والحقيقة أن المعارضين للحرب مذنبون أيضاً لاستغلالهم هذه الزيارات كأداة لاكتساب المصداقية· ففي زيارة بعيد انتخابات ،2004 استنكر السيناتور جون كيري ''الأحكام الفظيعة'' و''الأخطاء التي يمكن تصديقها'' التي ارتكبها الرئيس بوش· وفي مؤتمر صحفي حضرتُه الصيف الماضي ببغداد، قال السيناتور ''روس فينجولد''، وهو من الداعين للانسحاب: إن استمرار وجود القوات الأميركية ''أمر قد يساهم في زعزعة الاستقرار''· ولا غرابة أن رفيق سفره، ''ماكين''، الذي حضر المؤتمرات الصحفية نفسها بالقواعد العسكرية نفسها استخلص استنتاجات معارضة· وحتى لا نبالغ نقول: إن الأشخاص الذين يزورون العراق يركبون مخاطر حقيقية، هي جزء لا يتجزأ من الرحلة، بغض النظر عمن يتولى أمنهم وحمايتهم· ولذلك، تنبغي الإشادة بأعضاء الكونجرس، لأنهم يرفضون أن يثقوا ثقة عمياء بروايات الدبلوماسيين والجنود والصحفيين· غير أنه من المفيد في الوقت نفسه تذكر واستحضار الأبعاد والدلالات الحقيقية لهذه الزيارات؛ ذلك أن الفهم الحقيقي لما يحدث قلما يتأتَّى عبر قضاء بضعة أيام وراء الجدران· في نوفمبر 2005 قام ''ليبرمان''، الذي خاض حملة محمومة دون كلل من أجل دعم الجهد الحربي، بكتابة مقال في صحيفة ''وول ستريت جورنال'' يقول: ''لقد عدت للتو من رابع زيارة لي إلى العراق في ظرف سبعة عشر شهراً، وأستطيع أن أزف إليكم تقدماً حقيقياً هناك''· ولكن، بعد ثلاثة أشهر على ذلك (وبعد أسبوعين على تصريحات إينجراهام المتفائلة) تم تفجير أحد المساجد في سامراء، وهو ما أشعل أسوأ فترة من فترات العنف الطائفي في الحرب حتى ذلك الوقت· شخصياً، وبعد أن غادرت العراق قبل عام، توقفت عن الادعاء والتظاهر أمام الأشخاص الذين يعتقدون أن لديَّ فكرة عما يحدث على الأرض هناك اليوم· وبالمثل، فعلى الذين يمرون من العراق مرور الكرام أن يكفوا عن الدفاع عن آرائهم ومواقفهم استناداً إلى ما لا يعدو كونه زيارات بروتوكولية في الغالب· مراسل سابق لصحيفة واشنطن بوست في بغداد من مايو 2005 إلى يونيو 2006 ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©