الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والمكسيك... شراكة في الحرب على المخدرات

أميركا والمكسيك... شراكة في الحرب على المخدرات
20 أغسطس 2007 00:28
توشك السلطتان الأميركية والمكسيكية، على التوصل إلى اتفاق بشأن حزمة مساعدات تقدمها أميركا للسلطات المكسيكية لمعاونتها على تنفيذ حملتها الأمنية الجسورة الجديدة ضد عصابات المخدرات التي تهدد الدولتين معاً· والمخاطر التي تواجهها الولايات المتحدة جراء تهريب المخدرات كبيرة· فعلى رغم أن المكسيك تمثل بالنسبة لها شريكاً تجارياً مهماً، وجاراً متعاوناً في الكثير من القضايا، إلا أن معظم كميات نبات الماريجوانا، و90 في المئة تقريباً من كميات الكوكايين التي يتم تهريبها إلى الولايات المتحدة تأتي عن طريق حدودها الجنوبية مع المكسيك· لذلك فإنه إذا لم تتمكن المكسيك من تحقيق تقدم في حملتها الرامية للتصدي للعصابات والمنظمات الإجرامية التي تحتكر تجارة المخدرات وتهريبها عبر الولايات المتحدة، والتي لا تتورَّع عن اللجوء للعنف، وسفك الدماء في عملياتها، فإن الأمن القومي لأميركا وشعبها سيكونان أول المتضرِّرين· ومنذ فوز الرئيس ''فيليب كالديرون'' في انتخابات العام الماضي، ضاعفت السلطات المكسيكية من جهودها في مجال مكافحة تهريب المخدرات وتجارتها·· كما اتخذت المزيد من الإجراءات من أجل تمهيد طريق تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية في هذا المجال· وقد أخضع ''كالديرون'' المئات من كبار ضباط الشرطة المكسيكيين لفحص الكذب، كما أنهى خدمات الآلاف من رجال الشرطة المتهمين بالتورط في الفساد· وبعد سنوات طويلة من العراقيل القانونية التي كانت تحول دون ذلك أقدمت المكسيك على القبض على بعض كبار تجار ومهربي المخدرات وقامت بتسليمهم إلى الولايات المتحدة بأعداد قياسية· وبعد إقراره بوجود فساد وضعف، في بعض قطاعات جهاز الشرطة المكسيكي، عمل كالديرون على نشر 20 ألف جندي لمواجهة عصابات التهريب المزودة بأحدث الأسلحة، كما بادر رجال الشرطة المكسيكيون المهجوسون بسيادة بلادهم بالتخلي عن حساسيتهم التاريخية، ورحبوا بالتعاون غير المسبوق مع قوات فرض القانون، ووكالات الاستخبارات التابعة لأميركا وهو ما يدفع للقول إن الوقت الراهن هو أنسب الأوقات لإقامة علاقة شراكة متينة وحقيقية بين البلدين· وبعض جوانب هذه الشراكة لا خلاف عليه، ويمكنها بسهولة أن تكسب الموافقة من قبل الأجهزة التشريعية المختصة في البلدين· يشار في هذا السياق إلى أن معدات الرصد والتنصت، وأجهزة الرادار، وأجهزة التشويش، وطائرات تعقب رجال العصابات، إضافة إلى أنواع متعددة ومتنوعة من التدريبات تمثل جزءاً لا يتجزأ من الاتفاقية بين البلدين في مجال مكافحة المخدرات· ويذكر هنا أن التعاون بين الإدارتين الأميركية والمكسيكية، قد بدأ في أيام الرئيس السابق فيسنت فوكس، وأن المساعدات الأميركية في عهد هذا الأخير، ركزت على العمل على تحسين قاعدة البيانات المكسيكية، وعلى تدريب رجال الضبط الجنائي، وعلى دعم المكسيك بالأجهزة والمعدات اللازمة لضبط النقاط الحدودية· ولا خلاف على أن التعاون في هذه المجالات يجب أن يكون جزءاً من الاتفاقية الجديدة بين البلدين·· غير أن هناك جوانب في تلك الصفقة ستواجه صعوبة في اعتمادها، والموافقة عليها، ووضعها موضع التنفيذ· والمتوقع أن تجد إدارة بوش -والكونجرس كذلك- أنه يتعين عليهما أن يتخليا عن مشاعر عدم الثقة السائدة فيما بينهما، إذا ما كانا يريدان حقاً التوصل إلى صفقة طويلة الأمد يمكنها أن تحصل على ما تحتاج إليه من مخصصات، وتتمتع بدعم طويل الأمد كذلك من الحزبيين الرئيسيين في أميركا· وهناك حاجة إلى إشراك مشرِّعي القوانين في الولايات المتحدة في عملية التفاوض بحيث يمكنهم أن يثقوا في الخطة، وأن تدفعهم هذه الثقة إلى عدم اللجوء إلى المبالغة في التدقيق والتركيز على التفاصيل في برنامج إدارة الحرب ضد احتكارات المخدرات حتى لا يؤدي ذلك إلى التأثير على الروح المعنوية لأصدقائنا المكسيكيين· ويجب علينا كذلك أن نعمل على تحقيق التوازن الدقيق بين مشاركة الكونجرس الفعلية في المفاوضات، وبين الاستمرار في إشرافه على العملية بصفته جهة تشريعية وذلك من أجل ضمان استمرار التمويل والدعم السياسي· و يجب علينا أن ندرك جيداً أن الانتظار حتى يتم استكمال الدورة المعتادة لآلية اعتماد المخصصات في الكونجرس سيؤدي إلى تأخير هذه الخطة لمدة ثمانية شهور على الأقل· ويجب على الرئيس بوش من جانبه أن يعمل على التحرك بسرعة للمطالبة بمخصصات إضافية، كما يجب على الكونجرس أن يقوم بأداء الدور المنوط به على الوجه الأكمل وبالسرعة الواجبة التي تتطلبها تلك العملية، كما يجب على الحكومة أن تعيد طمأنة شركائنا المكسيكيين بأن هناك مساعدة ذات شأن قادمة في الطريق· ويجب على الولايات المتحدة بالإضافة إلى ذلك أن تظهر من خلال تصرفاتها أنها ملتزمة بدعم وتعزيز برنامج مكافحة المخدرات المشترك، وأنها لن تسعى إلى السيطرة عليه من أجل بناء الثقة المتبادلة بين الجانبين· ومن المفهوم في هذا السياق أن أياً من البلدين لن يكون راغباً في التخلي عن سيادته على أراضيه· وفي هذا المجال قد يقدم لنا الأسلوب الأوروبي في التعاون في مثل هكذا قضايا، والذي يترك مسؤولية فرض القانون للسلطة الوطنية وللشرطة المحلية بالتنسيق مع الدول الأخرى في مجال تبادل المعلومات وتحليل نوعية التهديدات وتقديم الدعم الفني، نموذجاً يمكن احتذاؤه· ومن حسن الحظ أن خطة التطوير الوطني التي قدمها الرئيس كالديرون تعمل على تعزيز ثقافة المساءلة والشفافية واحترام حكم القانون، وهذا ما يؤدي إلى تعزيز المؤسسات المكسيكية وتحصينها ضد الفساد، وهو ما يساعد تلك المؤسسات ويفتح الباب أمامنا لتقديم المزيد من المساعدات القيِّمة لأصدقائنا حتى يتمكنوا من كسب هذه الحرب الشرسة ضد بارونات المخدرات التي تدور بالقرب من عتبة دارنا· زميل زائر بمعهد أميركان انتربرايز ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©