السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تمييع بنود الاتفاق مع إيران

2 ابريل 2016 22:58
مثل معظم الأميركيين، كان لديّ انطباع يفيد بأن المفاوضات النووية مع إيران ستنتهي في شهر يوليو. وكان هناك مؤتمر صحفي عقد في فيينا تناول القرار الصادر عن الأمم المتحدة الذي يرفع العقوبات عن إيران ليعقب ذلك نزاع داخل الكونجرس بين مؤيد ومعارض لهذه الصفقة. وقد غلبتني الشكوك أكثر من أي وقت مضى عندما لاحظت أنه ما من أحد على الإطلاق كان مطلوباً منه أن يوقع على أي شيء في نهاية المفاوضات، أو عندما لم تكن الصفقة قد أحيلت على الكونجرس للتداول بشأنها باعتبارها معاهدة تحتاج إلى تصديق. وفيما أثبتت الحقائق أن الإيرانيين قد تخلوا بالفعل عن المواد النووية الحساسة، وعمدوا إلى تعديل المواصفات الهندسية لمواقعهم النووية، وسمحوا بإجراء المزيد من عمليات المراقبة والتحقق، إلا أنهم أظهروا أيضاً رغبة كبيرة في المساومة على المواعيد والتنصل من التقيد ببعض الالتزامات. والآن، ووفقاً لتقرير صادر عن وكالة «أسوشيتدبرس»، فإن إدارة أوباما تفكر بتغيير القانون بحيث تسمح لبعض الشركات الإيرانية باستخدام المؤسسات المالية الواقعة فيما وراء البحار لاستثمار دولاراتها في تجارة العملات. وعندما عمد البيت الأبيض إلى تمرير الاتفاقية إلى الكونجرس، قال مسؤولون كبار في وزارة الخزانة إن الاتفاقية النووية لا تسمح بإجراء مثل هذه الصفقات المالية، لأن النظام المالي الإيراني كثيراً ما التصقت به تهمة غسل الأموال. ولم يكن هذا التساهل الصادر عن البيت الأبيض وارداً في نص الصفقة التي تم الاتفاق عليها في شهر يوليو الماضي، وقد نصت على رفع العقوبات ذات العلاقة بالبرنامج النووي الإيراني فقط، ولكنها أبقت على بعض العقوبات بسبب دعم إيران للإرهاب وخرقها لحقوق الإنسان وأيضاً بسبب برنامجها الصاروخي. وفي كلمة ألقاها يوم الخميس الماضي عضو الأقلية «الديمقراطية» في مجلس النواب «ويب ستيني هوير»، أعلن أنه لن يمتثل للتغيرات القانونية التي أعلن عنها البيت الأبيض، وقال: «أريد أن أعبر بوضوح عن مخاوفي من أن تكون الإدارة الأميركية قد أكدت بأنه لن تكون هناك تنازلات إضافية بعد تلك التي تم النقاش حولها وعرضها على الكونجرس. وأنا لا أؤيد منح إيران أي مميزات جديدة من دون تنازلات مقابلة». إلا أن الإيرانيين لا ينظرون إلى الموضوع بهذه الطريقة. وخلال الشهر الماضي، اشتكى خامنئي من أن الولايات المتحدة لا تلعب الدور المطلوب منها لإتمام الصفقة. وهدد بأن إيران يمكن أن تتراجع عن التزاماتها إذا لم تبذل الولايات المتحدة جهداً أكبر لإقناع البنوك والشركات بأن الاستثمار في إيران آمن تماماً. وهذا هو المثال الأخير في سلسلة تنازلات حصلت عليها إيران. وخلال الصيف الماضي، قال وزير الخارجية جون كيري، أمام أعضاء الكونجرس، إن قرار الأمم المتحدة الذي وضع حداً للمقاطعة الدولية لإيران بسبب برنامجها النووي كان من المفترض أن يتضمن اللغة الحازمة التي تمنع طهران من اختبار صواريخها البالستية. وفي يوم 28 مارس الماضي، تم توجيه رسالة مشتركة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة رفضت بوضوح أن تطلق على التجربة الصاروخية الإيرانية صفة «الخرق» للقرار الذي اتخذته الولايات المتحدة بحق إيران! وحتى البيت الأبيض ينظر إلى التجارب الصاروخية بطريقة مختلفة. وخلال الأسبوع الماضي، قال «بين رودس» نائب مستشار الأمن الوطني للاتصالات الاستراتيجية، أمام حشد من الصحافيين إن اختبارات الصواريخ الإيرانية ليست جزءاً من اتفاقية يوليو النووية، وهذا شيء غريب لأن معظم الخبراء يعتبرون أن الصواريخ التي يمكنها أن تحمل الأسلحة النووية لابد أن تكون جزءاً من البرنامج النووي للبلد المعني. ولنتذكر أن المساجلات بهذا الصدد كانت قد بدأت الصيف الماضي عندما أكد الرئيس أوباما بذاته أمام الكونجرس والرأي العام الأميركي أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تمتلك القدرة على تفتيش أي موقع تشتبه به أو ترغب في تفتيشه. إلا أن الإيرانيين كثيراً ما كرروا أقوالهم من أن منشآتهم العسكرية بعيدة عن هذا اللغط ولا يمكن استباحتها مهما كانت الأسباب. وجاء الدليل على تمسك إيران بهذا الموقف عندما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن خطة لتفتيش منشأة «بارشين» النووية، إلا أن الإيرانيين رفضوا السماح للمفتشين الدوليين بالدخول وسمحوا به لمدير الوكالة وحده، وتم استقباله فيها بطريقة استعراضية احتفالية. وكان قد سمح للإيرانيين بجمع العينات بأنفسهم من الموقع من أجل تحليلها فيما بعد. ويمكننا أن نستنتج من كل ذلك أن النصوص الواردة في الصفقة النووية تتغير من دون انقطاع، ولصالح إيران. *محلل أميركي متخصص في العلاقات الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©