الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستفتاء على الدستور الجديد.. اختبار سياسي لـ "عسكر تايلاند"

الاستفتاء على الدستور الجديد.. اختبار سياسي لـ "عسكر تايلاند"
18 أغسطس 2007 04:43
تفيد استطلاعات الرأي بأن الناخبين في تايلاند سيوافقون بأغلبية كبيرة على الدستور الجديد الذي يقترحه المجلس العسكري الحاكم في استفتاء يجرى غداً· وينظر إلى هذا الدستور، الذي ينتظر أن يحد من سلطة الأحزاب السياسية ويزيد من سلطة الموظفين والقضاة غير المنتخَبين، باعتباره ردة فعل على حكم رئيس الوزراء السابق ''تاكسين شيناواترا'' الذي خُلع من السلطة في سبتمبر الماضي· ومما يذكر هنا أن النخبة الحضرية في البلاد كانت تعتبر أن لدى ''تاكسين''، الذي جعلته سياساته الاقتصادية الشعبوية بطلاً في أوساط فقراء تايلاند الريفيين، سلطات واسعة جداً· ورغم أن الكثير من التايلانديين يعتبرون الدستور الجديد، الذي يرتقب أن يضفي الشرعية على انقلاب سبتمبر الماضي، خطوة إلى الوراء بالنسبة للديمقراطية في تايلاند، فمن المرجح أن توافق عليه أغلبية من الناخبين باعتباره خطوة أولى نحو الانتخابات البرلمانية التي كان المجلس العسكري الحاكم قد وعد بإجرائها في ديسمبر المقبل· وفي هذا الإطار، تقول ''سوالوك برومسوبا''، وهي بائعة أقراص ''دي في دي'' في بانكوك: ''سأذهب لأصوت بـ''نعم'' في التاسع عشر من أغسطس''، وذلك بالرغم من أنها لا تعرف الكثير حول الوثيقة على غرار الكثيرين، مضيفة ''والسبب بسيط جداً: أريد أن تنظَّم الانتخابات في نهاية العام حتى يعود السلام إلى بلدنا· أما إذا صوت بـ''لا''، فإن هذه الأمور المجنونة التي تحدث لتايلاند لن تنتهي''· والحقيقة أن التصويت في حد ذاته لا يقدم خيارات كثيرة على اعتبار أن الجنرالات يستطيعون اختيار أي دستور وإدخال أي تعديلات يرغبون فيها عليه في حال رفضه الجمهور· إلا أن زعماء المجلس العسكري الحاكم يستعملون كل الوسائل المتاحة لضمان مشاركة كبيرة في الاستفتاء نظراً لأن من شأن مشاركة ضعيفة أو هزيمة مفاجئة أن تضعف شرعية الحكومة المنصبة من قبل العسكر· هذا ويشكل تصويت غدٍ المرة الأولى التي يذهب فيها التايلانديون إلى مراكز الاقتراع منذ الانقلاب العسكري· ويرى المنتقدون أن الدستور الجديد يهدد بعودة البلاد إلى مرحلة ما قبل تاكسين (التسعينات)، وهي فترة تميزت بضعف الحكومات وتغيرها· وفي هذا السياق، يقول ''سومشاي باكباتويوات''، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ''تاماسات'' في بانكوك: ''أعتقد أن الدستور سيحظى بالموافقة نظراً لأن الحملة الدعائية التي أطلقتها الحكومة واسعة جداً وشملت كافة أنحاء البلاد''، مضيفاً ''ولكن الديمقراطية التايلاندية سترجع بمرور الوقت إلى مرحلة ما قبل دستور ،1997 عندما كانت فترة بقاء الحكومات في السلطة قصيرة جداً· إنها قصة قديمة مألوفة''· بالمقابل، يقول المؤيدون: إن الدستور الجديد جاء بتحسينات بالنسبة للمجتمع المدني، وإنه يوسع سلطة وسائل الإعلام، ويتيح للمواطنين إمكانية تقديم التشريعات· غير أن أحد أكثر فصول الدستور الجديد إثارة للجدل يجيز لسبعة أعضاء من لجنة معظم أعضائها من القضاة أن تعيِّن نصف أعضاء مجلس الشيوخ تقريباً، علماً بأن أعضاء الغرفة العليا من البرلمان كانوا جميعهم يُنتخَبون بشكل مباشر في السابق· وعلاوة على ذلك، فإن الدستور الجديد يبرئ ساحة الجنرالات من أي ذنب، وهو فصل يقول المناوئون للدستور: إنه يفتح الباب أمام انقلاب آخر مستقبلاً· وفي هذا الصدد، يقول ''كانين بونسوان''، الخبير في القانون الدستوري الذي ساهم في تحرير دستور 1997: ''إن الدستور غير ديمقراطي وينسف توازن السلطات بين السياسيين المنتخبين والبيروقراطية''، مضيفاً ''ثم إنه يعامل السياسيين المنتخبين كما لو كانوا مجرمين في حاجة لمن يراقبهم''· وقد حث ''تاكسين''، الذي ظل حديث الصحف في المنفى بعد شرائه لفريق ''مانشيستر سيتي'' لكرة القدم، أنصاره على التصويت ضد الدستور· ويذكر هنا أن الجيش مازال يواصل ضغوطه على رئيس الوزراء السابق؛ حيث أصدرت محكمة تايلاندية في وقت سابق من هذا الأسبوع مذكرتي اعتقال في حقه وزوجته بتهمة تعارض المصالح في قضية شراء أرض عام ·2003 كما تعهدت السلطات بالتقدم بطلب استلامه من انجلترا· وبالرغم من أن حزب ''تاكسين'' السابق (تاي راك تاي) فاز في الانتخابات العامة الثلاثة الماضية، بما في ذلك تصويت أبريل 2006 الذي ألغى القضاء نتائجه في الأخير، فإنه من غير الواضح ما إن كان الدعم الريفي القوي للحزب سيُترجَم إلى تصويت بـ''لا''· والجدير بالذكر أن أعضاء الحزب أعادوا تنظيم صفوفهم تحت اسم جديد ويخوضون حملة ضد الاستفتاء، غير أن الحكومة تضيِّق الخناق على أنشطتهم· ذلك أن القانون العرفي مازال قائماً في الكثير من المناطق الريفية في الشمال الشرقي الفقير الذي كان يشكل قاعدة دعم لـ''تاكسين''· كما أمر قائد الجيش وزعيم الانقلاب ''سونثي بونياراتجلين'' الجنود بالمساهمة في ''تعليم'' الشعب وإطلاعه على مقتضيات وأحكام الدستور الجديد· وإضافة إلى ذلك، فقد ربطت لوحات الدعاية الكبيرة، التي تحث الناس على المشاركة في الاستفتاء، التصويت بـ''نعم'' بحب ملك تايلاند، الذي يحظى بالاحترام والإجلال في البلاد ويعتبر خارج السياسة· مهما يكن، فإن الدستور الجديد لا يقدم ما يكفي من أجل رأب الانقسام السياسي الكبير بين النخبة الحضرية في بانكوك والناخبين الفقراء في المناطق الريفية، والذين مازال العديد منهم يدعمون رئيس الوزراء المخلوع· والواقع أنه بإمكان أنصار ''تاكسين'' تحقيق نتائج جيدة في الانتخابات العامة المرتقبة نهاية هذا العام رغم العراقيل التي ينصبها زعماء الانقلاب؛ غير أن من شأن انتصار لأعضاء ''تاي راك تاي'' السابقين أن يؤدي إلى مزيد من الاضطراب في المستقبل· وتقول ''إينثيرا باكاوان''، التي تنحدر من إقليم ''أوبون راتشاثاني'' في شمال شرق البلاد وتعمل نادلة بمقهى في بانكوك: ''لا أعرف الكثير حول الاستفتاء أو الفروقات بين الدستورين الجديد والقديم· كل ما أعرفه هو أنّ الناس في بلدتي يحبون ''تاكسين''؛ ولو كان ثمة شيء يمكن أن يعيد تاكسين إلى السلطة، لصوّتُّ عليه''· مراسلة كريستيان ساينس مونيتور في بانكوك ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©